يروى أن موسى بن نصير كان عظيم الهمة، ماضي العزيمة، وكان يملك عليه أقطار نفسه حلم رائع، وهو أن يفتح القسطنطينية عن طريق الأندلس، ويبسط رواق الإسلام على تلك المساحة كلها.
زرعت حلمك يا موسى على هدبي=ورحت أسأل عنك المجد في الشهبِ
سألتها أين موسى في مطارفه=يجر أذياله في هامة السُّحُب
وأين أفراسه والهول مصطخب=والناس بين سري الحلم والرَّهَب
وأين غرناطة تزهو بمقدمه=تعانق الحلم في حب وفي طَرَب
وأين تكبيرة الفتح التي انطلقت=فوق المضيق وفوق المعقل الأشِب
أين الأذان يزف النور مؤتزراً=بالطيب ينهل مثل الهاطل الهضِب
والمسلمون سرايا بالهدى انطلقت= يحفها مهرجان الفتح والغلَب
تطهر الأرض من كفر ومن =وتنقذ الناس من بغي ومن حَرَب
تهدي إلى الناس إيماناً ومرحمة=وبهجة بعد عسف الظلم والكُرَبِ
الناس من بشرهم بالفتح أغنية=والأرض من بشرها ريانة
كانوا الظماء لعدل جاء تحمله=مواكب الفتح في طوفانها اللجب
جاءت تطهر وجه الأرض من =ومن طغاة، ومن جور ومن سَغَب
تحرر الناس بالإيمان هاتفة=لكم كرامة حر طاهر النسب
إنا سواسية فاللَّه خالقنا=والحق يجمعنا في دربه اللَّحِب
الجاهلية ماتت ، إنها خبر=وقصة في حواشي الدهر
والمهرجان الذي كنا طلائعه=تاج من الفخر للإسلام والعرب
* * *=* * *
ضممت موسى إلى برديَّ قافيةً=زهراء ترفل في أثوابها القُشُب
زرعت أحلامه الغراء في خلدي=وهمت في أفْقها المزدان بالعجب
عانقتها وبقلبي من مودتها=مجامر الطيب والرضوان
وبسمة بالفخار السمح هانئة=كأنها المزن بعد اليأس والجدب
* * *=* * *
ظللت أرقب كل الليل نافذتي=والليل ملتحف في لجة الرهب
وطيف موسى على عينيَّ بارقة=تزورني والحنين الحلو يعصف
رأيت طلعته صقراً وبسمته=وعداً وأحلامه نصراً بلا ريب
هتفت موسى؟فقال النصر موعدنا=واللَّه عدتنا في الموقف الصعب
لقد مضيت ولم أظفر بما رغبت=أحلامي البيض في سلسالها العذب
وأنتم الحاملون الحلم زغردة=وعزمة في ضمير الغيب
سيسكن الحلم في أعماقكم أملاً=ويصبح الحلم نبراساً لكل أبي
أنشودةً تملأ الأجيال روعتها=تحدو الميامين والأنجاد للطلب
إني لأبصرهم زحفاً له زجل=إلى الديار التي عزت على أربي
غداً يحقق حلمي سيد نجِد=يمضي إليه «على جسر من التعب»
أنا وطارق جند في كتائبه=فأسرجوا خيلكم يا أمة العرب