وادي حنيفةَ ، هل شهدتَ لظاها = تلكَ الحروبَ ، وما جرى عقباها ؟!
فهلمّ ، حدّثني ، لعلّي واجدٌ = فيما تحدّث قصّةً نهواها !
ها إنّني قلّبتُ فيك صحائفاً = فقرأتُ أنباءَ يثير صداها !
طسمٌ ، جديسٌ ، هالني ذكراهما = ونهاية الزّرقاءِ ما أقساها !
وتوالتِ الأيامُ تروي للورى = حربَ البسوس بناقةٍ ترعاها !
فكُلَيبُ يقتلها وجسّاسٌ أطاح =برأسه ، وإلى الوغى يتنادى !
والزّيرُ ثار لما جرى متَدَرِّعاً = بالبأس، فاسأل عنه مَن يصلاها !
* * *=* * *
طالت سنونَ الحرب حتّى أزهقت = أرواحهم ، فاسمع لمَن أحصاها !
أفليس هذا من ضلال عقولهم = وسفاهةٍ لم تلقَ مَن داواها ؟!
ويدور دولابُ الزّمان ، فَيُنْزِلَنْ = ربُّ العباد رسالةً يرعاها !
فيقوم بالتّبليغ خاتَمُ رُسْلِهِ = ويُضيءُ للدّنيا طريق هداها !
لكنّ أقواماً مضت في غيّها = حتّى تمادى في الضّلال فتاها !
فلْتَذْكُرَنْ، أرضُ اليمامةِ ما جرى = حين ادّعى الكذّابُ وحيَ سماها !
هذا مسيلمةٌ يقود حنيفةً = وكذا سجاحُ تتيهُ في طغواها !
حتّى أتى جيش الهداة ، وخالدٌ = قاد الصّحابةَ في الوغى ورحاها !
فاسأل حديقة موت مَن رفض الهدى= كم كافرٍ دفَنَتْهُ في أحشاها !
قد كان زيدٌ في الشّهادة سابقاً = إخوانَه فيها فسلْ ريّاها !
هو فاتحٌ باب الحديقة مُعلناً = أنّ الشّهادة للّذي يهواها !
وقد استَحرّ القتلُ فيمَن قد سعى = ركضاً إلى حورٍ يُقَبّلُ فاها !
حتّى قضى ربُّ العباد بنصرهم = والجنّة العليا مقرُّ فتاها !
* * *=* * *
والآن يا وادي حنيفةَ نكتفي = بالقول في حربٍ يطول مداها !
فلنسأل التّاريخ عمّا قد روى = من واقعاتٍ حافظاً لصداها !
واليوم ،يا وادي حنيفةَ ، بُدّلَتْ = بحروب أمسٍ منازهاً نغشاها !
لكنّها لا تستطيع بظلّها = محوَ الأسى من قلب مَن ناجاها !
فحياتنا في ذا الزّمان مريرةٌ = ندعو الإله بأن يزيلَ شقاها !