مسافرٌ عنكَ فاشهدْ أيّها الوطنُ = أنَّ الفؤادَ بأرضِ الشَّامِ مُرتهَنُ
موزَّعٌ فيكَ ما مِن ذرَّةٍ أبدًا = إلا ومنِّي عليها خشيةً حَزَنُ
مسافرٌ لا قلىً، كيفَ القِلى وأنا = منْ روحُهُ بكَ مهما أُبعدَ البَدنُ
مسافرٌ لا راعني الله ثانيةً = إن طابَ غيركَ لي يا موطني وطنُ
أبناؤكَ الصِّيدُ للطاغوتِ قد نهَدوا = وثوبُ كلِّ أبيٍّ منهمُ الكفنُ
لا يرهبونَ جيوشَ الحقدِ جمَّعها = حقدٌ دفينٌ، وبئسَ القائدُ الضَّغَنُ
ومؤمنونَ بحقٍ دونهُ مهجٌ = والحرُّ مهما رماهُ الدَّهرُ مُؤتمنُ
ودونهم هدَّني ضَعفي فأقعدني = وهل يخوضُ الوغى من هدَّهُ الوهَنُ!
طريدُ بغيٍ شريدٌ بعدَ عزَّتهِ = لم توهِهِ قبلُ مهما اشتدَّت المِحنُ
ما غيرُ حبِّكَ كي تبقى لنا وطنًا = أغرى لأحيا غريبًا بينَ من جَبُنوا
وما ارتضيتُ حياةً قربَ من جبُنوا = مهما يكن ساءني أو آدني الزّمنُ!
وها أنا اليومَ مسكونٌ بألفِ أسىً = في كلِّ يومٍ بذلِّ البُعدِ أُمتحَنُ
وصابرًا ملءُ أجفاني صباحُ غدٍ = وكلُّ من فيهِ حرٌّ، كيِّسٌ، فطِنُ
بألفِ أغنيةٍ للدّهرِ أنشدُها = يُرى بكلِّ نشيدٍ وجهُكَ الحسنُ
ويرهبُ الظّلمَ منها هدرُ قافيةٍ = ولحنها الهدرُ يحيي من لهُ أذُنُ
لن يسكتَ البغيُ لحنًا سال من كبدي = والبغيُ يفنى، ويفنى من به فُتنوا
فاضحك لعذري، وعذري منكَ مُلتمَسٌ = وحسبُ عذري ببُعدي أنَّكَ السّكنُ
* * *=* * *
يا موطنًا كلُّ لحنٍ أنت ملهمُهُ = بهِ المعازفُ قبلَ العزفِ تُفتتَنُ
لسوفَ نُدركُ ما عشنا نُؤمِّلهُ = وسوفَ تجري كما نُملي لها السُّفنُ
فنحنُ نحنُ لها بحرٌ، ونحنُ لها = موجٌ، ومنَّا إذا مالتْ بنا الرَّسنُ
فاعذرْ فُديتَ فما إلاكَ من وطنٍ = يا من لتُربتهِ أرواحنا ثمَنُ