إلى الدكتور الفاضل علاء الدين محمد شفيق العارف المهلهل حفظه الله
) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) 124/ النساء
( وإلى جميع المحسنين الأبرار على امتداد عالمنا الإسلامي الجريح ، أولئك الذين واسوا الثكالى والأرامل والأيتام ، وأعانوا المحتاجين على وطأة المصيبة الكبرى التي حلَّت بالأمة وقسوتها في زمن الانكسار الذي حلَّ بأرجائها ، أولئك الأبرار الذين تقربوا إلى الله سبحانه بوقف خيري أو أهلي من خلال الصدقة الجارية ، وبأي دعم مادي يحقق كفاية المحتاجين ، ويشيع روح المودة والألفة بين أبناء المجتمع الإسلامي ... )
لـم يُغْضِ نُبْلُ القلبِ يومَ أُوامِ = عن بذلِ ماءٍ أو لذيذِ طعامِ
أو عاشَ في البيت السعيدِ مُنَعَّمًـا = وأخوه في جوعٍ وفي أسقامِ
وافى نداءُ نَبِيِّنا قلبًـا وعى = فأجابَ بَــرًّا دعوةَ الإسلامِ
وهي المزيَّةُ لم تكنْ إلا لِمَنْ = جافى نداءَ مراتعِ الآثامِ
فأفاضَ بالإحسانِ من كَفٍّ سَخَتْ = وأنالَ منها النَّوْرَ في الأكمامِ
لأُولئك الأيتامِ يرعى خطوَهم = ويرى لهم من شيمةٍ و ذمامِ
طوبى علاءَ الدِّينِ يابنَ مهلهلٍ = فهي التفاتةُ رحمةٍ و وِئامِ
وهي المآثرُ للفتى آتى بها = ماكان من قِيمٍ ومن إكرامِ
خصَّ الإلهُ بها كرامَ عبادِه = ليثيبَهم يومَ اللقــا بسلامِ
فالصَّالحون وفي الأضالُعِ رحمةٌ = مَسَحَتْ يداها غُمَّـةَ الآلامِ
وإذا مشى أهلُ الصلاحِ ببيئةٍ = عادت بوجهِ ربيعِها البسَّامِ
فاظفرْ علاءَ الدينِ منها بالمنى = من خيرِها المعشوشبِ المترامي
ربَّاكَ والدُكَ النَّبيلَ على الهدى = وعلى المحاسنِ والسلوكِ السَّامي
رحماتُ مولانا عليه بجنَّةٍ = فيَّاضةٍ بالعفوِ والإنعامِ
نعمَ الأُبُوةُ والأُمومةُ كانتا = سندًا لفتيةِ شيمةٍ و دعامِ
وحَبَتْكَ ديرُالزورِ من تاريخِها = بوسامِ مافي المجدِ من إعظامِ
مَن عاشَ يلتمسُ المنافعَ حُلوةً = للناسِ فازَ بأكرمِ استعصامِ
وبها يتيهُ لِغِبطةٍ ومحبَّةٍ = لِلَّـهِ لا لِتَكَبُّرٍ و خصامِ
فالباقياتُ الصَّالحاتُ تعودُ في = يومِ الحسابِ لصاحبِ الإقدامِ
حيثُ المسارِعُ للفضائلِ لم يزلْ = يومَ الشدائدِ ثابتَ الأقدامِ
تفنى الحياةُ وتنطوي فلتاتُ مَن = عاشوا على الأهواءِ والأوهامِ
واستدبروا قيمَ الخطى نحوَ العلى = فتهافتوا صرعى بلا إكرامِ
واللهُ يحفظُ مَن تَدَرَّعَ بالهدى = وأعانَ أهلَ الوعيِ والأفهامِ
ومشى بركبِ المحسنين مؤمِّلا = نيلَ المكانةِ من يدِ العلاَّمِ
يختارُه الرحمنُ من بينِ الورى = لمنافعِ الفقراءِ والأرحامِ
كسحابةٍ جاءتْ بأعذبِ وَدْقِهَا = فزهتْ به الأفنانُ في الآجامِ
هي جنَّةُ الدنيا الوريفةُ بالهنــا = دنيا شريعتِنا مدى الأيامِ
فيها التآخي والتراحمُ والوفا = أحكامُها من أجملِ الأحكامِ
لم يبقَ للفقراءِ تحتَ ظلالِها = من حَـــرِّ بؤسٍ مؤلمٍ و شقاءِ
وكذا اليتامى والأرامل والذي = آذاهُ وخـــزُ مرارةُ الإحجامِ
هي شرعةٌ عاشَ اليتيمُ وما رأى = في دارِ رحمتِها أذى الأسقامِ
مستأنسا بالرِّفقِ زانَ تَطَلُّعًـا = مافيه من دَخَلٍ ولا إيلامِ
ونأى عن المجهولِ يقلقُه فما = نالتْهُ بالأكدارِ كفُّ لئــامِ
وتضمُّه بيضُ القلوبِ كفالةً = فَنَجَـا من الهفواتِ والإجرامِ
بَسَمَتْ له دنياهُ ، وافتَرَّ الضُّحى = في وجهِهِ المتفائلِ البسَّامِ
وَحَمَتْهُ من كيدِ الشرورِ رِعايةٌ = ومن الفسادِ يُدافُ بالآثامِ
من مُزنةٍ تسقي الصدورَ فينتشي = أمـلٌ ترعرعَ رغمَ كلِّ ظلامِ
وتصونُه قيمٌ تَعَهَدَهَا النَّدى = وسعى بها الفضلاءُ في الأعوامِ
فتجسدت في هديِها نُظُمٌ غدتْ = في الناسِ مضربَ رفعةٍ لنظامِ
يهمي به دينُ الرسولِ مُحَمَّدٍ = نهرًا جرى بين الورى للظَّامي
قد ناله فَرِحًا وراحَ مُكَرَّمًـا = مَن ذاقَ طعمَ اليُتْمِ غيرَ لِمامِ
فقدَ الأبَ الغالي ولكنْ لم يَمُتْ = عطفُ الحَفِيِّ بحالة الأيتامِ
ماضرَّه يُتْمٌ ودينُ مُحَمَّدٍ = يرعى فتوتَه بلا تَمتامِ
للطفلِ أضناهُ الأسى في بيته = ورماه للشكوى الذهولُ الدَّامي
والآهُ تحرقُ صدرَه لحَنِينِه = شوقًـا لِلَمسةِ والدٍ بسلامِ
يشتاقُ للأبوين في الدنيا وهل = أغلى من الأبوينِ في الأيامِ !
ماتا فدمعُ العينِ أحرقَ خـدَّه = إذ باتَ يجري من لظىً وسَقامِ
جُـدْ باليدِ اليُمنى فجودُك دونَهم = حبلُ النجاةِ هفا بيومِ زِحامِ