وفي ذكرى عيد الفطر 1988 وعبرت فيها من الذكريات الرقيقة في دمشق والغوطة حيث قضيت منها قرابة ست سنوات من عام 1974 إلى عام 1980 وهي أحلى أيام العمر.
وإذا كان الشعراء قد تغزلوا بجمال الطبيعة في دمشق وتغنوا بسحرها الخلاب.
وقالت إحدى الشاعرات:
وقال آخر:
وقال الشاعر محمد البزم
فإني أضم صوتي إلى أصواتهم وأقول:
هذي الطريق وما كانت معبدة كلا ولا فرشت زهرا ونسرينا
نزه الطرف عن دمشق ففيها=كل ما تشتهي وما تختار
هي في الأرض جنةٌ فتأمل=كيف تجري من تحتها الأنهار
سقى الله أرض الغوطتين وأهلها=فلي بجنوب الغوطتين شجون
وما ذقت طعم الماء إلا استخفني=إلى بردى والنهر بين حنين
أخت الخلود وما الخلود مفارق=برداك ما عرف الأنين خلودا
ليت الزمان الذي ولى وماضينا=بين الغصون وأزهار البساتينا
وقد ترامت ظلال الحور وارفةً=والماء يجري وأنسام الرياحينا
تهب من هضبة الجولان عابرةً=آفاق جلق أصالاً تحيينا
وقد فرشنا على الأعشاب سفرتنا=جبناً وفولاً ومكدوساً وزيتونا
والزيت والزعتر الحلبي جانبه=ولبنةً لذةً بالأكل تغرينا
ثم الحليب وما قد طاب من لبنٍ=وخضروات .... وليمونا
مع المربى بأشكالٍ منوعةٍ=للسفرجل مشمش أو شئت يقطينا
والشاي كالشهد من مجراك يا بردى=تغليه أم عريب ثم تسقينا
ومن فواكه في الأغصان يانعةً=وقد تدلت فطلناها بأيدينا
يعود غضاً وقد عادت خلافتنا=وراية النصر رفت فوق وادينا
ودولة الظلم دكت من قواعدها=على أيادي الضراغيم الميامينا
في غوطة الشام والأغصان باشقةً=والطير في جوها السحري يغنينا
يا طيب عيشٍ وأيام لنا انصرمت=كانت بعمري الذي ولى سيارينا
يا أهلنا الغر فيها يا أحبتنا=ويا كراماً وأصبحتم بعيدينا
لا تحسبوا السجن والأخبار قد قطعت=عنا وعنكم لعهد الود ينسينا
أو أن يغير منا من أنملةٍ=إن طال ما غير النأي المحبينا
وقد أظلنا عيد الفطر يا أسفي=ونحن في السجن نرجو من يواسينا
إذا نذكر الأهل والأولاد هل فرحوا=أم استفاقوا صباح العيد باكينا
من يدخل البيت هذا اليوم يفقدهم=ومن سيذكر في العيدا المصابينا
أمن سيؤنس في الأفراح وحشتهم=من أقرباء وخلان و........
ما حال أم لها في السجن أربعةٌ=أو اصبحوا في رمال البيد ثاوينا
والزوج هاجر مطلوبا وقد مكثت=في البيت تستقبل اليوم المعزينا
تلف في المهد مبغوم النداء كما=آوث صغاراً وأطفالاً لأبريئينا
يقول أكبرهم أماه أين أبي=طال الغياب متى يأتي أجيبينا
تجيبه الأم والعبرات تخنقها=عسى بن قريباً أن يوافينا
آه كمبضع الجراح أحس بها=تفري العروق وتجتث الشرايينا
لأن من يرقب الأطفال عودته=ينام في الرمل من عام الثمانينا
وكان عهدي بهم في العيد قد لبسوا=أبهى الثياب وطاروا ثم زاهينا
إلى المراجيح والساحات قد فرشت=بسطا تغص بما فيه يهيمونا
ويشتهون بيوم العيد من لعبٍ=قفزا وعزفاً وتغريداً أو تلحينا
لكن أراهم بهذا اليوم قد قبعوا=خلف الجدار وراء الباب يبكون
وفرحة الناس في العيدين قد درست=وأصبح الشعب كل الشعب محزونا
في عهد بعث ومقام زنادقةٍ=زرق الوجوه ملاقيط وعيينا
هذي البيوت التي ضجت مآتمها=وأهلها اليوم بعد اليوم يرجونا
عود الأحبة عن قربٍ وفي لهفٍ=ويقطعون بياض اليوم راجينا
حتى إذا جن ليل اليوم انتصبوا=إلى الصباح على الأقدام يدعونا
والأقرباء ومن في الحي يسمعهم=يقول في لهفة المخزون آحيينا
هل تستعيد من الأفراح راحلها=وينجلي البؤس عن وجه المساكينا
وتغمر الفرحة الكبرى مرابعها=والنصر وافى وقد حقت أمانينا
عسى قريباً فإن الشوق أحرقني=ولست وحدي فيا حرا الملايينا
رباه فرج وأطلق من سجونهم=سراح آلاف آلاف المساجينا
واجمع من الشمل ما قد فرقوا وأعد=الابتسام إلى أفواه أهلينا
رحماك ربي وتوجها بصاعقةٍ=تعلو ديار بني حمدان آمينا
يا روضةً في ربيع العمر قد ذبلت=ورحب دار تبدلنا زنازينا
لما سلكنا طريق المساجين ومن=قد ثار لله إعصاراً باركينا
وودع الأهل والدنيا وزينتها=لينصر الحق والأخلاق والدينا
أسطورة العصر مروان ومفخرةً=للمسلمين وتاج في نواصيها
إن غبت عنا زعيم القوم عن قدرٍ=خلفت بعدك آلاف المراوينا
رضيت فيها ولن أرض بها بدلاً=وأسأل الله أن يرضى ويرضينا
رباه فرج وأطلق من سجونهم=سراح آلاف آلاف المساجينا
واجمع من الشمل ما قد مزقوا وأعد=الابتسام إلى أفواه أهلينا
رحماك ربي وتوجها بصاعقةٍ=تعلو ديار بني حمدان آمينا