شاء الله أن يكون للصديقين الاسم نفسه...وفي بيت أحدهما تعرفتُ على الثاني شخصيًا، ذلك أن اسمه كان يزين ذاكرتي منذ زمن... إنه الدكتور عبد الباسط بدر، العلَم الغنيّ عن التعريف، تعرفت على شخصه الكريم في منزل أخي الحبيب الشيخ عبد الباسط حلّي، رحمه الله...ومن هنا زادت رغبتي بالتعرف عليه أكثر فأكثر.. وساعدني في ذلك أخي أبو بشير (عبد الباسط حلي..) وهذا ما حداني إلى الإشارة إليه في قصيدة رثائي للأديب الفذ الكبير الدكتور عبد الباسط بدر الذي وافته المنية في المدينة المنورة يوم الاثنين الرابع من رمضان لعام واحد وأربعين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، والسابع والعشرين من نيسان من السنة "الميلادية" عشرين بعد الألفين ...ودُفن في البقيع إلى جوار صديقه عبد الباسط...أنعم به جوارًا في الدارين بإذن الله.
رحم الله الاثنين ومن لاقى وجه ربه الكريم من علماء الأمة ودعاتها وأُدَبائها ومجاهديها، وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة...
يا فارسًا يبكي عليه جواده..
في أرض طيبةَ قد توارى البدر=فبكت عليهِ السّنبُلاتُ الخُضرُ
ضمّ البقيعُ رفاته مُسْتقْبِلًا=عَلَما كبيرًا فاح منه الْعطْرُ
وثَوى يُجَاور صُحْبةً لِمُحمّدٍ=أنْعمْ بهمْ، فقدِ احتواهم قبرُ
شرفٌ رفِيعٌ ناله في قبْره=فَعَلا له في المؤمنيْن الذِّكْرُ
يا أرضَ طيْبَةَ قَد أتاكِ مُتَيَّمٌ=فيْكِ انْقضى مما اجْتواهُ العمْرُ
وافاك عبْد الباسط البَدريُّ في=ظمَأً غلا شوقًا إليْك الصدرُ
لم يثْنِهِ قرّ الشتاءِ وبردُه=لم يَثْنِهِ أبَدًا بصيْفٍ حرُّ
حطّ الرّحالَ بروضةٍ للمصطفى=فجمالُها أغْرى به والسّحرُ
فِيْها غَدا مُتَبَتّلًا مُتَضرّعا=بجِوار منبرها يطيبُ الذّكرُ
وكتابُه بيميْنه يمشي به=نعْمَ الكتاب يخطُّهُ والسطْرُ
تاريْخُ طيبَة كان هاجسَهُ الذي=يروي بِه ما قد رواه الدّهرُ
وله بمَسجدها مواقِف جمّةٌ=ورداؤه فيها الحيا والطهرُ
وأتى لمكتبة المدينة زائرًا=فإذا به بازيُّها والصقرُ
وغَدت بفضل جهوده مزدانةً=ياقوتُها علَمٌ لها والدرُّ
وله مع الأدب الرفيع حِكايةٌ=كم ناله منها الثنا والفخرُ
أدبٌ ملامِحُه بُطولاتٌ سمتْ=طوبَى لفذٍ صاغها والبدرُ
من قبل كان صديْقُه وسمِيه=يروي حكايته الدّجى والفجرُ
فكلاهما عبْد لمن بسط العطا=والخيْر قد وافاهما والسترُ
من آل حِلّي واحدٌ وصديقُه=من آل بدر أصلهُ بل بدرُ
حبّ المدينة كان سرّا فيهما=واليَوم سرهما اعتراه الجهرُ
لله درّ العَاشقين لطيْبَةٍ=في عُشْقها يغشى النفوس السّكْرُ
لكنّه سُكْر يُثير لديْهمُ=جُودًا غدا يهفو إليه البحرُ
يا فارسًا يبكي عليه جوادٌه=عُذرًا فدونك صافِنات غرٌ
تبكي فوارسها قضت مكلومةً=وتئن من مكرٍ تلاه الغدرُ
فيك العزاء بأن قضيت مُكرّما=ومحاربًا يسْعى إليك النّصْرُ
عهدًا سنكمل ما بدأت بناءه=حتى ولو في ذاك يغلو المهرُ
ربّاه فارحم من أتاك ملبّيًا=والشفع زكّى فعله والوتر