مدرسة السجن

علي صدر الدين البيانوني

هـــل يعلم الطغيـان أن السـجن مدرســــة الصمــود

هـــل يعلمــون بـــأن نـــــــــور الله يجتـاح الســــــــدود

الرابضــون اليـــوم في ظلم الســـجون هم الأســــــــود

الســـــائرون على الطـريـــق المســــتقيم بـلا شـــــرود

المبصـــرون أمــامـهــم رغــم الحــــواجــــز والحـــدود

المخـضِـبون وجــوهَهم بــالنـــــور من أثــر الســــجود

المخـبتــــــون قــلـــوبـهــم لله ســــــــــــعياً للخـلــــــــــود

هم عـــــــدة الإســـــــلام والتحــريــر جنـــــد للـودود

لـــو يعلم البــاغــون أن الســــجن مدرســــة الجنـــود

مـــا أقـدمـــوا يــومــــاً على تكبيل شـــــعب بالقيــود

الســــجن أطلق لي أعنـــــة فكــريَ الحــــر المـديـــدة

والســجن أيقظ في الفـؤاد مشــــاعـراً كانت رقيــدة

والســجن أعـطـاني المـزيـــد من العطـــاءات المفيـدة

والســجن حررني من الأوهـــام والبـــدع العــديـــدة

فـغــدوت أرتـع في مجــــــــالات وآفــــــاق بـعيــــــــــدة

أنـا لم أعـد أخشـى ظـلام السجن أو أخشى قيـوده

أصبحت ألمـح في ظـــلام الســـجن أنــواراً جـديــدة

قــد كنت قبل السجن مأسوراً  فصرت هنا الطليق

والنـــــــوم كــــــــان يلفني فـأفقت مـن نـــومي العميـق

الليــــل في ســــجني طــويـــــل هــادئ، نعم الـرفيــــق

أمي تـــلـــــوح بخـاطـــري ليـلاً فــأنســــى كـل ضيــق

وأبي، يــذكــرنــي صفـــــاء الليــل بـالحـب العميـــــق

في الليــل أذكـــــر زوجتي والحــب والـــــود العـريــــق

أفــــــــــلاذ أكبــــادي أحـــن إليهـمُ وأنــــــا الـرقيــــــق

وتـلــوح ذكـــرى إخــــوتي وأحبتي وكـــذا الصـديـــق

فتثـــور في نفســي الهواجس عـاطـــرات كالرحيـــق

وتفيض عيني بـالدمـــــوع فـــلا تكـــف ولا أطيــــــق

وتعــــــود أطيـــــــاف الأحبــــــة للخيـــال المســتفيـق

فـــأســــــــاهــر الليــل الطــويــــل فـلا أنــام ولا أفـيــق

بــالأمس كنت بـقـــربــهـم متعـــاونين على الطــريـــــق

مــا خنت يــومـــاً عـهــدهـم إني على العـهـد الوثيق

مـن فضــل ربي أننــــا، في الســجن أحبـاب وإخـوة

الله ألـــف بيننـــــا، هـــــــا حبنـــــا يــــزداد قـــــــوّة

الله غــايتنــــــا،  فــلــم نـعبـــــأ بغــــير الســـــير نحــوه

لســــــنا نـريــــد منــاصبــاً لكننا أصحــاب دعــــــوة

الســـجن إعـــــدادٌ لنـا، الســـجن للـداعـين خـلـــــوة

والضعـف ليس يصيبنـا، إســــــــلامنـا حـقّ وقـــــوّة

والله مـن إفضــالـــــه، يختــــار للبـأســــــــاء صفــــوة

يــارب نســــألك القبـــول ونـرتجيـك لكشــف غمـــة

ربـــــــاه أنت ولينــــا مـن دونــهــم فــامنــن بــرحمـــــة

فــــرّج الهـي عـن جنــــودك كـــل ضــــــــراء ملمــــــة

يـــارب قــــد أكــرمتنــــا وحفظتنـا مـن كـــل نقمـــــة

أتمم عـلينـــــا يـــا إلــــــــه العـرش عــافيــــــة ونعمـــــة

وسوم: العدد 774