صوتُ الفناءِ على الأنام ينادي = لا تغفلوا عنِّي من الميلادِ
وأنا أمُرُّ عليكمُ في موعدٍ= فتجهزوا قبلَ الرَّدى بالزادِ
يا مَن مضى لله في عليائِهِ= بُشراكَ ، هذي فرحةُ الميعادِ
هذي حياتُكَ إنما هي جنّةٌ= فيحاءُ فيها العِطرُ للعُوَّادِ
وبها النَّدى الموَّارُ في جنباتِها= زاهٍ بما خلَّفتَ مِن أمجادِ
كم صُغْتَ مِن ألم العناءِ حلاوةً= للخُلْدِ ، لا للعيشٍ في إخلادِ
لترى عيونَ القدس تسكبُ دمعَها= حُزناً لفقدِكَ تشتكي يا فادي
قد عشتَ طولَ الدهر عاشقَ سِحْرها= متشبثاً مِن عشقِها بجهادِ
كم كنتَ رغم البُعدِ تحملُ همَّها= والشوقُ يرمي مُهجَةً بسُهادِ
ويهودُ خلفَكَ بالمكائدِ ترتدي= ثوبَ الفجورِ وخِسَّةَ الإرصادِ
أولاكَ رَبُّ الناس منهُ كرامةً= فانعمْ بما ترضى مِن استشهادِ
" ياسينُ" شيخُكَ في انتظاركَ والألى= سبقوكَ للجنَّاتِ مِن رُوَّادِ
فاهنأْ بخُلْدِكَ بالجمال وبالسَّنا= ودمُ الشهيدِ إلى الكرامةِ حادِ
شَرَفٌ لمِثلي أن أضمِّخَ أحرُفي= ذِكْراً لكم يزهو بهِ إنشادي
مَعَ مَنْ أحبَّ المرْءُ يُحشَرُ كمْ أرى= فيها جوامعَ عُدَّتي وعتادي
كمْ ذا يُحدِّثُ مهجتي بفدائكمْ= طولَ المَدى قبلَ اللسانِ فؤادي
بكمُ يطيبُ ليَ اللقاءُ ، وإنْ نأتْ= بي هِمَّتي ، فقد ادَّخَرْتُ ودادي