فرشت فوق ثراها الحصى والحصبا=والنار تحرق غصن الأيكة الطربا
ما قلت شعراً ولكن قلت مهزلةً=يا حب جانين(1) يا من تذبح النسبا
دنست في شعرك المرذول نبعتنا=والوزن والحبر والطبشور والكتبا
ورحت تهدف سكراناً على طبقٍ=شعراً صفيقاً وفيه الشعر قد نكبا
حولت جلق صرح المجد غانيةً=والرأس من بعد اشمخراره ذنبا
حتى غدا شجر الصفاف امرأةً=والسيف في غمده ياما جنا قصبا
لو كان جرحك حقاً لا ضفاف له=لرحت تبكي على الأمجاد منتحبا
وما عكفت على الصهباء في نسمٍ=وأصبح الجنس محراباً حوى الأدبا
زيفاً تفتش عن عيني معاويةً=وعن تراثٍ غدا في الشام مستلبا
يا صاحب القلم المأجور في بلدي=وبعد ذلك تلقي اللوم والعتبا
إن كنت تصطحب البستان في سفرٍ=من شدة الحب أو هاجرت مغتربا
فكيكف تسل روح الدن في شغفٍ=وتهجر الكرم والعنقود والعنبا
أفٍ وتفٍ لمن قد عاش أمعةً=وحيثما الريح مالت مال فنهباً
يهجو إذا هدف أودى ومصلحةٌ=ويمدح الوضع والحكام إن رغبا
جيل تربى بشعرٍ أنت قائله=ويعشق الرقص والبارات والطربا
لن يستعيد فلسطينياً ولا قمما=راحت تناطح في هاماتها السحبا
إن لم يك الشعر ورقاءً نطيرها=وليس عيداً أماليداً ولا لعبا
فارجع إلأى الشعر في أثواب معتذر=واطلب رضاه فإن الشعر قد غضبا
وكيف تهدي أبا تمام معتذراً=الشعر إن شاخ بين الناس ثم كبا
حتم عليه بأن يستهل مرثيه=ويطعن البطن والأحشاء والعصبا
الشعر كالصقر في عرينه شمم=وعصره أبداً ما دام عصر صبا
مثل الشباب يباهي في فتوته=وما شكا عوجاً في الظهر أو حدباً
ولا أطال على الخدين سالفه=مثل الحذاء ولم يستعمل العلبا
تلك التي قد حوت عطراً وبهرجةً=لكي يزين رمش العين والهدبا
لكنه الشرف الوضاء من قدمٍ=ثم التراث الذي ما زال ملتهبا
فاكفف لسانك عن هذرٍ وعن لغطٍ=واكسر يراعاً من البارات ما شربا
كتى رتوى وراح يسيل من عفنٍ=ويركب العهر يا ثرثار لا الغضبا
إن ترفض العيب من طهرٍ ومن خلقٍ=فارجع لنفسك إن العيب قد غلبا
ولا تهاجم عيوباً أن رائدها=وتظهر النقد والإنكار والعجبا
ضجت يخلو بني الإسلام غاضبةً=في حومة الحرب تشكو الحزن والتعبا
لأن فارسها في السجن مسكنه=يشكو السياط ويشكو السل والجربا
وأصبح المتنبي رغم سمعته=يلوذ مختفياً جنباً ومنتقبا
لأن مثلك قد أضحى خليفته=وينكر الأصل والأعراق والنسبا
يا قدس لا تيأسي من نكبةٍ عظمت=قد خان في يومها يحكم العربا
وجيشك الغر من أبناء أمتنا=خلف الحواجز والأسوار قد غربا
وشاعر مثل هذا في صفاقته=يذبح الشرف الوضاء والرتبا
يغري الشباب بشعرٍ ساقط سمجٍ=ويدعي الحر فيما قاله كذبا
أسوق شعري لمن أضحت قصائده=سيفاً يذبح فيه المجد والحسبا
وما يركب من نثرٍ ومن جملٍ=غدا مصيبة هذا الشعر والنوبا
سمى(1) جمالاً نبياً دونما خجلٍ=وكان ذلك عبد الله بن سبا
أدى الأمانة في سيناء كاملةً=وفي حزيران وفي الشرط والطلبا
وقاتل في ذرا الأردن تذكره=وقاتل آخر صيرته قطبا
أباح مصر وأرض العرب قاطبةً=وأطعم العرب سخف القول والخطبا
كم مبحر وهموم البر تسكنه=إن كان يعرف ما قد جاز أو وجبا
أما إذا كانت البارات قبلته=والعاهرات وكأنسٌ فار منسكبا
يقضي الليالي صريعاً نهب غايفة=وفي مفاتنها قد هام واضطربا
ثم العمالة أمست رأس غايته=ضد البلاد وفي أعماقها ضربا
فأي همٍ له قد ناءً من ثقلٍ=بحمله وبأي الأمر قد حسبا
وحاكم نرجسي في سريرته=قد مل من تخمةٍ أثوابه القشبا
وشاعرٍ قد تربى فوق سفرته=ومن كؤوس الطلى والراح كم شربا
يثني عليه ويرويه مدائحه=وصار ابنا له والملك صار أبا
ألد أعدائنا كانوا وما فتئوا=يذبحون شباب الأمة النجبا
سقوا فلسطين أحلاماً ملونةً=وأطعموا شعبها السم والعطبا
حبل الفجيعة يلوي عنق من وقفوا=وواجهوا الظلم فيما قال واكتسبا
وفي المساجد نالوا كل تربيةٍ=وحصلوا العلم والأخلاق والأدبا
وعمروها بأذكارٍ وأدعيةٍ=وعفروا الوجه والسراحات والركبا
من السجود وقاموا خاشعين بها=لله يدعون في روضاتها رهباً
كما ويرجون من حبٍ وفي طمع=مثوبة الخلد في جناتها رغبا
هذا الشباب الذي في وجه طاغيةٍ=تكلم الحق حتى اغتيل أو صلبا
وما يزال مصراً في مواجهةٍ=مرابطاً في سبيل الله محتسبا
حتى تعود على الدنيا خلافتنا=وكل شبر من الأوطان قد سلبا
لا عنق من كان في الدنيا أخا وطرٍ=وللخنسا والفواني العمر قد وهبا
نعيت قفصته والأحداث في أسفٍ=ورحت من بعدها تستهجن العربا(1)
فقلت عن شعب مصر الحر تنعته=مثل الدواب وخنت الأصل والنسبا
فلا عرفتك ذا نقدٍ وذا ألمٍ=ولا عرفتك إفرنجاً ومغتربا
يا أيها العيب والمكروب في وطنٍ=شبابه طوق الغبراء وانتسبا
إلى الحضارات والأمجاد مذ وجدت=وما تراجع في حربٍ ولا غلبا
إلا بعصرٍ غدوت اليوم شاعره=تطهيره منك يا جرثوم قد وجبا
قرأت شعرك من ياءٍ إلى ألفٍ=وعدت أبكي ضياع الوقت مكتئبا
بين الحديث عن الأفلام ما عرضت=وبين خفٍ قديمٍ أسمر ثقبا
إن كنت تبحث عن أبطال أمتنا=وعن رجال غدوا في جوهم شهبا
فارجع لنفسك هل فكرت في ندمٍ=يوماً لتصلح ما أفسدت أو خربا
نزار يا بئر أوساخٍ وساقيةً=تفوح خبثاً فتؤذي البر والسحبا
يرضيك من حاكم عظم فتمدحه=فكيف إن ذقت فخد الشاة والجبنا
وقبر خالد في حمصٍ يناشدنا=أن حرروا الشعر صار الشعر مغتصبا
تبخر البحر بل جفت شواطئه=وأصبح الوزان أقفاصاً كما كتبا
ما قلت يا زير لا شعراً ولا أدباً=بل عنة الشعر والتاريخ والأدبا
عليك ما عشت في حلٍ وفي سفرٍ=وتأخذ الدرب في بطن الثرى سربا
ترنو إلى الناس من برجٍ على شذرٍ=وفي يراعك قد قيمتهم لعبا
ودونك الكل في علمٍ ومعرفةٍ=وتقرض النثر منفوشاً أو معتجبا
وأنت أتفه من تسعى به قدمٌ=شأناً وأسخف من فوق التراب حبا
لو كنت تعلم زنديق عن كثبٍ=وجاءك العلم لا شكاً ولا ريبا
بأن في الناس من أضحى يطاولكم=وفي الدعارة أعلى منكم كعبا
لرحت تضرب كفيك ومن ندمٍ=تستغفر الليونز والرورتا والحزبا
فأمك الليونز يا قبان قد قبلت=والبعث والدك الحاني نفى وأبى
إذا رأيت الفتى والجهل يركبه=وفوق ظهر أبي النواس قد وثبا
فأمل الخير لا تيأس فإن له=قلباً ندياً وغضاً أخضرا رطبا
وإن ترى الشيخ تستهويه معصيةٌ=والعمر أذوى على التسين واقتربا
من حافة القبر فاكتب يا نزار به=شعراً بنى اليأس في أرجائه قببا
ماذا تقول إلى الرحمن معتذرا=يوم الحساب إلى الميزان قد نصبا
وأنت ما زلت في اللذات منهمكا=والعمر ولى وطيب العيش قد ذهبا
إني أحلتك يا ثرثار محكمة=فلا تلمني وحتماً تعرف السببا
فأصدرت حكمها والعدل رائدها=إعدامك اليوم وعدٌ كان مرتقبا
ثأراً لمكرمة الأخلاق منك فقد=هتكت حرمتها والستر والحجبا
واستنجدت لغة القرآن صارخةً=أن اقتلوه فكم في حقي ارتكبا
من الجرائم حيث القتل بات له=حداً وقرباً إلى الرحمن بل قربا