إبكِ يا هذا على عمر ذبيح = قد مضى ما بين لهوٍ وقبيح
كنتَ فيهِ عبدَ شيطان الهوى = فتبدّتْ شهوةٌ فيك تصيح
كنتَ سكرانَ بخمرٍ ما جرَتْ = من عناقيدٍ ولكن من مليح
قد جرتْ فيكَ دماءٌ مُزِجَتْ = بسُمومٍ , وهي من ذات فحيح
حيّة الشّهوة بثتْ سمَّها = في دماءٍ نسيتْ نهْجَ الصّحيح
فتفشّى الدّاءُ في الجسم , وهل = من دواءٍ يُنْقِذُ الجسم الطّريح ؟
وتبدّى القبحُ في أوهامه = لذّةً ما ذاقها قيسُ ذريح
إيهِ يا شهوةُ يا طارحةً = مهجة المفتون في جوف الضّريح
كم صريعٍ لكِ في هذي الدّنا = حُرِمَ السّير إلى السّوق الرّبيح
خسر البيعُ بأسواق الهوى = فإذا الخاسرُ يبكي ويصيح
اغربي عنّي أيا فاتنتي = ضاع فيكِ العمرُ وانسَدَّ الفسيح
غير أنّ الله رحمانُ الورى = فينادي , أيّها العبدُ المُشيح
أقْبلَنْ , عبدي , فإنّي راحمٌ = كلَّ مَن تاب وألقى بالقبيح
لا يَغُرَّنَّكَ شيطانُ الهوى = فهو والتّابعُ في النّار طريح
هذه الدّنيا متاعٌ زائلٌ = وغداً جنّاتُ عدْنٍ للنجيح