الموشحات الأندلسية
قال لسان الدين محمد بن عبدالله بن الخطيب :
جــادك الغيــث إِذا الغيـث همـى *** يــا زمــان الــوصل بــالأَندلسِ
لـــم يكــن وصْلُــك إِلاّ حُلُمًــا *** فــي الكــرى أَو خُلسـة المخـتَلِسِ
***
إذ يقــود الدّهــرُ أَشــتاتَ المُنـى
ينقــلُ الخــطوَ عـلى مـا يرسـمُ
زُمَـــراً بيــن فُــرادى وثُنــىً
مثــل مــا يدعـو الوفـودَ الموْسـمُ
والحيــا قــد جـلَّل الـرّوض سـنا
فثغـــور الزّهــرِ فيــه تبســمُ
***
وروى النُّعمــانُ عـن مـاءِ السّـما *** كــيف يَــروي مـالِكٌ عـن أنَسِ
فكســاه الحُســن ثوبــاً معلمــا *** يـــزدهي منـــه بــأبهى مَلبسِ
***
فــي ليــالٍ كــتَمَتْ سـرَّ الهـوى
بــالدُّجى لــولا شــموس الغُـرَر
مــال نجــمُ الكـأس فيهـا وهـوى
مســـتقيمَ السّــيرِ سَــعْدَ الأَثَــرِ
وطَـرٌ مـا فيـه مـن عيـبٍ سـوى
أَنّـــه مـــرّ كــلمْح البصَــرِ
***
حــين لــذّ الأُنس شــيئاً أَو كمـا *** هجــم الصّبــحُ هجــومَ الحـرَسِ
غــارت الشــهْبُ بنــا أَو ربّمـا *** أَثّــرت فينــا عيــون النرجــسِ
***
أَيّ شــيءٍ لاِمْــرئٍ قــد خلُصـا
فيكــون الــرّوضُ قـد مُكِّـن فيـهِ
تنهــب الأَزهــار فيــه الفُرصـا
أمِنَــت مــن مكــره مــا تتّقيـهِ
فــإذا المــاء تنــاجى والحـصى
وخـــلا كـــلّ خــليلٍ بأخيــه
***
تبصــر الــوردَ غيــوراً بَرِمــا *** يكتســي مــن غيظـه مـا يكتسـي
وتَـــرى الآس لبيبــاً فهِمـــا *** يســرقُ الســمْع بــأذنيْ فــرَسِ
***
يـا أُهيْـلَ الحـيّ مـن وادي الغضـا
وبقلبـــي ســـكَنٌ أَنتـــم بــهِ
ضـاق عـن وجـدِي بِكُم رحْبَ الفضا
لا أبــالى شــرقَه مــن غربــهِ
فــأعيدوا عَهْــدَ أنسٍ قــد مضـى
تُعْتِقـــوا عــانيكمُ مــن كرْبــهِ
***
واتّقــوا اللــه وأَحــيوا مغرمَــا *** يتلاشــــى نَفَســـاً فـــي نَفَسِ
حـــبَس القلــب عليكــم كَرمــا *** أفـــترضون عفـــاءَ الحــبَسِ؟
***
وبقلبــــي منكــمُ مقـــتربُ
بأحــاديث المنــى وهــو بعيــد
قمـــرٌ أَطلــع منــه المغــربُ
شَــقْوة المُغــرَى بـه وهـو سـعيد
قــد تســاوى محســنٌ أَو مـذنبُ
فــي هــواه بيــن وعْـدٍ ووعيـد
***
ســاحر المقلــة معســول اللّمـى *** جــال فــي النّفس مجــالَ النّفَسِ
ســدّدَ السّــهمَ وســمّى ورمــى *** ففـــؤَادي نهبـــة المفـــترسِ
وسوم: العدد 850