لنا رمضانُ للورع الحِزامُ =ومدرسةٌ روافدها الصيامُ
مناهجُها بنور الله خُطّتْ = ورائدها إلى التقوى إمامُ
يعلّمُنا برشدٍ كيف نحيا = حياةً لا يدنّسها الحرامُ
وأن الجوعَ بالفقراء داءٌ = وكيف الداءَ يشفيه الكِرامُ
يعلّمُنا بأنّ النفسَ طوعٌ = إذا الإيمانُ والتقوى اللجامُ
ومنْ بركاتهِ كلّ الخطايا = وإنْ عظُمت عفا عنها السلامُ
صيامُ الشهر للرضوان بابٌ = ومفطره الى النار الضرامُ
نعانقهُ كأنّا من فراقٍ = تلاقينا فيُسعدنا الوئامُ
ونحياهُ كأنّا لافتراقٍ = وشيكٍ حين يطوينا الخِتامُ
يشدُّ الروحَ للصلواتِ ليلاً = ويحلو في مساجدهِ القيامُ
لسانُ الاتقياء به لجوجٌ = بذكر الله ما وسع الكلامُ
صيامُ النفسِ مصباحٌ تجلّى = فيُجلى من نوازعها الظلامُ
جِمالٌ صومهُ تجري لروضٍ = بصحراءٍ مسالكها الجسامُ
فمنْ ركبَ الجمالَ وشدّ فيها = تظللهُ على القربِ الغمامُ
يُمتّعنا إلى الإفطارِ شوقٌ = ويجمعُنا على الزادِ انسجامُ
يُمرّننا على الطاعاتِ صبراً = وكيف هوى الغرائزِ يستقامُ
به الإيمانُ للشهواتِ قيدٌ = وما فيه إلى النفسِ احتكامُ
فكم تُمحى من الآثامِ فضلا = وكم فيه من الأجرِ اغتنامُ
ومن بركاته تُشفى نفوسٌ = وأجسادٌ يداهمها الزؤامُ
محاريبُ الصلاةِ لها وفودٌ = على أطرافها اشتّد الزحامُ
يبيت بها التقاةُ على خشوعٍ = كمن يعلو رؤوسهم اليمامُ
فلا ينهي تهجدهمْ نعاسٌ = ولا تثني عبادتهمْ سِقامُ
موائدهم إلى الفقراء تُهدى = وتكفي جوعهمْ منها العظامُ
هم الكلمُ الصدوق لكلّ أمر = وفي الغضب الشديد هم الكظام
هنيئاً للتقاةِ وهم صيامٌ = إذا مرّوا على لهوٍ تساموا
لهم رمضانُ مغفرةٌ فأضحوا = كمن ولدوا وما فيهم أثامُ
فإنْ فضّ الصيامُ بدون عتقٍ = فما يجدي لصائمهِ الملامُ
فلا يغنيهمُ عطشٌ وجوعٌ = كمنْ تعلو أراضيه الجهامُ
ينامون النهارَ وفي الليالي = لهم بمجالسِ اللهوِ اعتصامُ
فيا ويلٌ لمن بالشهرِ يلهو = ويُجفيه من اللهِ الخصامُ
فما كانَ الصيامُ صيامُ جوفٍ = ولكنْ في مناهجه التزامُ
فما نفْعُ الصيامِ إذا ارتداه= = فؤادٌ في الخطايا مُستهامُ