كم أنت مظلوم أيا وطن!
كـمْ أنــتَ مـظـلـومٌ أيَـا وطــنُ!
فـأنــتَ لـلـتُّـجَّــار مُــرتَـهَــنُ
مـا كـنـتَ إلَّا سـلـعـةً رَخـصتْ
بـاعـوكَ لـمَّـا أُغـدِق الـثَّـمَـنُ
قـد كـنـتَ فـي الأفـواهِ أغـنـيـةً
وكنـتَ في الأفعـالِ تُـمـتهَـنُ
وكـنـتَ في الأسـفـارِ أحـرُفَهـا
لـكـنَّهـا في الـصِّـدق لا تـزِنُ
وكنـتَ في الـرَّايـاتِ أنـجُـمَهـا
لكـنْ عَلاها الـزُّورُ والـدَّخَـنُ
رامُـوك اِسـمًا كـالـسَّـراب بـدا
ولـيْـس إلَّا الجـوعُ والـمِحَـنُ
وأنـتَ في قـامـوسهـم قِـصصٌ
تُحـكَى ولـلـدَّبْـكـاتِ تُخـتـزَنُ
مـا كـــنـتَ شــريـانًـا وأوْرِدةً
فـيهم يُـساقي نَسغَـها الـزَّمَـنُ
مـا كـنـتَ تـاريخًـا ومـلحـمـةً
روحًـا مـن الآبــاءِ إذْ دُفِـنـوا
ما كنتَ شيـئًا في عَـقـيـدتهـم
فـلـيْسَ فـيهـا الـدِّيـنُ والسُّنَـنُ
ظـنُّــوكَ أبـقـارًا ومَــزرعـةً
قـد طابَ فـيها الـدَّرُّ والـلَّـبَـنُ
فباسْمِكَ اللُّصوصُ كمْ سرقوا
حتَّى عَـراكَ الـسُّقْـمُ والـوَهَـنُ
وبـاسْمِكَ الـظُّلَّامُ كـمْ ظلـمـوا
وباسْمِكَ الأطهارُ قـد سُجِـنُـوا
كم خـاصمـونا فـيـكَ وَيْـلَهُـمُ
يا لـيْـتـهُـم ْوفَّـوْكَ ما رَطَـنُـوا
كـان ادِّعـاءً كـلُّ مـا زعَـمُوا
بَـلْ كان (شـيـكًا) مـا لـه ثـمَـنُ
كـلٌ يُـرائي الـنَّاسَ مُـفـتـريًـا
كــلٌّ يُـنـادي هَــمُّـنـا الـوَطـنُ
مـا هَـــمَّـهُـمْ واللهِ عِـــــزَّتُــهُ
وما سَعَـوْا أنْ يُـورِقَ الـفـنَـنُ
إنْ كـان مَـن يُـطريه يَهـدِمُـهُ
فـلـن يَــزولُ الـدُّودُ والـعَـفـنُ
مهما امتطَوْا في الشِّعر قافيةً
أو خـطـبـةً عَـصـمـاءَ تـتَّـزنُ
فـلـنْ يـــكـونـوا مـن أحـبَّـتـهِ
مـادامَ هـذا الـمَـنْـطِـقُ الـنَّـتِـنُ
مـادام فــأسُ الـهَـدم يُـخْـرِبُـهُ
وبالـدَّنـايـا تُـنـهَـــبُ الـمُـــدُنُ
فالـوَردُ لا يـشـذو إذا ذبُـلَــتْ
أوْراقُــهُ وانْــتـابَـه الــوَسَـــنُ
والدَّار لا تصفـو لمَن قـتَـلـوا
فيها الأمانيْ البيضَ وامتَهَنوا
مـا كـان اِسْـمًـا ذلـك الـوَطنُ
إنْ لـمْ يكـنْ بـالرُّوحِ يَـقـتـرِنُ
وسوم: العدد 783