أنا والطيف والشيب والكفن، وأمل لا حدود له بالفوز يوم المعاد.
سهرت عيني ونامت أجفني=بين ليلي وطيوف الوسنِ
فأنا في صحوةٍ غافيةٍ=وأنا في غفوة تغلبني
فجأةً لوّح طيف سارب=في أناةٍ وحِذارٍ ليّن
قلت من أنت؟ فحيا صامتاً=قلت ما عندك قُلْهُ أبِنِ
ظل في الصمت الذي لاحت به=بسمة تخفي وتبدي وتني
وتشي والطيف في الليل له=نبأ ما ربما روَّعني
* * *=* * *
قلت بالله أجبني ما الذي=أنت تخفي ثم تبدي؟ إنني
لاح لي فيك نذير مشفق=قال لي إني رسول الزمن
إنما الشيب الذي تحمله=يا صديقي هو ثوب الكفن
فاستقمْ هل خفت نُصْحي يا أخي؟=قلت بل نصحك قد طمأنني
إن للعمر مدىً بالغه=وهو من خوف الردى يعصمني
* * *=* * *
لي وللموت عهود حرة=لم أخن ميثاقها أو يخن
أن ألقَّاهُ صديقاً محسناً=جاء يسعى لصديق محسن
ما هو العهد؟ أجبني قالها=قلت أن أحيا بقلب مؤمن
أعبد اللَّه على نهج الهدى=مخلص السر نقي العلن
هكذا عشت لعلي هكذا=والرضا ثوبي الذي يلبسني
وأنا منه وفيه فرح=وأنا بالشكر والحمد غني
ملأ الرحمن قلبي أملاً=ومحا عني قيود الحزن
ولمحت المن حتى في الأذى=فالذي أحزنني أفرحني
في ليال عامرات بالمنى=وليال بالأذى والشجن
وخطاياي التي نُؤْتُ بها=زمناً بادت مع التَّوْبِ السني
بل عسى الرحمن قد بدَّلها=حسناتٍ إنه الوعد الهني
هو وعد من جواد محسن=لم تزل آلاؤه تكلؤني
* * *=* * *
لي يقين أن ربي راحمي=حين ألقاه وشيبي كفني
ويميني مصحف لذت به=ظل نبراسي الذي يرشدني
ويساري صالحات حسنت=ليتني قد زدت منها ليتني
* * *=* * *
سكت الطيف وفيه بسمة=هي نعمى كالندى تغمرني
قال أبشرْ قلت ماذا؟ قال لي=سيكون الملتقى في عدن
* * *=* * *
وسجدنا أنا والطيف معاً=في خشوع جاز قيد البدن
وزماناً ومكاناً ودناً=سجدة فيها طيوب المنن
سجدة بالشكر ظلت ترتقي=حَسَناً يقتادها للأحسن