ابن الملوَّح يَبرأ
الخطابُ لصاحبٍ أصَابهُ غرامٌ . وبَعْدَ مجاهدةٍ برئَ منه، أو هكذا ظّنَّ، فقال راضياً عن بُرْئه (أضاءتْ، واحْترقتْ)
أَرِقْتَ يا صاحبِي وما أرِقَتْ، فلْتحْمد الله أَنها احترقَتْ
لَمَحْتَ طيَّ الدُّجَى سنا لهبٍ، فقلتَ لَيْلَى بموْهِنٍ شَرَقَتْ
وما أضاءتْ، أضاءَ خُلَّبُها، وإنما نارُكَ التي بَرَقَتْ
لَمّا كَبَتْ بالدليلِ حيْرتُه، ومَلّ حادٍ حُداءَه، ورَقَتْ
رُقاتُنا مُدْمني الهوانِ سُدًى، سَلَوْتَ لَمّا بمَوْهنٍ طرَقَتْ
فتحتَ باباً لأسهمٍ كَمَنتْ، لوْ لمْ تُفسِّحْ لها لَما مَرَقَتْ
أعيذُها منكَ نظرةً صدقَتْ، أنْ تكسوَ اللحمَ أعظماً عُرِقَتْ
وأنْ تُسمِّي أذًى هوًى، وكفَى سَرَّاقةَ المكْرُماتِ ما سرَقَتْ
أخشَى رماداً، تُحيلُه طَللًا .. سُبْلٌ بكلّ الأحبّةِ افترقَتْ
فإنْ يُعاودْكَ هاجسٌ، فلقدْ أرِقْتَ يا صاحبي وما أرِقَتْ
أو صَوَّحتْ – لا عليكَ – نابتةٌ، فلَم تزلْ ثَمَّ نبْتَةٌ وَرَقَتْ
أوْ لَمْ تشمَّ العَرارَ إذْ عَرَضَتْ نَجْدٌ، فبُؤساكَ عادةٌ خُرقَتْ
ضَيَّقتَ رَحْبَ المدى إذا مَلأتْ رحابَه ذاتُ مُسْدَلٍ فَرَقَتْ
قد جَمَعَتْنا غرائزٌ حَكَمتْ، أجلْ، ولكنْ همومُنا فَرَقَتْ
وثَمّ شيءٌ يظلّ بعدُ إذا هَرَقْتَ ماءَ الحياةِ، أو هرَقَتْ
هذا، وإلّا فنحنُ سائمةٌ مِن بَعْدِ أن أَرْضت المِعَي ذَرَقتْ
حيِالَكَ الأفْقُ كي تراه، فما جافتْه إلا نواظِرٌ بَرِقَتْ
وغارَ نجمٌ لتُسْتفزّ نُهًى، وَذرَّ صبحٌ لجبهةٍ عَرِقَتْ
وانظرْ إلى البحر، ذي سفائنُنا كأنها دونَ عِلةٍ خُرِقَتْ
ولْتسأل الأرضَ مَا أَلمَّ بها، وكيف مِن بَعْدِ سَمْحِها شَرِقَتْ
فلَمْ يَعُدْ يُنْبتُ الكرامَ ثَرًى، آباءُ آبائِنا به اعْترقَتْ
وكيف هُنّا لأنّ أعينَنا سُودٌ، وأعيانَ غَيْرنا زَرِقَتْ
تقسّمَتْنا خرائطٌ لَعَنَتْ رسَّامَهَا، أَيمنَتْ أو اعْتَرَقَتْ
خاضتْ بأسلاكِها مُخَيِّلتي، وقاتلَ اللهُ أنفساً فَرِقَتْ
فَاسْتَهْجِنَنْ أدمعاً شَرِقْتَ بها، كأنّها بالمُريقها شرِقَتْ
شَكَكتَ لمَّا رأيتَها بَرَقتْ، فقال جَمْرُ الغَضَا لمنْ بَرَقَتْ؟
فهاكَ بعضَ اليقينِ، ها هِيَ ذي حصونُنا كُلُّها قد اخْتُرقَتْ
سِيَّانِ فينا جماعةٌ قَصَرَتْ جلبابَها، أو جماعةٌ مَرَقَتْ
وأصبحَ الشاعرون تَفْضُلُهمْ عِندي – وعَفواً – دجاجةٌ قَرَقَتْ
صاروا سواءً، بُكاةَ غادرةٍ، أو أُمةٍ في ضلالِها غَرِقَتْ
لا كان فَنُّ الرثاءِ إنْ سَكنتْ ريحٌ، بغير المنادبِ انْخَرَقَتْ
ويَشْتُم الساخطون أَنْفُسَهُمْ، لِيُخْطِئَ الشتْمُ أرؤسًا خَرِقَتْ
لا كان فَنُّ الهجاءِ إن خَفِيتْ جلودُ قومٍ بهِ وقد يُرِقتْ
أَطْرِقْ، ولكنْ لحيلةٍ، فَلَقَدْ ضِعْنا، وحَسْبُ الخطوبِ ما عَرَقَتْ
وسوم: العدد 776