لاحتْ و ربِّكَ في دجى الغبراءِ=إشراقةُ البشرى على الغرباءِ
عَلِمَتْهُمُ الضُّمرُ النجائبُ في الوغى=صِيدًا أُولي صدقٍ ، وأهلَ وفاءِ
والخيلُ تعرفُ أهلَها ما أسلمتْ=رسنَ القيادِ لغيرِ أُسدِ إباءِ !!
ظفروا برضوانِ الإلهِ فهانَ في=طول الطريقِ تفاقمُ البلواءِ
وتهلَّلتْ بالبشرياتِ وجوهُهُم=رغم اعتكارِ الأفقِ بالأرزاءِ
وهفا محيَّاها إلى مَنْ أُثخِنوا=بجراحهم في غمرةِ البأساءِ
طال اعتسافُ الظالمين لأُمَّةٍ=عانت من النكباتِ واللأواءِ
تستنهضُ العزمات في قوم غفتْ=أبصارُهم إلا عن الأهواءِ
جافوا هدى الإسلامِ وانحازوا إلى=زيفِ الضلالِ وبهرجِ الأضواءِ
فأذلها كيدُ العدوِّ ، وحقدُه=وأضاعها ظلمًا هوى الزعماءِ
أتأخرٌ و تخاذلٌ وتفرُّقٌ !!=هي بعضُ ما في الصفحةِ السوداءِ
ومهانةٌ حلَّتْ ، وعارُ هزائمٍ=وإهانةٌ لفخارِها اللألاءِ ؟!
ما كان ثوبُ الذلِّ تلبسُه ضحى=لولا قيودُ تسلطِ السفهاءِ
فمتى تعودُ إلى الطغاةِ عقولُهم ؟! =أم أنهم ليسوا من الأكفاءِ ؟!
* * *=* * *
ما ضرَّكم أهلَ الهدى ما كان من=ضيقٍ ، ومن نكدٍ ، ومن إيذاءِ
ومن السجونِ تأوَّهتْ قضبانُها=ومن المشانقِ والمُدى الحمراءِ
ومن التَّفنُّنِ بالعذابِ وبالأذى=في الصبحِ لم يبرحْ وفي الإمساءِ
حسبُ ابنِ جلدتِنا إحاطتُه بما=قد ساقَه للناسِ من بلواءِ
كيف استباحَ لنفسِه قدسيَّةً=للأُمةِ الثكلى بلا استحياءِ !!
وأذاقَ أبناءَ البلادِ رزيَّةً=لاثتْ مرارَتَها يدُ البغضاءِ
عِلمِي بمَنْ حكم العبادَ فإنما=ذكراهُ في الفضلاءِ والرحماءِ
يبكي إذا نابَ الأسى أيامَهم=ويردُّ عنهم سطوةَ الضَّراءِ
والفخرُ للحكام في إذعانهم=لشريعةِ الرحمنِ ذي الآلاءِ
لا في التسلُّطِ والجحودِ لفضلِها=أو نبذِ مصحفها بكفِّ عداءِ
أو في ملاحقةِ الكرامِ ، وطمسِ ما=يُرجَى لأُمتِهم من العلياءِ
وكأنهم لم يُبصروا نهجَ العلى=في الناسِ ، أو ما كان للبعداءِ !!
وجهُ التَّقدم لم يكن بغباءِ مَنْ=ضلَّ الطريقَ بعينِه العمياءِ
واشتاقَ للتصفيقِ والتهريجِ من=مدحٍ ليسمَعَه ، ومن إطراءِ
أين التُّقى والهمُّ يحملُه لمَنْ=قد سامهم بالخسفِ في الأحناءِ ؟!
أوَّاهُ لو رجعوا لفيءِ شريعةٍ=من غيرِ ما كِبرٍ ولا استهزاءِ
الحاكمُ الأوَّابُ وطَّنَ نفسَه=للخيرِ ، لا للشرِّ والغلواءِ
وعصى هواه ، وللعواقبِ لم يزلْ=يخشى نوازلَها على الأحياءِ
ومضى يحكِّمُ دينَ بارئه فقد=خابَ الذي قد تاهَ بالآراءِ
قرآن بارئه ، وسُنَّة أحمد=ومشورة العلماءِ والفضلاءِ
فهي السبيلُ الحقَُ في نيلِ العلى=والنصرِ رغمَ تكالب الأعداءِ
إنَّا لَنعلمُ أنَّ نصرًا لم يكنْ=إلا بظلِّ الشرعةِ السمحاءِ
فعنادُهم كِبرٌ وجهلٌ مطبقٌ=لحقيةِ الأقدارِ والأشياءِ
يكبو الذي قنعتْ بزورٍ نفسُه=وهو الشقيُّ بعالمِ السعداءِ
هيهاتَ يدخلُ بابَ مجدٍ مَنْ حنى=عزماتِه للشهوةِ الهوجاءِ
وهي المروءةُ ترجمانُ رجولةٍ=ترقى وتستعلي على الأهواءِ
تلكم ملامحُ من سجايا قادةٍ=أو من فصولِ السيرةِ الحسناءِ
لا ترتضي بأولي الفسادِ بِطانةً =فمشورةُ السفهاءِ أصلُ الدَّاءِ
* * *=* * *
جُبِلتْ شعوبُ المسلمين على الهدى=وبحبِّ أهلِ العدلِ في العظماءِ
فلو استقام الحاكمون لما نأتْ=عنهم شعوبُهُمو بأيِّ لقاءِ
فإلى متى تتجرَّع الويلاتِ أمتُنا ...=... وترضى حالةَ الإغضاءِ ؟!
وتنام والآلامُ تثقلُ صدرَها=وتقوم بين الهمِّ والإعياءِ !!
ويدُ الغزاةِ المجرمين تطولُ ما=شاءتْ بأربُعِ أرضِنا الفيحاءِ
القتلُ والتدميرُ دَيدنُهم وما=لحضارةِ الإجرامِ من بأساءِ
لُعِنوا بما جاؤوا به من خِسَّةٍ=و دناءةٍ في الغارةِ الشعواءِ
ياللجهاد وللفداء وللفتى=يفدي شريعتَه بدفقِ دماءِ
مستبشرا عند الإلهِ بجنةٍ=ونعيمِ خُلدٍ وارفِ الأفياءِ
والفتحُ آتٍ لامحالة إنه=آتٍ ، وهل للشمسِ من إخفاءِ !!
ويمحَّصُ اللهُ القلوبَ ليجتبي=منها أولي الإيمانِ في الشهداءِ
مازالَ يحدوني الرجا في أن أرى=هذا التخاذلَ والهوانَ ورائي...