من سلسلة : في سجل الخالدين
مع الرحيل *
{ مهداة إلى القائد المجاهد الداعية عصام العطار... رسالة حب وتقدير }
تم نقل هذه السيرة المباركة للداعية المجاهد عصام العطار من أحد المراجع الموثوق بها ))
ولد في مدينة دمشق سنة 1927م في أسرة علمية عريقة. * )
تلقى معارفه الإسلامية والعامة الأولى في أسرته.*
*اختار في سنٍّ مبكرة أن يُكَوِّن نفسَه بنفسه وفق رؤيته الخاصة في مختلف المجالات خارج المؤسسات المدرسية والطريق المألوفة في الدراسة.
*عَلَّم في مطالع شبابه الدين والتاريخ والأدب والفلسفة في المعهد العربي وبعض المعاهد والمدارس الخاصة في دمشق.
*استقطَبَتْ في وقت مبكّر من حياته دروسُه الدينية في المساجد ، وخطبُه ومحاضراته الإسلامية والوطنية والاجتماعية والسياسية في المناسبات والاحتفالات والمؤتمرات والأندية حماسةَ الناس ، وتأييدَهم الواسع في دمشق ومدن سورية أخرى.
*في سنة 1955م تمّ اختياره بالإجماع أميناً عاماً لهيئة المؤتمر الإسلامي الذي ضمّ حينذاك كبار علماء الشريعة في سورية ، وجميع المؤسسات والجمعيات الإسلامية ، والقادة الإسلاميين البارزين في الميدان السياسي والاجتماعي والثقافي
*كان له في مختلف مراحل حياته دور بارز في خدمة قضايا التحرر والعدالة في فلسطين وفي سائر العالم العربي والإسلامي .
*في سنة 1961م تمّ انتخابه نائباً عن مدينة دمشق بأكثرية ساحقة ، وانتخاب المرشحين الذين قدمهم للشعب ، كما تمّ انتخابه بالإجماع رئيساً للكتلة الإسلامية في البرلمان الجديد ، التي تكونت من مختلف المناطق والتيارات الإسلامية في سورية.
*رفض باستمرار جميع المناصب الوزارية والرسمية الكبيرة التي كانت تُعرض عليه ، ليبقى في خدمة دعوته وأمته على الصعيد الفكري والشعبي .
*كان دائماً مع حقوق الإنسان في سورية والبلاد العربية والإسلامية وفي سائر أنحاء العالم ، وكافح دائماً من أجل الحرية والكرامة والعدالة والتقدم ، ودافع عن كلّ مظلوم ومضطهد دون نظر إلى جنس أو دين ، أو تفريق بين صديق وعدو ، ومؤيد ومعارض .
*في سنة 1962م انتخب بالإجماع مراقباً عامّاً للإخوان المسلمين في سورية ، وبقي –رغم الانقلاب العسكري البعثي– يقود « الإخوان » والأكثرية الكبرى من التيار الإسلامي والديمقراطي الشعبي بمختلف انتماءاته الدينية والعرقية والاجتماعية ، ويمارس نشاطه العلني الواسع ، ويتابع خطبه المعروفة في مسجد جامعة دمشق ، إلى أن خرج للحج سنة 1964م ، فسدّ عليه النظام السوريّ الدكتاتوري طريق العودة ، وحال بينه وبين الرجوع إلى البلاد.
وفي سنة 1964م انتخب رئيساً للمكتب التنفيذي للإخوان المسلمين في البلاد العربية .*
*اضطر اضطراراً إلى السفر إلى أوروبا عندما لم يعد له على الأرض العربية مكان يعيش فيه بحريته واستقلاله ويستطيع فيه متابعة سيره وأداء واجبه.
*أصابه في أوروبا سنة 1968م شلل شفاه الله بعد ذلك منه ، وتخلّى لمرضه وغربته وظروفٍ وأسباب أخرى عن جميع مسؤولياته وارتباطاته الحركية والتنظيمية.
*تعرض – بسبب محاربته الدكتاتورية والاستبداد ، ودفاعه المستمر عن الحريات ، وحقوق الإنسان ، ورفضه المساومة على دينه ونهجه ومصلحة أمته وبلاده - إلى عدد من محاولات الاغتيال في أكثر من مكان ، ومن ذلك تلك المحاولة الآثمة المجرمة التي ذهبت ضحيتها في 17/03/1981م شريكته في حياته ، وعونه في مختلف أحواله ، زوجته المؤمنة الوفية العاملة الصابرة المحتسبة بنان علي الطنطاوي « أم أيمن » رحمها الله تعالى
. قُيِّدَتْ حريّاتُه السياسية في ألمانيا سنة 1981م*
*يعيش عصام العطار الآن وقد جاوز الرابعة والثمانين من العمر في مدينة آخن ، ويكرّس ما بقي له من قوته وعمره لخدمة الإسلام والمسلمين جميعاً دون تمييز ، وخدمة قضايا الحق والعدالة والإنسانية والإنسان في كل مكان .
*شارك عصام العطار في تأسيس المنتدى الإسلامي الأوروبي للتربية والثقافة والتواصل الإنساني والحضاري وما يزال يتولى رئاسته حتى الآن ) .
*نشرت هذه القصيدة في مجلة البلاغ الكويتية ــ العدد 799 ــ بتاريخ 19/10/1405هـ ، باسم مستعار لظرف وجودي في مكان آخر في تلك الأيام .
رحلْتَ مؤتلقًا كالبدرِ ، كالعلمِ=تطوي المكاره من ظُلْمٍ ومن ظُلَمِ
تعيشُ ذاشممٍ ، تحدو أخا جَلَدٍ=ولم تهبْ سطوةَ الباغين والسَّقمِ
وعلَّمتْ قدماكَ السَّعيَ مَنْ طلبُوا=أغلى الأماني بظلِّ الدِّينِ والقيمِ
تعيشُ للدعوةِ الغرَّاءِ عاليةً=لم تخفض الرأسَ رغمَ الخطبِ والألمِ
وتلك شيمةُ مَن كانت عقيدتُه=شريعةُ اللهِ يمليها على الأُممِ
وأنتَ مَن عاشَ نبراسًا لموكبنا=تعلِّمُ الركبَ معنى الصَّبرِ لم تجمِ
آثرْتَ في الغربةِ العجفاءِ جفوتَها=عن المقامِ بدنيا الزَّيفِ والسَّأمِ
تضيقُ عنك قلوبٌ شانها دَخَلٌ=ولم تبالِ بأوطانٍ ولا ذممِ
الَّلهُ حسبُك مادارتْ مكائدُهم=والَّلهُ عونُك في الشِّدَّاتِ والغُمُمِ
أتى بك الحلُّ والترحالُ عندَ مدىً=أنرْتَ ظلمتَه بالفضلِ والشِّممِ
فما لمثلِك في الدنيا مقامُ هوىً=ولستَ تركضُ خلفَ الجاهِ والنِّعمِ
الشَّامُ دوحتُك الفيحاءُ كم شهدتْ=لقلبِك الحُـرِّ من فعلٍ ومن كَلِمِ !!
وكنتَ قطبَ رحاها في جحاجحةٍ=تجالدُ البغيَ والطاغوتَ بالخذمِ
ولم تزلْ بحبالِ اللهِ معتصمًا=بين الشَّبابِ ، وغير الله لم ترمِ
عصامُ : ياقائدَ الأبرارِ : زحفُهُمُ=يخوض غمرَ الوغى بالسَّيفِ والقلمِ
سيشرقُ الفجرُ ياعطَّارُ من غسمٍ=وينتهي البغيُ والإجرامُ في الغسمِ
فربُّكَ الَّلهُ بالمرصادِ يمهلُهم=هيهاتَ لن يفلتوا ، فالشَّرُّ في رَغَمِ
وأصعبُ الصَّعبِ ميسورٌ بقدرتِه=على يقينٍ بربِّ الناسِ كلِّهِمِ
والباطلُ اليومَ بالإسلامِ يمحقُه=شبابُنا المؤمنُ الوثَّابُ بالهممِ
الَّلهُ أكبرُ من بغيٍ وطاغيةٍ=ومن نفاقٍ ، وغدرٍ غيرِ منكتمِ
ومن هوىً بدَّدَ الآمالَ ، أحرقَها=من غيرِ نارِ طواغيتٍ ولا ضرمِ !!
لم يرهب الشَّرَّ أبطالٌ قد اقتحموا=لجَّ المنايا بلا خوفٍ ولا ندمِ
وصارعوا الكفرَ طغيانًا وطاغيةً=وآثروا جنَّةً عن سلسلٍ شَبمِ
وقاتلوا المجرمين الأنذلين ، ولم=تخيفُهم عاصفاتُ الحقدِ والحممِ
وأثبتوا عزَّهم في كلِّ موقعةٍ=وأوهنوا كلَّ خوَّانٍ ومنهزمِ
وسابقوا الموتَ شوقًا دونَ جنَّتِهم=يافرحةَ المؤمنين الصِّيدِ بالكرمِ
هيهاتَ يرهبُنا موتٌ بمعمعةٍ=فنحن للسَّاحِ دونَ الحقِّ والشِّيمِ
لقد صدعْنا ، ولم تركنْ قصائدُنا=لصولةِ المارقين اليومَ بالنَّخمِ
الموكبُ البَـرُّ ماضٍ دون بغيتِه=بحُلوِ خيرِ نداءٍ غيرِ منكتمِ
وإنْ رمتنا عداواتٌ مؤجَّجةٌ=من الطغاةِ بليلِ الغدرِ والقَتَمِ
فهم تراموا على أوزارِ خسَّتِهم=لمَّـا رموا أهلَ شرعِ اللهِ بالوصمِ
الشَّرقُ والغربُ من أعداءِ شرعتِنا=وكلُّ طاغيةٍ في كلِّ مقتَحَمِ
وملَّةُ الكفرِ مهما لانَ ملمسُها=فإنَّها السمُّ في الأحزابِ والنُّظُمِ
والظلمُ أعتى إذا أرغتْ ضراوتُه=وأضرمتْ نارُه في كلِّ مزدحَمِ
أبناءُ جِلدتِنا ــ ياويحهم ــ سبقتْ=بلوى عداوتِهم من كلِّ مجترمِ
فهم شُواظٌ على الإسلامِ في سفهٍ=وهم أفاعٍ على الأبرارِ في السَّلمِ
باعوا البلادَ ولم يرعوا لها ذممًا=أما العبادُ ففي ضَنكٍ وفي سقمِ !!
ياويلَ أُمَّتِنا من شرِّ ما صنعتْ=حكَّامُها في بلادِ العربِ والعجمِ !!
والليلُ لابدَّ للَّيلِ الطويلِ غدًا=من الصَّباحِ الذي يطوي أسى السَّأمِ
فالَّلهُ جلَّ جلالُ اللهِ ناصرُنا=ولن يخيبَ أخو صدقٍ بمُلتَطَمِ
***= ***
رحلْتَ فانتفشوا ، لكنْ بما غرفوا=من السَّرابِ الذي يودي إلى العدمِ
فأين شيمةُ مَن تُرجَى أُخوَّتُهم ؟=وأين أين سجايا الفضلِ والشيمِ ؟
ذابتْ نضارتُها في كلِّ حالقةٍ=فلا وداد ، ولا عاجوا على قيمِ !!
وحسبُهم أنَّهم باؤوا بما نكثوا=من العهودِ ، وألقوها على الضَّرَمِ
ما أنتَ وحدك !! فالإيمانُ يجمعُنا=وأنتَ أنتَ مثالُ العزمِ والهممِ
جراحُكَ اليومَ للإسلامِ نازفةٌ=فما بخلْتَ بما في العيشِ من نعمِ
لأُمَّةٍ أوهنتْها غفلةٌ عصفتْ=بحقلِ إسلامِها الزَّاهي من القدمِ
فبوركَ الصَّبرُ ياعطَّارُ تحملُه=كأنَّه من أريجِ الخُلدِ والعَنمِ
{ بنانُ } أختُ علانا قد مضتْ قُدُمًا=بدربِها العَطِرِ الفوَّاحِ ... كالحلمِ !!
ورصَّعَ المجدُ بالإخلاصِ سؤدُدَها=بأكرمِ البذلِ من روحٍ لها ودمِ
وقارعتْ بالهدى والحقِّ مَنْ ظلموا=وأنفُسًا عن خسيسِ الفعلِ لم تنمِ
بدربِها الأخواتُ الطَّاهراتُ على=عهدٍ ، لحربِ عتاةِ الغيِّ في الأُممِ
هو الجهادُ ، ولم نُلقِ السِّلاحَ ، ولا=نرضى الدَّنيَّةَ أو نُلقي يدَ السَّلمِ
هي الدماءُ التي فاضتْ بأربُعِنا=تكوي الجناةَ بثأرٍ غيرِ منصرمِ
والحقُّ يبقى ، ولا يودي بجحفلِه=تكالُبُ الشَّرِّ والطغيانِ والألمِ
إنَّا على العهدِ مالانتْ سواعدُنا=ولا ثنى عاصفُ الأحداثِ أيَّ ظمي
والموتُ أُمنيةٌ تحلو لمَنْ صدقوا=وعاهدوا الَّلهَ ماهابوا لظى الحِممِ
سيعلمُ الظَّالمون : الحقدُ جمَّعَهُم=مآلَهم ــ عندَ ربِّ الخلقِ ــ في الدُّهُمِ
فإنَّهم من بقايا المارقين بلا=دينٍ ولا خُلُقٍ يزكو ولا شيمِ
***= ***
رحلْتَ والغربةُ : الدُّنيا لمُعتقِدٍ=بمنهجِ الَّلهِ لم يقنطْ و ينفحمِ
فمن جهادٍ ، إلى فضلٍ ، إلى شممٍ=يحلو بك الصِّدقُ والإخلاصُ للقيمِ
رسالةُ الَّلهِ زادٌ للهُداةِ على=طريقِ أهلِ الوفا في كلِّ منبهمِ
والعميُ قد غرَّهم وهنٌ بأُمَّتِنا=فلم يروا واجبًا يدعو إلى الهممِ
كأنَّهم والعمى أودى بهم ، فمضوا=رغمَ النَّذيرِ عن الصَّيحاتِ في صممِ
فما يُرجَّى بهم خيرٌ لأمَّتِنا=وما نرى بينهم وجهًا لمعتصمِ
قمنا نجابهُ طغيانًا وطاغيةً=فإنْ هوى صنمٌ قمنا إلى صنمِ
والناسُ ياويلهم نامتْ لهم مقلٌ=وأعينُ الإخوةِ الأبرارِ لم تنمِ
فللطغاةِ ــ ووادي الويلِ موئلُهم ــ=جزاءَ ما اقترفوا في ليلِ غدرِهِمِ
وهذه الأرضُ ميدانٌ ، وكم وأدتْ ــ=من الوجوهِ التي خابتْ ــ يدُ الرَّجمِ
يفيضُ قلبُك إيمانًا تزيِّنُه=دونَ العلى ثقةٌ بالنَّصرِ للقيمِ
واليأسُ كفرٌ ولا يُنمَى لشرعتِنا=مهما طغى الهولُ بالأشجانِ والسَّقمِ
شبابُنا ــ واحتدامُ البغي في محنٍ ــ=أقوى وأعتى من الطاغوتِ والغسمِ
سيدحرُ الظُّلمَ أبطالٌ غطارفةُ=ويُرجِعُ الصِّيدُمنها كلَّ مهتَضَمِ
فكم طوتْ قبضةُ الأقدارِ طاغيةً=وقد تدرَّعَ بالأجنادِ في أجمِ !!
ياغارةَ الَّلهِ هذا عصرُ ملحمةٍ=فيها نجدِّدُ ما للدِّينِ من عِظَمِ
فرفرفي بالهدى والنَّصرِ حانيةً =فإنَّ حبلَ التَّفاني غيرُ منفصمِ
مازلتَ تمنحُنا عزمًا بما وهبتْ=يداكَ رغمَ العنا والضِّيقِ واالوصمِ
سينجلي الغسمُ الممدودُ يتبعُه=خطبٌ عوى بالرَّزايا السُّودِ والألمِ
ونحملُ الجُرحَ مهما فاضَ دافقُه=ونستعينُ بصبرٍ غيرِ منفصمِ
لنا الفخارُ بدينِ المصطفى أبدًا=في العالمين ، ولم نخضعْ لُمجْتَرِمِ
وما أردنا لهم حقدًا ، ففي يدنا=قرآنُ بارئِنا يدعو إلى الشِّيمِ
والشَّامُ مهدُ البطولاتِ التي عرفتْ=مدى العصورِ فصولَ السَّيفِ والقلمِ
ترنو لوجهِك ياعطَّارُ مؤتلقًا=بأعذبِ الحبِّ والتقديرِ في الأُمم
سحابُها العطفُ والرَّحْمَاتُ وَدْقُ يدٍ=قد باركتْها مزايا الوُدِّ والشيمِ
تعودُ للأصلِ مهما عاثَ شانئُها =فالجذلُ باقٍ وثيقَ العهدِ والعِصَمِ
فَلْتَبْتَهجْ أمةُ الإسلامِ موعدها =ذي البشرياتُ بِكَلْمٍ غيرِ منكتمِ
فالله يرعى خطاها حيثما اتجهتْ=وسُنَّةُ المصطفى في خيرِ مُعتَصَمِ
وسُنَّةُ اللهِ حاشا أن يبددَهـا =طوفانُ طغيانِهم في السهلِ والأكمِ
وغوثُنا الله إن دنباهُـمُ جَحَدَتْ =ماللأباةِ من الإيثارِ والذِّممِ
عزاؤُنا أنَّنا نشدو لرفعتِهم =ولا نُسَوِّقُ شَرًّا فِعْلَ مُنتَقِمِ
فنهجُنا نهجُ خيرِ الخَلقِ أحمدنا =وَلْيَسْألُوا قبلَهم مَن لاذَ بالحرمِ