إضاءة

حدّثني عن الصّعود المستمرّ إلى اللحظة المباركة، والمحطات

التي اشتعلت فيها الحروف والأجساد،

 قال أكتب، قلت لكنّ الجداول ترفض

منطق الجرار.

أين خبّأنا تلاوين الفراشات الصّغيرة،

ورسوم الأفق الأزرق والزّنبق والنّار وأطراف الغديرْ

وجرارا كلما أظلمت الدّار غسلنا جرحنا في خمرها

أيّها القنديل يا فجري الأسير،

هذه الأحرف أقمار على الشّوك تسيرْ

ربما تسهر عندي ليلةً

ثم قبل الصّبح تتْلثم تمضي

ربما عانقها الشّارع في زيّ فقير

أو فتى يقفز من سور إلى سور إلى قصر أميرْ

أو ضرير ينبش الجدران عن شمس ينادي ظلَه المأسور

ربما تصعد في الرّيح إلى قلب السّماء

ثم إذ ينزف جرح الشّهداءْ

ترقب الطقس قليلًا وتنادي فيجيء الأنبياءْ

وتصير السّيف والنّار وحكم الفقهاء.

سمعتنا الغابة المفترسة؟

نهضت زيتونة الدّار من النّوم سريعًا

وأطلّت، حبست أنفاسها وانتصبت،

وأفاقت قطّة تحلم بالعشق وأخفت ذيلها خلف الجدارْ

 وشموع فضحت خوف الشّبابيك ِ، وحيٌ

كمسن ململت أضلاعَه الحمّى، وأصوات صغار

بعثرتها همهماتٌ وبكاءٌ صامت في آخر الليل ِ

وصيف يلهب الذّكرى

وجنزيرٌ .....

تقدمْ أيها الجبار!

أعزل أحمل قارورة عشقي وأغنّي لبلادي

لليالي السّود للآه لأوجاع الدّوالي

ولأشباح النّهار

أسقط الآن أسيرًا

فافتحي أذرعك المفترسة

ملء عيني حقول وبذار

على تخومها أوقفت فرسي وانتظرت الغيمة المقبلة

أيّتها الهضاب الشّوكية والأشجار القديمةْ

أيّتها الجدران المزنّرة بالعوسج والدّوالي

والصّخور المشرئبّة حتّى النّهاية،

والتّرابِ الأحمر والأصفر.. إن نصيبي الآن أبوابٌ

مختومة بندى الصّبح وأحذية الحرّاس ِ

ونار تتوقد في أحشاء الطّلقة، لم يتبقّ سوى

لحظات لأساوم هذا العبث المطلق عن شيء ما

عن شيء يومض كالبرق يسافر كالرّمح إلى قلب العتمة

ثم يغيب قليلًا وقليلًا يتفجّر ألحانًا ودماء.

جرعة أخرى وأعلنت اقتداري،

هذه  الأيدي نسور سبقتني

ربّما كنّا على وعد وكانت في انتظاري

إنّها ترفع أشلائي برفق ٍ

وهتاف جدّدتني نارُه البكرُ

وناري انطلقت ثم أقسمنا على العهد ِ

فيا جيل المسرّات الحزينة

هكذا تبعث من تابوتها هذي المدينة

ويصبّ النيل في نهر الفرات.

اقرأ الآن التّفاصيل الدّقيقة

السّما عبر حديد الليل زنجي ينادي

فنجيب،

وحدنا الآن الحقيقة

وعيون الحارس المسكين تستلقي

على نعشي يفرّ النوم منها

وأنا أوغل في النّوم إلى بيت بعيد.

وسوم: العدد 810