وضوء الروح
أقبل بُكلِّكَ واترك الأغيارا
وطِّن فؤادك يشهدِ الأسرارا
وَلْتَسْرِ رُوحك في حقيقة أنها
خُلقَتْ لتُبصر ربَّها الغفّارا
واعرُج إلى علياء قدس إلهنا
فلتغْترف ولترشف الأنوارا
واسمع بروُحك صوت ذكر ملائك
ملأووا السماء بلهجهم أذكارا
فكأن كلَّ الكون حلقةُ ذاكرٍ
حلِّق بها .. ولتُشْبِعِ الأنظارا
وتتسَّم الرحمات في آفاقها
فوضوءُ روحك يكشف الأبصارا
إقرأ فضاء الله حقَّ قراءة
إقرأ ورتل أكمل الإبحارا
واسجُد هناك على بساط تـذلـلٍ
واغمس ظلامك كي يصير نهارا
سبّح إلهك بالعشي وبكرةً
فالروح تشهد عنده الإسفارا
والروحُ إن شمَس التجلي شاهدت
فلسوف تشرق في الدجى إبهارا
ولئن رشفْتَ قُطَيْرةً من أُنْسِهِ
فَلَيحجبنَّ جبينُك الأقمارا
إن صُمْتَ عن ذكر الخلائق ساعة
فلتدركنَّ بذكره الإفطارا
وحِّده لا تشرك بربك كائنًا
لا تجمعِ الرحمن والأصفارا
كبِّرهُ لا تُقرِنْ به أحدا فأنـت
بذكره تتضاءل استصغارا
عَظِّمه لا تخش التجبر بتةً
ما عزًّ من قد مارس استكبارا
نَزِّهْهُ عن شَبَه أَلَمْ تر أنه
مَنْ أبدع الأفلاك والأنهارا
قدِّمه قدِّم أمره هو خالق
لا تسمحن لنفسك استئخارا
فَوِّضهُ .. وافرح فالأمور جميعها
بِيَدِ الحكيم يقدّرُ الأقدارا
واذكره ذكرًا سرمديا باقيا
فضياءُ روحِكَ ذكرُها الجَّبارا
أ.د.رأفت محمد رشيد الميقاتي
رئيس جامعة طرابلس لبنان
فرغت من نظم هذه القصيدة في جدّة الحجاز عشية توجهي لأداء مناسك العمرة في العشر الأخير من شهر رمضان المبارك
وسوم: العدد 775