هوامش :
(1) إشارة إلى التحاق والد الشاعر ــ يرحمه الله ــ بمواكب المجاهدين عام 1948م ، وأم الثكالى كناية عن فلسطين الجريحة المسلوبة .
(2)إشارة إلى معركة التوافيق التي جرت على الجبهة السورية عام 1957م ، حيث اندحر الصهاينة ، بعد أن خلفوا قتلاهم وأسلحتهم .
مهلاً و لا تستهزئوا بثنائي = تزجيه قافيتي إلى الضعفاءِ !!
مَنْ جرَّدتْ أيدي الحضارةِ ما لهم= من كلِّ ما للناسِ من نعماءِ
وسفتْ رياحُ القهرِ عطرَ إبائهم= و وفائهم ... بالكيدِ والبغضاءِ
لكنَّهم وجدوا تمرُّدَهم هـدى= أحيتْهُ رغم الظلمِ روحُ وفاءِ
خرجوا على الدنيا وما في أفقِها= إلا دخانَ حرائقِ الغلواءِ
و لأنهم رفضوا الركوعَ لغيرِ مَـنْ= أجرى الأمورَ بحكمةٍ و قضاءِ
صفعوا النظامَ العالميَّ المُنتمي= للشرِّ أو لمحافلِ السفهاءِ
و لكلِّ طاغيةٍ يُقادُ برسنهم= طوعًا بكفِّ الدمنةِ الخضراءِ
و لأنني هيهاتَ يُدركني العنا= و جوانحي اشتعلتْ بجمــرِ إبائي
ما زلتُ أحملُ دون ملحمةِ الفدا= للقدسِ وَهْجَ قصيدتي العصماءِ
ولقد أفقتُ من الهجوعِ ، يهزُّني= صوتُ الأذانِ العذْبُ في الظلماءِ
و وُعدْتُ ـ والإسلامُ بيرقُ عزَّتي ـ= بالنصرِ رغم ضراوةِ الأعداءِ
قد كنتُ في ثغرٍ أردَُ عدوَّنا= وصمدتُ دون الغارةِ الهوجاءِ
ما زلتُ أحملُ كلَّ أوجاعي التي= اتقدتْ مع الضرَّاءِ و الأرزاءِ
لم أنقشِ الحرفَ المقدَّسَ لمحُــه= فوقَ السرابِ ، ولم يفتْهُ مضائي
وعلى جناحِ عقيدتي رفَّ العلى= متهللاً بالشرعةِ السمحاءِ
وبها اعتزازي إذ صفعتُ بكفِّها= صدرَ الضلالِ ، ولفتة الإغواءِ
وبها انتهضتُ بفطرتي ، وتجلُّدي= و وضيءِ مافي الروحِ من لألاءِ
كأبي الذي ألقى بمهجته إلى=( أُمِّ الثكالى ) في لظى البأساءِ (1)
يرجو رضا الرحمنِ في خطواته= للقدسِ ، بعدَ تبايُعِ الشركاءِ
ما زلتُ ألمحُ طيفَه بدروبِها= يغني ثباتَ الحقِّ في آرائي
هو من بني قومٍ تميَّزَ شأنهم= عمَّـا يجولُ بمسرحِ الخلطاءِ
يحكي نقاوةَ فطرةِ الشعبِ الذي= لم يرضَ حالَ الضيمِ و الإعياءِ
ما زلتُ ألمحُ وجهَه متألقًا= بتلاوةِ القرآنِ في الإدجاءِ
من أربعينَ ولم يزل يرنو إلى= أرجاءِ طهرِ مرابعِ الإسراءِ
لبَّى كما لبَّى الرجالُ ، وأسرجوا= هممًـا تردُّ مطامعَ الأعداءِ
أسرى بهم حبُّ الجهادِ ، فأرهبوا= تلك الفيالقَ دُجِّجتْ بدهاءِ
ونهضتُ يومئذٍ أرى بوجوههم= نورَ الهدى ، وبطولةَ العظماءِ
ما كنتُ أُدركُ يومَها إلا الوفا= بدموعِ فرحـةِ أعينِ الآباءِ
هجروا البنينَ ، مع الديارِ ، وخلَّفوا= عندَ الرحيلِ لهم سخينَ دعاءِ
مسحتْ دموعَ البائسينَ أكفُّهم=( و بديرِ ياسين) ارتوتْ بدماءِ
( ولقبيةِ ) الثكلى تثاقلَ ليلُها= لبُّوا استغاثةَ صبيةٍ ونساءِ
وكم انتخى شعبي ، و جالدَ صابرًا= مستبسلا رغمَ اليدِ العسراءِ
فسلِ ( التوافيقَ ) انجلتْ يوم الوغى= عن وجهِ صدقِ مجاهدٍ و فدائي(2)
تُنبئْـكَ أنَّ النصرَ من ربي ولا= يُرجَى سواه لعاصفِ الضَّراءِ
مازلتُ أحملُ في فؤادي ذكرَهم= ويلوكني ثمـلا بكلِّ مساءِ !!
ما زلتُ أذرفُ للعواصفِ أدمعي= كالجمرِ تلهثُ من وراءِ إبائي
ما زلتُ ألطمُ شدقَ ثرثرةِ العنا= بتمرُّدي الجوَّابِ ، واستهزائي
ما زلتُ أشهدُ مصرعي بعُتُوِّهم= رغمَ استماتةِ همتي القعساءِ
ما زلتُ أفتقدُ الفداءَ لأفتدي= بنفيسِ عنصرِه الأصيلِ لوائي
ما زالَ يخفقُ ومضُه في أفقِهم= رغمَ الحنادسِ والرؤى البلهاءِ
مازلتُ أبحثُ هاهنا أو هاهنا= عن قائدٍ أُوليهِ كلَّ ولائي !!
و ألوذُ تحتَ جناحِه ياحسرتي= كالطائرِ المذعورِ في الأنواءِ
متلفتًا أشتاقُ طيفَ إبائه= في ثوبِ مجدِ الطلعةِ الزهراءِ
ليقودَ أُمَّتَنــا بهدْيِ محمَّـــدٍ= للفتحِ في الدنيا ، وللعلياءِ
سأظلُّ رغم خطوبِنا متلهفًا= لا أنثني ، فالفتحُ بعضُ رجائي
* * *=* * *
كم أذعنتْ نفسي لسطوةِ ظالمٍ= وتمرَّغتْ بالقهرِ و اللأواءِ !!
لم تلتمسْ إلا رغيفَ عشائها= من زادِ قصعةِ دارِه الفيفاءِ
ورضيتُ أنْ ترضى بهمِّ مسائِها= وحملتُها للصبرِ والإغضاءِ
و زجرتُها لمَّـا تفلَّتَ عزُّهـا= من تحتِ مطرقةِ اليدِ العمياءِ
مَنْ باعَ عزَّ النفسِ في سوقِ الهوى= وجـدَ الهوانَ عليه رثَّ رداءِ
كم كنتُ أسفحُ من أساها صابرًا= خوفًا عليها من أسىً و شقاءِ
ياناسُ ما عادَ اصطباري في يدي = فخنوعُها قد لجَّ بالأرزاءِ
قد يستخفُّ أخو الهوانِ بما يرى= لقصائدي من نبرةِ شعواءِ !!
لكنْ سيذكرُها الذي لم ترتحلْ= كفَّـاهُ عن ذي الصفحةِ الشَّمَّـاءِ
ولأنها استعلتْ على الزيفِ الذي= دافَ القصيدَ لسمعةٍ و رياءِ
ساقتْ مظالمُهم صفاءَ جمالِها= لجحيمِ ذلٍّ لاهبٍ الأحناءِ
داسوا معارجَها برجسِ فسادِهم= فطوتْ على أملٍ بلا نُصَراءِ
وتهافتتْ ـ ويح القوافي ـ مالها !!= أَوَلمْ تكنْ كالبرقِ في الأرجاءِ !!
و رفيفُ ما للأمسِ من أصدائها= طحنوه في ليلٍ بلا أصداءِ
والنفسُ مثلُ قصيدةٍ : دورانُها= بين الأسى المشحونِ والضرَّاءِ
فإذا اعترتها النَّـارُ هبَّتْ ماردًا= يشوي بزفرتِه رؤى الأعداءِ
والنفسُ إن ضاقتْ بوهجِ مصابِها= صبَّتْ على الباغين مُهلَ بلاءِ
* * *=* * *
يامَنْ كفرتُمْ بالإلهِ ، وغرَّكم= كِبرٌ بأنفسِكم بدونِ حيـــاءِ
ونحرتُمُ اليومَ الضميرَ وسقتُمُ= للموتِ كلَّ تجمُّعِ الأنضاءِ
هذي حضارتُكم تكشِّرُ خِسَّةً= عن نابِها المسمومِ بالبلواءِ
و خرجتُمُ من بينِ أشلاءٍ لنا= مثل الذئابِ تلطختْ بدماءِ
ياعثرةَ التاريخِ غرَّ عدوَّنا= فقدُ الرجالِ الصِّيدِ في الهيجاءِ
هذي ملاحمُ عصرِك المقهورِ فينا ...= ... غابة في الوحشةِ الدكناءِ
ذبحتْ يدُ الحقدِاللعينةُ أهلَنا= ذبحَ الخرافِ على يدِ الشركاءِ
كم قلْتُ : إنَّ الكفرَ ملَّتُه يدٌ= للعنفِ و الإرهابِ و البغضاءِ
واللهُ يعلمُ ما تكنُّ صدورُهم= بعدَ الأذى بالمُـديةِ الحمراءِ
غمسوا مخالبَهم بأكبُدِ أُمَّـةٍ= وتبختروا في مشيةِ الخيـــلاءِ
والعالمُ المتفرنجُ المغلوبُ والمتأمركُ ...= ... المسلوبُ أفضلُ راءِ !!
لمن المدافِعُ أرعدتْ ؟ والمشتكى ؟= ولمَن يُبَثُّ تفجُّعُ الضعفاءِ !!
للغربِ أم للشرقِ أم في مجلسٍ= للمكرِ ، لايُدعَى لغيرِ عـواءِ ؟!
مكيالُه نصفٌ ، وكفَّةُ نصفِه= طاشتْ بلا شرفٍ ولا استحياءِ
يا أُمَّتي : إنَّ المشاكلَ لا تُحلُّ ...= ... بمجلسِ الكيدِ التعيسِ النائي
بل حلُّها بمكاتبِ التجنيدِ والإيمانِ ..= ... بالدَّيَّانِ ذي الآلاءِ
تلك المكاتبُ بالجهادِ تصونُ ما = أمسى بغيرِ حمايةٍ و وِقاءِ
فاستنفري يا أمتي مَنْ ضيَّعوا= نهجَ الرشادِ بمتعةٍ و خـــواءِ
واستعذبوا اللهوَ القبيحَ على الهدى= وتنافسوا بالإثمِ و الأهواءِ
وكأنَّ نائحةَ الأسى لمَّـا يصلْ= مرمى تأوُّهِ قلبِها المستاءِ
ياناسُ قد ذُبحَ الرجالُ ، ومثِّلتْ= أيدي اللئامِ الصربِ بالأبناءِ
ياناسُ واغتصبوا النساءَ نكايةً= بالمسلمين ، وهدَّموا لبناءِ
مَن ذا سيردعُهم ، وكلُّهُمُ سواءٌ ...= ... تحتَ ظلِّ حضارةِ السفهاءِ
أَوَلمْ تروا كم أطفأتْ مدنيَّةُ ... =... الأشرارِ نورَ الطلعةِ الخضراءِ !!
هدموا المساجدَ والمنازلَ ويلهم = بمعاولِ الأحقادِ والغلواءِ
* * *=* * *
لو أنَّنا قمنا على اسمِ اللهِ لم= يجرؤْ علينا جيشُ أهلِ بِغاءِ
بعقيدةِ الإسلامِ تسمو أنفسٌ= وتردُّ ما للزيفِ من إطراءِ
ولجحفلِ التوحيدِ يعنو غيُّهم= ويبوءُ مدحورًا بثوبِ شقاءِ
ومَنِ استجارَ بربِّه من ظلمِهم= نالَ المنى في الصبحِ و الإمساءِ
اللـــهُ يلعنُهم ، ويهتكُ سترَهم= و يُذيقُهم من عاجلِ الأرزاءِ
ياربِّ أثلجْ بالفلاحِ صدورَنا= واجبرْ مصيبتَنا ببردِ رجاءِ
إن لم يكنْ ظلُّ الشريعةِ موئلا= للمسلمين فما أتوا لهناءِ
و اللهُ قد وعدَ التقاةَ بنصرِه= فلينصروه بتوبةٍ و وفاءِ
ولْيبشروا بالفتحِ : غيمة راحمٍ= تسقي أمانيَهم من النعماءِ