الفارسُ الصنديدُ هذا الفادي = شبلُ البطولةِ في الغمارِ البادي
وصفيُّ أهلِ الذكرِ في محرابِهم = مَن قارعوا الأعداءَ بالأكبادِ
العالمُ الفذُّ النَّجيبُ تَمَيُّزًا = في عالَم الألبابِ وابنُ الضَّادِ
هو من كرامِ القومِ من أعيانِهم = وأولي البصائرِ صفوةِ الآحادِ
الصَّامدون ولليهودِ عُتُوُّهم = بئسَ العُتُوُّ يُدافُ بالأحقادِ
من ركبِ مجدِ كتائبِ التوحيدِ لم = تُذعنْ لأيِّ مكيدةٍ وعوادي
فادي : ولم يركنْ لسالبِ أرضِه = واختارَ في الميدانِ خيرَ الزَّادِ
ومضى بهمَّةِ مؤمنٍ يأبى الونى = وضراوةَ الإبعادِ والأصفادِ
هبَّتْ بصدرِ إبائِه ريحُ الفدا = ونسائمُ الجنَّاتِ في ذا الوادي
ربَّتْهُ أختُ المجدِ في فيءِ الهدى = ورعتْهُ شوقًـا ضمَّـةُ الأمجادِ
ماشأوُها لولا العقيدةُ لم تكنْ = هي للشبابِ الروحُ في الإعدادِ
هذي فلسطينُ الحبيبةُ تُفتَدَى = بالأهلِ والأبناءِ والأحفادِ
الأُمَّـةُ الثَّكلى وإن طالَ المدى = فالدمعُ لا يلوي يــدَ الجلاَّدِ
سُلبَتْ رحابُ القدسِ رغمَ أنوفِنا = رغمَ الملايين التي ببلادي
رغمَ العتادِ ، ورغمَ أموالٍ لها = لم تُجْـدِ من سيلِ الأذى المتمادي
قالَ النَّبِيُّ المصطفى من قبلُ لو = علمَ الرجالُ مصيرَ هذا العادي !
ستقاتلون يهودَ فانتظموا إذا = أنَ الأوانُ بتلكُمُ الأنجادِ
ستزولُ إسرائيلُ هذا وعدُه = صلَّى عليه اللهُ خيرَ مُنادي
كم عاندتْ ربَّ السَّماءِ وعربدتْ = من أقدمِ الأزمانِ والآبادِ
فهي النُّبُوَّةُ ليس منطقُها الهوى = فيها بيانُ حقيقةٍ و رشادِ
فَلْتَصْحُ أُمَّتُنا فإنَّ نفيرَهم = سيُبادُ يومَ الفصلِ في الميعادِ
وهي الروايةُ ليس من وهمٍ أتتْ = أو كاهنٍ يهذي من الإسهادِ !
أو سامريٍّ غَـرَّه هذا الونى = فبصيرةُ الأبرارِ في الآرادِ
هم يعلمون مصيرَ كلِّ مضلِّلٍ = وسجلَّ سيرتِه من الميلادِ
هيهاتَ تنسى القدسَ أُمَّتُنا وهل = تنسى الأمانةَ أُمَّةُ الزُّهَّـادِ !
أرأيْتَ زهوَ الروحِ في جسدِ الفتى = هذا الشهيدُ فتى المآثرِ فادي
هذا التَّقيُّ الصَّالحُ القوَّامُ ما = أوْهَى قُواهُ تَعَنُّتُ الأوغادِ
آذوهُ واغتالوهُ لكنْ روحُه = لمَّــا تزلْ فيَّاضةَ الإرفادِ
فادي ! وما أدراكَ ما فادي وقد = هـزَّ الكيانَ بزهوِه الميَّـادِ
هابُوهُ إذْ لــم تلوِ كِبرَ نفوسِهم = إلا النُّهى في أطهرِ الأجسادِ
سبعونَ عامًـا والجُذى وقَّـادةٌ = في كلِّ صدرٍ بالهدى وقَّـادِ
في أُمَّـةٍ فيها مصابيحُ الفدا = لم تنطفئْ في مهجةٍ و فؤادِ
فيَّاضةٌ ثجَّاجةٌ هدَّارةٌ = تلك القلوبُ بعزَّةٍ و جهادِ
وعقيدة تبقى على طولِ المدى = عاشتْ ولم يكنِ الهدى لنفادِ
يبقى فدينُ اللهِ ليس بغائبٍ = رغمَ العتاةِ ، وضجَّةِ الإرعادِ
رغمَ التآمرِ والمكائدِ والأسى = وعواصفِ الأهوالِ والأحقادِ
رغمَ التَّداعي اليوم من دولِ الأذى = والعنفِ والإرهابِ والأعدادِ
رغمَ الدمِ الفوَّارِ يدفقُ منشِدًا = فيهزُّ أهلَ الحقِّ صوتُ الشَّادي
من مهجةِ الليلِ البهيمِ أتى الفتى = إذْ لاحَ بالنُّورِ الوضيءِ الهادي
وبدا بوجهِ المعتدين وقد علا = فوقَ الخطوبِ على ذرى الأطوادِ
وهـمُ الأذلَّـةُ تحتَ ضبحِ حذائِه = وله عيونُ النسرِ بالمرصادِ
فادي ، وإن قتلوهُ شتَّتَ شملَهم = دمُـهُ ويهتفُ في الطريقِ الحادي
هيهاتَ يبردُ فالشهيدُ دماؤُه = تُذكي الحماسَ و وهْجُها لجِـلادِ
مَن قالَ : غابتْ شمسُه خلفَ الدجى = شمسُ الشهيدِ : ضياءُ عزٍّ بادِ
ولربَّمـا تُطوَى صحائفُ غيرِه = ممَّـنْ تعالى نَبْحُهُم لكســـادِ
لكنَّه الصَّوتُ المجلجلُ في المدى = كالرعدِ في الآفاقِ كالإنشادِ
قُـلْ للصهاينةِ الغزاةِ لقاؤُنـا = آتٍ وما لبقائِكم من زادِ
فالقدسُ إسلاميَّةٌ عربيَّةٌ = عُمَرِيَّةُ الأفياءِ والأبرادِ
تُفدَى بكلِّ نفائسِ الدنيا ولم = تُهجَرْ بسابِقِ عهدِهـا للعادي
خسئَ الذين تطاولوا فالقدسُ لا = ترضى بغيرِ رعايةِ الرُّوَّادِ
وتلاوةِ القرآنِ في محرابِها = وطهارةِ الأحناءِ في المُرتادِ
تبقى وربُّك ربُّها ونصيرُها = أبدا وشُلَّتْ لليهودِ أيادِ