لم يبقَ شَطٌّ إليهِ ترجعُ السُفُنُ = ولا مطارٌ.. عليهِ يهبطُ الشَجِنُ
لا شيءَ إلا أمانينا تُصبّرُنا = الحمد لله .. لا أهـلٌ ولا وطـنُ!
خُذلتِ يا شامُ ، يا أُمّي ومُرضعتي = ومسقِطَ الحُبِّ .. ماذا يا تُرى الثمنُ؟!
إني لأخجلُ من أنّي بقيتُ على = قيد الحياةِ.. وأمّي لفّها الكفنُ!
بمَ التعللُ؟ قلبي صارَ يُنكرُني = سلّم على الموتِ فيهِ العَيشُ والسَكنُ
فكيفَ أحيا وتحتَ الأرضِ أوردتي = وفي الترابِ مِنَ الأحبابِ لي مُدنُ
وأينَ أذهبُ .. كل الأرضِ تُرفُضنا = وتزدرينا، وكلُّ الأرضِ تمتَهنُ
ونحنُ من نحنُ؟ نحنُ الشمسُ فوقهمُ = ونحنُ ما نحنُ؟ نحنُ العينُ والأذُنُ
كلُّ الخرائطِ جزءٌ من خريطتنا = فكيفَ تعلو على أسيادها الجُبُنُ؟!
يا أيُّها الموتُ ما أحلاكَ من وطنٍ = لمن أتاكَ شهيداً جرحهُ الوطنُ!
ودعتُ حِمص وقلبي في أزقتها = وذكرياتي وروحاً عافها البدنُ
وسرتُ أشكو لربي ضيقَ دامعتي = عمّا بنفسي.. ومالا يُنصِفُ الحَزَنُ
كلُّ الذينَ تأملنَا بنُصرتهم = لنا، تخلّوا.. فسجّل أيُّها الزمنُ
أهلُ الفنادقِ لا عزّت كروشهُمُ = يزدادُ فيهم غباهُم كلّما سَمِنوا
ويقلقونَ صباحاً بعدما رقدوا = ويقلقونَ مساءً إن هُمُ سكنوا
يستنكرونَ على الشاشاتِ مجزرةً = وكلُّهم بدماها كفّهُ دَرِنُ
يا تاركَ الفرضِ مُستغنٍ بنافلةٍ = واللهِ يومَ اللقا لا تشفعُ السُننُُ
يا شامُ لو كانتِ الأحلامُ تُنقذُنا = كُنّـا حَلِمنا ولكن كلُّها دَخنُ
فكانَ لا بُدَّ من حربٍ نُعيدُ بها = عصرَ النبيِّ .. وفيها تُدرأُ الفتنُ
نريدُ أن ترجعَ الدنيا لقبضتنا = أن يُعبدَ اللهُ لا أن يُعبدَ الوثَنُ
نُريدُ أن نُرجِعَ الأمجادَ دولتها = أيامَ كنّا يداً تنئا بها المِحنُ
أيامَ إن عارضت صنعاء عارضةٌ = صاحت دمشقُ وبغدادٌ هنا اليمنُ!
الفرحُ ما كانَ لولا قبلَهُ حَزَنُ = والسرُّ ما طالَ إلا بعدهُ علنُ
والطفلُ مهما لهُ قدّمتَ من اُكُلٍ = يظلُّ أطيبُ شيءٍ عندهُ اللبنُُ
لذا أحنُّ ومثليّ كلُّ مُمتَهَنٍ = إلى الزمانِ الذي مافيهِ مُمتَهنُ
فكيفَ أسكنُ بيتاً أطمئنُّ بهِ = وطفلةٌ في بلادي ما لها سكنُ
وكيفَ ألتذُّ أو أهنا بمائدةٍ = ويُشتهى في بلادي الخبزُ والجُبُنُ
يا طائراتُ اقصفي ، يا أُمّـةُ امتعضي = يا ساسةُ استنكروا، يا قومُ لا تَهِنوا
تكفَّلَ اللهُ فيكم للنبيِّ فلا = خوفٌ عليكم منَ الدنيا ولا حَزَنُ
الأرضُ مهما لنا في الغربةِ اتسعت = يظلُّ أرحبَ من أرجائها الوطنُ
قل للطبيبِ وشمسُ العمرِ غاربةٌ = إذا انقضى أجلي، ما تنفعُ الحُقنُ؟
باللهِ ربّ السما والأرضِ مُعتصمي = وفيهِ صبري، إليهِ السرُّ والعلنُ
ولستُ أقطعُ آمالي بثورتنا = لكلِّ وجهٍ قبيحٍ آخرٌ حسنُ