القلبُ يَدمَى من فراقِ المسجدِ = والأمسُ يشكو من فراقِ السُّجَّدِ
فتغلَّقتْ دوني جِنانُ السؤدُدِ = لـمَّا دعا الناعي بغلقِ المسجدِ
هذي بيوتُ اللهِ في الدنيا لنا = مثلُ الكواكبِ بالظلامِ الأَرْبَدِ
مثلُ المراكبِ وَسْطَ بَحْرٍ هائجٍ = ننجو بها من زَيفِ دنيانا الرَّدِي
وهي الزُّلالُ العذبُ يروي ظامئا=كالنهرِ في دنيا الجفافِ المزبِدِ
بفراقها نمضي كمثلِ مسافرٍ = حيرانَ في بيداءَ مثلِ الإثمدِ
فالليلُ يَعْصِرُ مُهجتي وكأنما = يَقْتَاتُ قلبَ العاشقِ الـمُتنهدِ
يا إخوتي بالأمسِ كان لقاؤنا = فيه ومعنى الحبِّ مثلُ العسجدِ
نشتمُّ فيه العطرَ عطرَ خشوعِنا=ونرتلُ الآياتِ بالقلبِ الصَّدِي
يا إخوتي إني غدوتُ بمحبسي = يُصغي الجدارُ لشكوتي وتَسَّهُدِي
أُخفي ببسماتِ الشفاهِ تألُّمي = والدمعُ يفضحُهُ وخَارَ تَجَلُّدِي
قلبي لكمْ مُتشوقٌ في لهفةٍ = وكأنَّ يومَ لقائِكمْ هو مَوْلدِي
عهدُ المحبةِ بيننا لم أنْسَهُ = ما زلتُ أَحفظُ عهدَكمْ وتَوَدُّدِي
فلعلنا يومًا نعودُ وقد مَحَا = عنَّا الغفورُ الذنبَ بالعفوِ الندِي
فمتى أُبشرُ بالرجوعِ لمسجدي = أم أنني أغدو غدا في مرقدِي
فإذا قضيتُ النحبَ قبلَ لقائِكمْ = فلعلَّ ربي بالرضاءِ مُزَوِّدِي
ولئنْ ذكرتمْ في الإخاءِ مودتي= فدعاءَكمْ إنَّ الدعاءَ لـَمُنْجِدِي