رِحْلَةُ الصّبَاحِ والمساء

د. عز الدين أبو ميزر

أرَى كُلَّ شيءٍ عَليكِ تَعَوّدْ

نَهَاري وَليْلي عَليكِ تَعَوّدْ

وَمِنْ عَجَبٍ أنّ أمسي الّذي

تَوَلّى وَمَرّ عَلَيَّ تَمَرَّدْ

فَيَا نَبَضَ القلبِ في خَافِقي

وَيَا فَرَحَ الرّوحِ في نَاظِري

أراكِ عَلَى البُعْدِ في خَاطِري

خَيَالً جَميلًا

يُجَاوِزُ كُلّ حُدودِ الخَيَالْ

وَيُغلِقُ كلَّ الدّروبِ عَلَيْ

لِمَاذا أتَيتِ ...؟

وَمِنْ أينَ جِئتِ ...؟

وَهَلْ قَدَرُ اللهِ أُنْفِذَ فِيّْ

وَمَا عُدْتُ أمْلِكُ بَينَ يَدَيّْ

مَفَاتِحَ أبوَابِ هَذَا المُحَالْ

وَيَبْقَى السّؤَالْ

لِمَاذا ..وَأينَ ..وَحَتّى مَتَى

بِغيرِ جَوَابٍ يَظَلّ السّؤالْ

بِغَيْرِ جَوَابٍ يَظَلُّ السّؤَالْ

وَيَحْمِلُني الشّوقُ كلَّ صَبَاحٍ،

لِأقطِفَ مِنْ خَدّهَا وِردَةً

وأهمِسُ في أذْنِهَا هَمسَةً

أُقَبِّلُ ثَغرا ...

وَأعصِرُ خَمرَا ...

حَلَالاً زلالاً

وَنَحيَا اشْتِيَاقَا

وَنَفنَى عِنَاقَا

يُطَيّرُنَا الشّوقُ فَوقَ جَنَاحٍ

كَمَا الدّهرُ يَطوي

بِلَحظَةِ عُمْرٍ شُهورًا طِوَالْ

لِنَصحُوَ والشّوقُ يَمسَحُ عَنّا

لَذيذَ العَنَاءْ

لِنَبدَأَ رِحْلَتَنَا مِنْ جَديدٍ،

فَقد غَرَبَتْ شَمسُ هذَا النّهَارِ وجَاءَ المسَاءْ

نُغَازِلُ فيهِ نُجومَ السّمَاءْ

وَنَحكي الحِكَايَاتِ عن حُبّنَا

وَنَهمِسُ لِلّيْلِ في أُذْنِهِ

خَفَايَا الصّدورِ وَأسْرَارَنَا

وَتَجري بِنَا الرّيحُ وَهْيَ رُخَاءْ

لِتَعْبُرَ فينَا فَضَاءَ الفَضَاءْ

وَنَقْضِيَ أجْمَلَ سَهْرَاتِنَا

وَنَغفُوا ....لنَصحُوا

عَلَى همسةٍ،

يُوَشْوِشُهَا الصّبْحُ في سَمْعِنَا

وَقد كَشَفَ السِّرَّ مَا بَيْنَنَا

وَأفْرُكُ عَيْنيّ بالرّغْمِ مِنّي

وَكُلّي انْتِشَاءْ

بِشَيْءٍ نُسَمّيهِ:

حاء وباء.

وسوم: العدد 764