قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ

عبد المجيد الفريج

عمرٌ يسافرُ بالأحلامِ مُحتَمِِلا

جُرْحَاً وما كانَ بالأحزان مُرْتَحِلا

يَرميْ بهِ الوَجدُ في آمالِ عاشقةٍ

تُصافحُ النّارَ حتّى تَشربَ الوَشَلا

مَشغُوفَةَ الرّوحِ لا تَدريْ لواحظُها

بمُدنفٍ بِهواها ظلَّ مُكتحِلا

كانتْ تقولُ لهُ : أشتااااااقُ ..يَحمِلُها

فوقَ السّماءِ ويَهدي رُوحَها القُبَلا

مَضتْ تُعانِقُ صوتَ الرِّيحِ غارِقَةً-

ليلَ الشِّتاءـِ بِحضنٍ فَارَ مُشتعِلا

صوتُ المَواويلِ ما زالتْ تردِّدُهُ

حتَّى بدا قلبُها للحبِّ مُمْتثِلا

غَنّى على نَجمةٍ حَارَ الظَّلامُ بهَا

رُغم َالمَسَافاتِ يَدعُو النُّورَ منهُ إلى

يا أيُّها الفَرَحُ المَخبُوءُ خُذْ بِيَدِيْ

أمَا أتَيتُكَ أشْكوْ الحُزْنَ مُبْتَهِلا؟؟

لَو كُنْتَ ألْفَيتَ رُوحِي بَعْدَ مَا عَشِقَتْ

لَمَا ابْتعدْتَ وقَدْ أدْركْتَنِي ثَمِلا

مَاذا تُفيدُ حِكاياتٌ أُدَثِّرُهَا

والنَّاسُ تَقراُ في وجْهيْ هوىً أَفَلَا؟

عُدْ ليْ فَمَا عادَتِ الأحْلامُ تُنعِشُني

جَفَّتْ غُصوني ولم تنضحْ لَها بَلَلَا 

وكمْ صرختُ ولمْ تسمعْ وظنُّكَ بي 

ذئبٌ ولكنَّني لمَّا  أزَلْ حَمَلا

تشقَّق العمرُ مذْ غيماتُهُ حَملَتْ

طعمَ الرَّصاصِ فأشقاني بما حمَلا

عدْ طيفَ أنسٍ فإنَّ الوحشةَ اختَمرتْ

والرُّوحُ ظمأى لتُسقى منكَ كأسَ طلا

وَدَعْ سماءَكَ بردًا كي ألوذَ بهِ

من شوقِ قلبي الذي عن ضفَّتيكَ جلا

عبرتُ كلَّ دروبِ اليأسِ  حين بدتْ

فردًا لأحضنَ فيكَ البأسَ والأملا

فكنْ كما أنتَ جبارًا فما حفِظتْ

عنك الأساطيرُ إلا مجدَكَ الأثِلا

واتركْ قوافلَ مَن ساروا بغير هدى

سبعين عامًا نضالًا يحملُ الجَدَلا

منذُ الرواياتُ أحرقْنا الفصولَ بها

للثأر موقدُنا بالقدسِ ما اشتعلا

سبعون عامًا وأرضُ الطاهرين تُرى

فيها الينابيعُ للأنجاسِ مُغتسَلا

و كم حُشِدنا ودرب القدس مزدحم

بالراجماتِ وأمرُ الرَّجمِ ما وصلا؟

وإن رأينا بنود الشّرِّ خافقة

قلنا لنا الحقُّ في أن نتركَ العملا

فيا بلادي التي فاضتْ معارفُها

على المجرَّاتِ حتَّى أغرقَتْ زُحلا

كيفَ ارتضيتِ على كل العروشِ بنا

ألاَّ يعانقها إلا الذي سفُلا

متى أراكِ على كلِّ التخومِ تدو

سين الأذلاءَ أن كانوا هم العُملا

لم يصنعوا لكِ إلَّا الجهلَ حينَ رأوا

أنَّ العظيماتِ لا تستعظِمُ الجُهلا

فهل مشيتِ على الأشواكِ حافيةً

لو لم يكنْ رأسُ هذا العرشِ مُنتعلا؟

وهلْ رأيتِ على مرِّ الزمانِ هنا

سوى الكلابِ تسوسُ الناسَ والدُّولا؟

تلكَ الدُّروسُ حفظناها مكرسةً

لكلِّ شرذمةٍ تمشي بنا خَطَلا

إنْ أمِّرَتْ نفَّذتْ ما كانَ ضائرَها

شعبٌ لغيرِ كتابِ اللهِ ما امتثلا

وإنْ تركتَ لها أمرًا أتتْ سَفَهًا

وأسفَهُ الناسِ منْ لمْ يدرِ ما فَعَلا

فإنْ طعنتَ بها قالتْ شققْتَ عصًا

وحمَّلتكَ منَ الآثامِ ما ثقُلا

وكمْ لعنتُ فؤادي حينما  سألتْ

روحي النَّجاةَ ونبضُ القلبِ ما سألا

كَفرتُ بالله ؛ هذا ما اتُّهمتُ بهِ

وكانَ ذنبيَ أنْ لمْ أتبعْ هُبَلا

وسوم: العدد 764