كيف المنامُ

محمد مبارك الأحمد

هلْ بعْدَمَا حَلَّ بِالفِيْحَاءِ مُنْتَظَرُ

يَا قَادَةَ العُرْبِ أَينَ السَّمْعُ وَ البَصَرُ

هَلْ تَكْذِبُ الأُذْنُ وَ الصَّيْحَاتُ  داوِيةٌ

أَمْ  تَكْذِبُ العَيْنُ فِيمَا جَادَتِ الصُّورُ

أَمْ أَنَّ أَعْيُنَكُمْ لِلزَّهْرِ قَدْ خُلِقَتْ

وَ لَيْسَ لِلسَّمْعِ إِلَّا  العُودُ وَ الوَترُ

أَعْمَاكُمُ الفِلْسُ عَنْ أَنَّاتِ أُمَّتِكُمْ

كَي لَا تَرَوْا غَيْرَكُمْ بالجاهِ يَفْتَخِرُ

يَا قَادَةَ السُّحْتِ فِي أَحْضَانِ عَاهِرَةٍ

وَ تَدَّعُونَ حُقُوقًا مَا لهَا أَثَرُ

أَمَا شبِعْتُمْ  عَلَى الشَّاشَاتِ مِنْ جُثَثٍ

أَطْرَافُهَا  بُتِرَتْ وَ الرَّأْسُ مُنْعَفِرُ

مَا ذَنْبُ أَفْلاذِنا فِي الشَّامِ تُمْطِرُهُمْ

هَذِي السَّمَاءُ بِمَا يَعِيَا بِهِ  الحَجَرُ

أَكْبَادُهِمْ  ظَمِئَتْ وَ البَطنُ خاوِيةٌ

حَتَّى الحَشَائِشُ قَدْ أَزْرى بِهَا المَطَرُ

لَا يَعْرِفُونَ لِوَجْهِ الشَّمْسِ بَهْجَتَها

فَفِي الشَّآمِ تَسَاوَى النُّورُ وَ السَّحَرُ

هَذِي القِيَامَةُ فِي الفِيْحَاءِ قَدْ بَدَأَتْ

وَ غَارَتِ الأَرْضُ ثُمَّ انْهَارَتِ الجُدُرُ

عَلَى الوَلِيدِ الَّذِي مَا نَالَ مَنْ لَبَأٍ

وَ وَدَّعَتْ ظِئْرُهُ فِي قَصْفٍ مِنْ  كَفَرُوا

الطَّائِرَاتُ لِعَرْشِ المِسْخِ  تَحْصُدُهُمْ

وَ الأَرْضُ مِنْ حَوْلِهِمْ بِالمَوْتِ تَسْتَعِرُ

تَشَابَهَتْ فِي دِيَارِ الشَّامِ أَزْمِنَةٌ

فَمَنْ تَبَقَّى بِهَا يَحْيَا كَمَنْ  طُمِرُوا

وَ مَجْلِسُ العُهْرِ كَلْبُ الرَّوْمِ يُفْسِدُهُ

حَتَّى يَرَى ذَيْلَهُ فِي الشَّامِ  يَنْتَصِرُ

وَ كُلُّهُمْ مِثْلُهُ مِنْ رَحمِ زانِيةٍ

وَ كلُّ  زَانٍ لَهُ فِي مثْلهَا وَطرُ

فَكَيْفَ تنْجِبُ مَنْ فَاضَتْ مُرُوْءَتُهُ

لِيُرْتَجَى مِنْ يَدَيْهِ  النَّصْرُ وَ الظَّفَرُ

مَا كَانَ ذَنْبُ صِغَارِ الشَّامِ إِذْ  حَلُمُوا

أَلَّا يكُونَ عَلَى أَحْلَامِهِمْ  صَغَرُ

وَ أَنْ يُشِيدُوا عَلَى عَدْلٍ حَضارَتَهُمْ

وَ تَزْهُو مِنْ عِلْمِهِمْ رَايَاتُها الغرَرُ

يَا قَادَةَ العُرْبِ هَلْ  فِيكُمْ لِصارِخَةٍ

يَهُبُّ مُعْتَصِمًا لِلعِرْضِ  يَنْتَصِرُ

كَيْفَ المَنَامُ وَ لَمْ تُوُفُوا بِذِمَّتِكُمْ

نَحْوَ الشَّآمِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّوَرُ

فَأَيُّ عُذْرٍ لِمَنْ  مَازَالَ  يَخْذِلُها

بَلْ  كَيْفَ  فِي  شَأْنِهَا لِلحَقِّ يَعْتَذِرُ

وسوم: العدد 764