أنتم بني الإسلامِ مَنْ في دينِكم = سبلَ الخلاصِ بقوةٍ و دعاءِ
* * *=* * *
في ليلةِ القَدْرِ المنيفةِ مـغْنَمٌ = يُغني سليمَ القلبِ بالرَّحَمَاتِ
فيهـا ثوابٌ ليسَ يُحْصَى عَدُّه = أضعافَ أضعافٍ من الحسناتِ
فَتَرَقَبَنْهَا في الليالي مُـدْنفًا = من آخر الشهرِ الكريمِ الآتـي
وَاجْـفُ المنامَ وقـمْ لربِّكَ عابدًا = متبتِلا بالذِّكـرِ والآياتِ
واسألْهُ فالمولى قريبٌ لـم يزلْ = ماخَيَّبَ الرَّاجينَ بالدعَواتِ
فإذا ظفرْتَ بنورِهـا وجلالِها = فـاعلَمْ بأنَّك فزْتَ بالجنَّـاتِ
* * *=* * *
ياربِّ وافانا الصِّيامُ وإننا = لرضـاكَ في دنيا الفنـا نشتاقُ
فاقْبَلْهُ ياربِّي بفضلِكَ واغْفِرَنْ = آثامَنـا ضاقت بهـا الآفاقُ
مـا حـلَّ بالناسِ الذين تَنَكَّبُوا = نهجَ السَّلامةِ دمعُهم رقراقُ
يشكون من ثقلِ النَّوازلِ إنَّهم = لاقوا من الويلاتِ ما قد لاقوا
واستسلموا رغم التَّجَبُّرِ قبلَها = رغمَ العلومِ جديدُهـا دفَّاقُ
وسِواك لايُرجَى لكشفِ مصابِهم = ولغيرِ عفوِك لاترى الأحداقُ
رمضانُ أقبَلَ فاغْتَنِمْ فيضَ النَّدى = مُتَلَهِفًـا للعفــوِ والرحَماتِ
وانْهَضْ إليهِ بلهفةٍ توَّاقَةٍ = مستبشرًا بِعُذوبَةِ النَّفحاتِ
شهرُ الهدى والفتحُ بعضُ هِباتِه = ونزولُ وحيِ اللهِ بالآياتِ
قد جاءَ بالقرآنِ منهجَ رِفعةٍ = يُنْجِي بني الدنيا من العثراتِ
فاجْعًلْ لِذاتِك منه نورَعبادةٍ = تَأْمَنْ هُدِيْتَ غدًا من الحَسَرَاتِ
فا لعُمْرُ مهما طـالَ يطويه الرَّدّى = فاحْفَظْهُ من زَيْغٍ ومن زلاَّتِ
* * *=* * *
رمضانُ يأمل أن يراكَ مُنَعَّمًـا = برياضِ أهلِ الذكرِ والقرآنِ
بصلاةِ فرضٍ لاتؤجلَ وقتَها = وصيامِ نفسٍ عن هوى الشيطانِ
متبتلا برضا الغفورِ وهاجرًا = للذنبِ مهما هانَ في الإنسانِ
أقبلْ على الرحمنِ تَلْقَ قبولَه = لكَ إنْ قدمْتَ بطاهرِ الوجدانِ
قـمْ يابنَ آدمَ لاتعشْ متغافلا = وانهلْ شرابَ قراحِه الرمضاني
فالله يفتحُ للتقيِّ رحابَه = ويجولُ بالتقوى وبالشكرانِ
* * *=* * *
رمضانُ منتجَعُ القلوبِ استوحشتْ = فتنَ الزمانِ وسطوةَ السفهاءِ
وأصابَها بعدَ البعادِ تواطُؤٍ = وانقادَ أهلً الغيِّ للأهواءِ
فَتَصَحرَتْ أحناؤُها ماهزَّهـا = حبٌّ هفــا للشرعةِ الغرَّاءِ
ماهُنَّ في استجمامِ شهرٍ عابرٍ = لكنْ عَرتْها وقدةُ الضَّرَّاءِ
وتمكنَ الداءُ الوبيلُ يعالَمٍ = بالكِبرِ تحكمُـهُ قُوى البأساءِ
* * *=* * *
رمضانُ لايرضى السفاهةَ فاتعظْ = ويردُّ عن نبعِ المآثرِ حُسَّدا
المفتري الخرَّاصُ أغراهُ لـه = كِبرٌ فلم يسمع حديثَ مَن اهتدى
فمشى بها متغطرسًـا متبخترًا = متعاظمًـا ذا خِسَّةٍ متعَمِدَا
هوِّنْ ! فلستَ بِمُعجِزٍ ربَّ الورى = يا أيُّها الأغبى ، فأنتَ مَن اعتدى
عُـدْ قبلَ أخذِكَ أخذَ مقتدرٍ فقد = جاوزْتَ حدَّك فالعُتُوُّ تَبَدَدَا
في صفعةٍ بيدِ القويِّ إلهنا = لترى مكانَك في المهانةِ مُقْعَدَا
* * *=* * *
نفخ الإنابة للغفور نسيمه = يشفي صدور الناس مما قد عرا
ويشم في رمضان طيب هبوبه= ويرى به آثاره من لا يرى
يارب قد ضاق الوجود بأهله= والداء أمعن في الأنام و دمرا
وله أناخت قوة فتاكة= عاشت تجدد كل يوم منكرا
فأريتَهم يارب قدرتك التي = تعنو الوجوه لها فعادوا القهقرى
لو شئت بالداء الخبيث قهرتهم= لكنْ فيوض اللطف كانت أكبرا
* * *=* * *
زمنُ الفصامِ النَّكْدِ عن نفحِ الرضا = مُتَحَدِّيًا أغلى المآثرِ للبشَرْ
ولعلَ ياشهرَ الإنابةِ رحمةً = من جودِ بارئنا تزيلُ أذى الضَّرَرْ
ولعلَّ وعيًا ليس يُبْقِي منهجًـا = لمن ارتأى هذي المفاسدَ واتَّجَرْ
ولعلَ يقظةَ أمَّتي ويقينُها = بالله تهدي مَنْ تناءى أو فَجَرْ
علماؤُنا الأبرارُ مازالوا على = عهدِ الولاءِ لدينِ أحمدَ والسِّيرْ
فالخيرُ في الإسلامِ هاهم قد رأوا = آياتِ ربِّ العرشِ تنذرُ بالخطرْ
* * *=* * *
رمضانُ ياشهرَ انحسارِ فسادِهم = ونداءَ صوتِ الفطرةِ الزَّهْرَاءِ
الموبقاتُ تَعُمُّ أقطارَ الدُّنى = ولها تُروِّجُ نُخْبَةُ السُّفهاءِ
أما التَّفَاهَاتُ القبيحةُ بينهم = هي من أَذًىً أعْمَى وسَفْيِ غُثاءِ
قد جئتَ بالإصلاحِ تنقذُهُمْ بما = في الآيِ أو في السُّنَّةِ الغَرَّاءِ
قيمُ الهُدَى للنَّاسِ ربَّانيَّةٌ = لم تَرْضَ بالأسواءِ والفحشاءِ
قد عُدْتَ يارمضانُ فالبُشْرَى لِمَنْ = جافى الهوى بالتَّوبةِ العَصْمَاءِ
* * *=* * *
مَنْ ذا يُرَجَّى للشدائدِ دلهَمَتْ =داءً على مَن شاءَ ربُّ العالمينْ
هذا عذابُ الهونِ جاءَ مخفَفًـا =وأشدُّ أهلِ الأرِضِ منه يفزعونْ
وَقُوى فراعنةِ الزمانِ استسلَمَتْ =للخطبِ إذْ علِموا بأنَّهُمُ عمينْ
كم قريةٍ أفنى الإلهُ طغاتَها =فََمضوا وما لخلاصِهم مِنْ ناصرينْ
واليومَ هذا الداءُ أعياهم وقد =وجلَتْ قلوبُ المترفين الفاسقينْ
ولنـا ظلالُ الصَّومِ مَنْجَىً علَّهم =لايُنكرون هدى النَّبِيِّ ويرعوونْ
* * *=* * *
هـو شهرُنا المُنْهَلُّ فيه سحابُه =خيرًا يُجَددُ وجهَنا الربَّاني
فبه الصلاةُ مع الصيامِ وليلُه =ونهارُه للذكرِ والقرآنِ
وبليلةِ القدرِ الجليلةِ مـوردٌ =تُغْني عُذوبتُه أخا الإيمانِ
قـد خابَ مَنْ شهدَ الليالي أقمرَتْ =شوقًـا إلى الرحماتِ والرضوانِ
ونأى عن الزَّادِ المقدسِ وارتمى =في سوقِ أهلِ اللهوِ والبطلانِ
تُـبْ يابنَ آدمَ مقبلا شطرَ النَّدى =إنَّ العطايا من يــدِ الرحمنِ
* * *=* * *
العربُ آبُوا والفرنجةُ شَنَّفُوا = آذانَهم ، فهو النداءُ الأصعدُ
والناسُ في الغبراءِ عَلَّهُـمُ رأوا = آياتِ ربِّي والأعاجمُ أرعدوا
وطيوفُ روحِ القُدسِ هَنَّـأَ نفحُهـا = في ذي الليالي أُمَّتي والسؤددُ
رمضانُ والرحماتُ نفحةُ زهوِه = وبه افترارُ نعيمِهــا والأرغدٌ
لم يبلغِ الخيرُ العميمُ بغيرِهـا = هيهاتَ إذْ صَلَفُ التَّصَحُرِ يورَدُ
الخيرُ في الدنيا وفي الأخرى أتى = بفيوضِ دافقِـه النَّبِيُّ مُحَمَّدُ
الرُّعبُ في الغبراءِ مُنْتَجُ نهضةٍ = قامتْ على التسليحِ والإرهابِ
وهي الحضارةُ لـم تكنْ خيريَّةً = للناسِ شادوهـا مدى الأحقابِ
أينَ التَّعارفُ والتراحمُ والإخــا = بينَ الشعوبِ وجملةُ الآدابِ
رمضانُ عــادَ مُبَشِّرًا أهلَ الورى = أخـــذًا لدفعِ الشَّرِّ بالأسبابِ !
الأرضُ أرضُ اللـهِ فَلْيَسْتَيْقِظُوا = من غفلةِ الأهواءِ والتَّلعابِ
عـودوا بني الدُّنيا لبارئِكم تَرَوْا = فَـيْءَ السَّعادةِ مُـــدَّ في إطنابِ
* * *=* * *
يانفسُ تُوبي وانْفُضِي ثوبَ الونى = واسْتَعْصِمِي باللهِ دفعًــا للخَوَرْ
وَلْيُشْعِلِ الإيمانُ دربَك بالهدى = وَلْيَحْدُ أُفقُكَ بالنشيدِ المُدَّخَرْ
نـورُ المثاني لم يَزَلْ يهدي إذا = غـامَ الطريقُ وَلَــجَّ بالنَّاسِ الخَطَرْ
قـد صـانَ وجهَتَكَ الوضيئَةَ وحيُهـا = هيهاتَ أن تطغى المفاسدُ والكدرْ
لـم أرْجُ نهجًـا خِلْتُـه ذا رفعةٍ = إنَّ المذاهبَ شرُّهـا اليومَ انتشَرْ
أَوَغَيْرَ رَبِّ العَرْشِ يُسْعِدُ عِالَمًـا = وهـو الخبيرُ لديـه إسْعادُ البشَرْ
* * *=* * *
قـد جِئتَ ياهذا إلى الدنيـا فَكُنْ = فَطِنًـا وقد ألْفَيْتَهـا ياصادي
حَـرَّانَ من وَهَـجِ المشاكلِ مُتْعَبًـا = ومن الشَّقَاءِ وصيحةِ الإرعادِ
فانْهَلْ هنا من سلسبيلِ هدايةٍ = تَجِدِ السكينةَ ظلُّهـا للغادي
رمضانُ جاءَك حاديًـا يهفو به = شَهْدًا إليكَ فَرَحِّبَنْ بالحادي
هذي لياليه التي مـا خَيَّبَتْ = راجٍ إلهَ الناسِ للإسعادِ
أبْشِرْ فإنَّ اللهَ لاينسى الذي = يرجوهُ في جوفِ الدجى وينادي
* * *=* * *
رمضانُ نادَى فاسْتَجِبْ لندائِـه = فالصَّومُ نفــحُ نهارِه معطارُ
والليلُ فيه من المنازلِ موئِلٌ = فيه السَّكينةُ أهلُهـا الأبرارُ
لايُذْهِلَنَّكَ لهوُهـم ونفيرُهـم = في الغيِّ وافى إثْمَه الفُجَّـارُ
ناداكَ ربُّ الخَلْقِ في عليائِه = فانهضْ يُغَادِرْكَ الونى والعــارُ
دنياكَ مهما استأثَرَتْ ببهارجِ = لـم يبقَ من سَفَهٍ لها آثارُ
فَكُن المُلَبِّي فالكريمُ بعفوِه = يلقاكَ فالمولى هـو الغفَّـارُ
* * *=* * *
رمضانُ خَيْمَتُنا الأثيرةُ إن طغى = لَفْحُ الهجيرِ ، فَخَطْبُه مشهودُ !
مـارَدَّ عاصفُه خطى استقبالِنا = فهو الحَفِيُّ بنــا ونحن الصِّيدُ
المسلمونُ يَضُمُّهم شهرُ النَّدى = فيه السُّمُوُ العذبُ والتَّوحيدُ
فيهِ نجاوى الروحِ ربَّانيَّةٌ = ماضَرَّهـا التهويلُ والتنكيدُ
مَـنْ رامَ ذكــرَ اللهِ أدْرَكـَـه الرِّضـا = لـم يُلْهِهِ الإجحافُ والتشريدُ
اللهُ يعلمُ ماجـرى فانهضْ وَخُــذْ = أوفى الحِباءِ ففي حِمـاهُ الجُــودُ
* * *=* * *
إنْ كانَ قلبُكَ بالكريمِ مُتَيَّمًـا = فاعلَمْ بأنَّكَ بالقَبولِ جديــرُ
مـا ضَرَّ مَن ألقى مواجعَـه على = بابِ القديرِ زمانُه المسجورُ
فاللهُ يُـدركُ عبدَه حتى إذا = ضاقً الفؤادُ أتاهُ منه بشيرُ
لاتَجْزَعَنَّ وصَـلِّ فَرْضَكَ واغْتَنِمْ = شهرَ العطايـا فضلُه مَوْفُورُ
وَصُـمِ النَّهارَ وَدَعْ لسانَكَ ذاكرًا = فبذكرِه أنتَ الفتى المأمـورُ
واحذرْ مجافاةَ المثاني إنَّهـا = لـكَ في حياتِك بهجةٌ و سرورُ
* * *=* * *
* * *=* * *
إنَّـا على أبوابِ جودِك لـم نزلْ = نرجو الخلاصَ فحالُنـا في غيهبِ
ولَّتْ ليالينا بغمرةِ طيشِنا = وإلى منابتِ عـزِّنـا لم نُنْسَبِ
نمنا على الأضغاثِ من أحلامِنا = وجرى بنا للسوءِ عيبُ المركبِ
ولكلِّ أفقٍ في مرابِعِنَـا يــدُ = عَجَزَتْ فلـم تعملْ ولـم تتَذَأَّبِ
وقوارعُ الأيامِ تنقلُ خطوَهـا = وربوعُنا من هولِهـا لم تُخْصِبِ
رَبَّـاهُ في شهرِ الصيامِ رجـاؤُنـا = بجميلِ طيبِ العفوِ غيرُ مُخَيَّبِ
* * *=* * *
ولأُمَّتي ياربِّ منحـةُ فطرةٍ = هي مـا توارتْ إذْ جَنَاهـا رَيِّـقُ
و وَهَبْتَهَـا للمسلمينَ كرامـةً = بيـدِ النَّبِيِّ رداؤُها الإستَبْرَقُ
قدسيَّةً ، مكيَّةً ، مَدَنِيَّةً = وعلى تَقَلُّبِ دهرِنـا لا تَخْلَقُ
أركانُها : الإسلامُ يَشْمَخُ في المدى = وجلالُـه بجمالِـه يتألَّـقُ
وصلاتُنا وصيامُنا والحـجُ من = بعدِ الزكاةِ فصولُ خيرٍ تُغْدِقُ
قد أَهَلَتْهَـا كي تقودَ بني الورى = لنجاتِهـم من كلِّ كربٍ يُطبِقُ