مكرَ الأعداءُ مكرا عاصفًـا = لم يدعْ للحقِّ رأيًا يتسامى
عِشْ تقيًّـا وارحمِ النفسَ التي = أنهكَ الكربُ خطاها والشَّقاءْ
حينها يعرفُكَ اللطفُ الذي = بمدى ما في الحنايا من وفاءْ
وإليكَ البِــرُّ يأتي فائحًــا = بجميلِ الفعلِ من أهلِ الدعاءْ
من فؤادٍ جائعٍ أطعمْتَه = أو فقيرٍ جاءَه منك حِبــاءْ
أو حزينٍ هاهنا أسعدْتَه = أو طريدٍ خفَّ يرجوك التجاءْ
هكذا تُرحمُ ياهذا الذي = عاشَ في الدنيا بأطيابِ الإخاءْ
* * *=* * *
قلْ لأهلِ المجدِ من أُمَّتنا = مالكم في صخبِ الدنيا حيارى !
أين إذ كنتم به من عزَّةٍ = أحرزتْ في عالم الناسِ انتصارا
أَوَلَسْتُم مَن أزَلْتُمْ عرشَ مَنْ = ظلمَ الخلقَ وبالأحكامِ جــارا !
فاذكروا أيامَكم واسترجعوا = سببَ الفخرِ لتزدادوا فخارا
منكمُ الفاروقُ مَن في عهدِه = فتحَ الأرضَ وخلاَّها نضارا
ودعوها أنفُسًا طائشةً = تعشقُ الفِسقَ وتوليه ابتدارا
* * *=* * *
أيُّها القومُ أعيدوا دينَكم = في نفوسٍ لم تجدْ يوما سلاما
ودعوا فلسفةً جانيةً = ملكتْ في كفِّ مرمامكم زماما
واهجروا كلَّ مسمَّى لم يزل = يهتكُ العهدَ كريما والذماما
يجلبُ العارَ إلى أُمَّتِكم = ويُمنِّيها بدنياها احتراما
أَوَبَعْدَ الآيِ هلَّتْ قيمًــا = تبتغون الذلَّ والموتَ الزؤاما
* * *=* * *
بئسَ جمعُ العابثين استسلموا = لطغاةِ الأرضِ أعداءِ الحنيفْ
أشعلوا نيرانَها لاهبةً = مفعماتٍ بالرزايا والصروفْ
هكذا هم خطَّطوا بل نفَّذوا = فكرةَ الشَّرِّ على الشعبِ الشريفْ
فرَّقوهُ شِيعًا ، واخترقوا = بدهاءٍ نافذٍ أقوى الصفوفْ
وعلى بعضِ لئامٍ عكفوا = إذ رأوهُم لمخازيهم وقوفْ
ويحها من أُمَّـةٍ منكوبةٍ = خانها أبناؤُها أهلُ العكوفْ
* * *=* * *
كُفَّ عن كلبٍ عوى ذي دنسٍ = كثرتْ ياصاحِ في الأرضِ الكلابْ
وامتشقْ سيفَ التَّسامي إنما = في محياكَ به أغلى جوابْ
ذلك الحاقبُ في مشيتِه = خسَّةُ اللؤمِ وعنوانُ ارتيابْ
فأحاديثُ نفاقٍ وهوى = وجهُها في الحُسنِ خبثٌ وكِذابْ
لاترى للخيرِ فيه خصلةً = فهو الهيكلُ من شُؤمٍ و عابْ
دَعْهُ للجبارِ يقصمْ ظهرَه = ليُوارى في غيابات الترابْ
* * *=* * *
يا أخا الفطنةِ : ما الخيرُ انطوى= فيك ، أو ماتَ بدنياك الرجاءْ
أنتَ من فرسانِ قرآنِ الهدى= مَنْ تسامى المجدُ فيهم والثَّنــاءْ
عشْ جناحًا طاهرَ اللمحِ على= قِممِ البرِّ وأفنانِ العلاءْ
واحمل الرحمةَ للناسِ كما= تحملُ السُّحْبُ إلى الآفا ق ماءْ
تاهَ في الدربِ أُناسٌ ضُلِّلُوا = أو تعاموا عن طريقِ الأنبياءْ
فَكُنِ الوارثَ للفتحِ الذي = في ثناياهُ حبورٌ وازدهاءْ
* * *=* * *
أبطأَ السُّوءُ بمَنْ يحملُه= ورمى المكرُ عليه شـــرَّه
فاحذرَنْ ألسنةً ليِّنةً= يحملُ الأفعى عليها غدرَه
لاتُصدِّقْ أو تثقْ يومًا بمَنْ= عاشَ ذا وجهينِ يخفي مكرَه
خصلةٌ مذمومةٌ في ناقصٍ = فرَّقتْ في ســوءِ حالٍ أمـرَه
وَعِشْ الأتقى فقد حلَّ الأذى = واحْذَرَنْ طولَ الليالي وَفْرَه
وهُمُ الغوغاءُ فادفعْ شرَّهم = وانبذَنْ ــ مهما تمادى ــ شَزْرَه
* * *=* * *
لك قلبٌ أُكرمَ الوعيُ به= بضياءِ العقلِ في آدابِه
فارْقَ للأسمى بروحٍ مؤمنٍ= وادفع اللهوَ إلى طلابه
لاتعشْ نهبَ الهوى مسترسلا= فضياعُ المرءِ في تلعابِه
زلَّ مَنْ يجهلُ مرمى عيشِه= واستخفَّ الطيشَ في أسبابِه
رفعةُ الإنسانِ في إيمانِه = وعلاهُ في يَدَيْ أصحابِه
فاخترِ الصاحبَ شهمًا ورعًـا = وَلْتَكُنْ في الخيرِ من كُتَّابِه
* * *=* * *
لاتعاشرْ كلَّ خـوَّارٍ جبانْ= فهو الحملُ الثَّقيلُ المجهدُ
لاتُقـمْ رأيًا له . إنَّ الذي= يقتلُ العزمَ جبانٌ يُقصَدُ
وامضِ بالهمَّةِ في نورِ الحِجَى= عـزَّةً تسمو ، وفعلا يُحمَدُ
واهجر البغيَ إذا أُوتيتَ ما= يدفعُ الباغي لِما لا يُحفَدُ
واجْعَلَنْ دينَ النبيِّ المصطفى = منهجَ السَّعيِ الذي لاينفدُ
وَلْتَعِشْ بَــرًّا به إن أظلمتْ = هذه الدنيا فأنتَ الفرقدُ
* * *=* * *
قد تعالى في الورى مستكبرًا = ذلك الخِبُّ الذي قد أزبدا
ورمى بالظلمِ خلقًا مالهم = حيلةٌ فيه قأرغى واعتدى
لم يكدْ ينفشُ ريشَــه= فوقَ أشلاءِ ضعيفٍ أُقعِدَا
إذْ رماه اللهُ من نقمتِه= حيثُ لبَّى مَنْ دعا واستنجدا
أمدُ الظُّلمِ قصيرٌ فاتَّعظْ= واخشَ أنْ تظلمَ يوما أحدا
دعوةُ المظلومِ سهمٌ قاتلٌ= في يـدِ الغيبِ إذا ما سُــدِّدا
* * *=* * *
عثراتُ الجهلِ في كبوتِها= نزلَ الغيُّ دياجيها و حـلْ
فاطلب الرشدَ ــ هُدَىً ــ من عالم= و ذرِ الجاهلَ كالأعمى عطلْ
مَنْ أتى الجاهلَ يسترشدُه= تاهَ في آرائِه القلبُ و ضـلْ
إنما الجاهلُ حقلٌ مقفرٌ= مَنْ توَخَّاهُ لخيرٍ ما وصلْ
أطلقَنْها نظرةً ثاقبةً = وأَثِرْ إنْ سُدِّدَتْ نورَ المقلْ
كم دعيٍّ قد بدا منتفشًا = إنَّمـا يفضحُ دعواهُ العملْ
* * *=* * *
يأسِرُ القلبَ ـ فحاذرْ ـ طمعٌ = وارضَ من كدِّك ما أعطى الإلهْ
ليس للإنسانِ إلا ما سعى= كتبَ اللهُ له رزقَ الحياهْ
كم فقيرٍ جاءَه الخيرُ غِنَىً= وغنيٍّ أدبرَ اليومَ غِناهْ
إنما الرزقُ على اللهِ الذي= تملأُ الدنيا من الجودِ يـداهْ
حبُّك الدنيا غرورٌ لم يجدْ = في رحابِ العيشِ ومضًا من سناهْ
فاجعل الدنيا بجيبِك إنما = فاملأ القلبَ من الأخرى جناهْ
* * *=* * *
اخلعِ الذُّلَّ ، و وجِّهْ ناظريْك= شطرَ بابِ اللهِ يمنحْـكَ الهباتْ
وازدرِ السُّؤلَ الذي يمضغُه= حسرةً مَنْ ألفَ العيشَ الفُتاتْ
لاتســلْ في حاجةٍ غيرَ الذي= برأ الخلقَ وأحيا وأماتْ
أمرُه في خلقِه يمضي ، فكم= فـرَّجَ الكربَ ، وكفَّ النَّـائباتْ
يركنُ المرءُ إلى الدنيا وما = في يديها غير أصناف الأذاةْ
وتراهُ مطرقَ الرأسِ على = همِّ قلبٍ لايولِّي وشِكاةْ
* * *=* * *
المروءاتُ مغاني هممٍ = لم تجدْها في صدورِ الخانعينْ
فأفقْ مستعذبًا طعمَ العلى = بمثاني النُّورِ في ظلِّ اليقينْ
وتقلَّبْ بينَ أبرادِ الهدى= وتخيَّرْ ومضةَ النُّورِ المبينْ
تجد العيشَ : مزايا حُلوةً = لم تجدْها في دروبِ التائهينْ
وهي العزَّةُ ماكانتْ لِمَنْ = عاشَ للأهواءِ في الدنيا قرينْ
خفَّ مَن ذاقَ مناجاةَ الذي = جعلَ الإنسانَ حُرًّا لايهونْ
* * *=* * *
قـمْ و ناجِ اللهَ في الليلِ البهيمْ = وادْنُ من محرابِه ، وارفعْ أذاكْ
وتبتَّلْ بخضوعٍ مُبدِيًـا = بثَّـكَ المـرَّ بأحناءِ دُعاكْ
يا إلهي : أنتَ بي أعلمُ من = قلبيَ الخافقِ في ظلِّ عُلاكْ
ضقتُ ذرعا بكروبٍ دلهمتْ = فأغثني يا إلهي بهداكْ
ربِّ ألهمْنِي إذا ضاق الفضا = بفؤادي علَّه يأتي رجاكْ
فأنا والله لم أبرحْ ولم = أطلبِ النجدةَ ربي مِن سِواك
* * *=* * *
لاتقلْ عن غدِكَ الآتي ، ولا= تقرأِ الفنجانَ في كفَّيْ شقيْ
و دعِ الأمرَ لمَنْ دبَّره= فسوى اللهِ كذوبٌ و دعيْ
والليالي نحنُ لانعلمُ ما= حملتْ من بشرياتٍ أو نعيْ
فالمشيئاتُ لربِّي وحده= سخطَ الجاحدُ منها أم رضيْ
وثقَنْ باللهِ ياهذا ولا = تُطِعِ الشيطانَ في الأمرِ الجليْ
مَن سيُجديك وقد طالَ الدجى = مَنْ سوى الرحمنِ ذي القدر العليْ
* * *=* * *
امضِ مستعصمَ قلبٍ بالذي = من دجى التيهِ أتانا بالضياءْ
و اسلك الدَّربَ أبيًّا مسلما= لايغرَّنَّكَ كيدُ السُّفهاءْ
قوةُ البغيِ ومَنْ يملكُها= أمرُها يملكُـه ربُّ السَّماءْ
و رفيفُ الفرجِ القادمِ لم= يقوَ أن يمنعَه أهلُ العماءْ
فاستجِرْ باللهِ عشْ مستعصمًا = وله مستسلمًـا يومَ البلاءْ
تحظَ بالنُّصرةِ إذْ غارتُه = لايَرُدَنَّ قضاها السفهاءْ
* * *=* * *
لم نكنْ نخشَى عدوًّا بطشُه= ثبجُ الظُّلمِ ، وموجُ الرَّهباتْ
فلدَينا فوقَ ماتدركُه= عينُ مَنْ عادى الهدى والأُمنياتْ
سفنُ الحقِّ لها من ذاتها = قوَّةٌ تمخرُ بحرَ النكباتْ
أَ تُبالي بأعاصيرِ العنا !!= قوَّةٌ تمخرُ بحرَ النكباتْ !!
لا وربي لم تهنْ أُمَّتُنا = أُمَّةُ الإسلامِ أُمُّ العزماتْ
فلِدِينِ اللهِ منَّا أنفُسٌ = وله أرواحُنا والمهجاتْ
* * *=* * *
أنتَ . مَنْ أنتَ ؟ ففي قبضتِه= فامضِ ، واعلمْ أنك العبدُ المهينْ
فإذا كنتَ لبيبا فطنا = فتوقَّفْ قائلا في كلِّ حينْ :
ربِّ لاتأخذْ حياتي بغتةً = بذنوبي يا إلهَ العالمينْ
واهدني في كلِّ حالٍ إنني = لضعيفٌ في غياباتِ السنينْ
وإذا كابرْتْ فاعلمْ أنه = جاءك الحتفُ ولا تُجدي الحصونْ
أيُّها الظالمُ هذا سهمُنا = فانتظرْ في الغدوةِ ضربًا باليمينْ