أينَ الوفاءُ وأهلُه النُّجباءُ = في أمةٍ عاثتْ بها السفهاءُ !
أين المروءةُ ويحها قد أنجبتْ = من قبلُ ماشهدت لها الآناءُ !
وتمايستْ لا للغُلوِّ رجالها = أبدا وليس كمثلِهم نظراءُ
عاشوا كمثلِ الأنجمِ الزُّهرِ التي = في أفقِها تتبرَّجُ الجوزاءُ
ما طوَّحَتْهم في يدِ الأهواءِ ما = تصبو لنزوةِ عهرِها الخلطاءُ
عاشوا وما أفنتْهُمُ الشهواتُ في = متعٍ تموجُ بحانها الغبراءُ
النَّهجُ وحيٌ ، فالسَّفاهةُ لم تجدْ = مايجلبُ الإغراءُ والنعماءُ !
سَلُّوا سيوفَ العزمِ من أغمادِها = والمرهفاتُ تهابُها الأعداءُ
إنْ قيلَ يوم الروعِ : تلك كتيبة = فيها الجنودُ الصِّيدُ لا الغوغاءُ
فيعود للأعداءِ رُعْبٌ شلَّ ما = أيديهُمُ حملتْ ، وحلَّ بلاءُ !
قد كانت الدنيا تهابُ لقاءَنا = إنْ سُلَّ سيفٌ أو أَهَلَّ لواءُ
أو دَمْدَمَتْ يومَ النزالِ جموعُنا = تجلو حُداها الهِمَّةُ القعساءُ
هم أدركوا أنَّ البطولةَ عندنا = هذا الفداءُ وأهلُه الأكفاءُ
والنصرُ يأبى أن يكونَ لظالمٍ = رَدَّتْهُ عن أعنانِها العلياءُ
والنصرُ بالدِّينِ الحنيفِ وليس في = مللٍ تعرَّتْ واسْتُبيحَ حياءُ !
أحزابُهم سقطتْ فلا جدوى لِما = مافيه خيرٌ يُرتَجَى وهناءُ
كم دوَّخُونا بالشِّعاراتِ التي = باءتْ بحالٍ كلُّها إزراءُ
وتمتعوا بالموبقاتِ فأحسنوا = قتْلَ النفوسِ ، وعاثت الجهلاءُ
ولقد رموا للنائباتِ شعوبَنا = فعدا عليها الحقدُ والإيذاءُ
هي أمةٌ في عصرِ بغيٍ عاصفٍ = مافيه للحقِّ الأسيرِ رجاءُ !
هدموا صروحَ العزِّ فانكبُّوا على = عارِ الهوانِ أذلَّةً وأساؤوا
هانحن كالأيتامِ في دارٍ بها = قومٌ لئامٌ أبرموا ما شاؤوا !
فمتى تعودُ ركابُنا من غربةٍ = عمياء بئسَ الغربةُ العمياءُ !
ومتى نجدِّدُ نبضَ أفئدةٍ لنا = أدمتْ رؤايا المُديةُ الرعناءُ !
فعلى تَفَكُكِنَا بكى تاريخُنا = إذ ماتَ حبٌّ بيننا وإخاءُ !
ياقومُ : بالإسلامِ لابِسِواهُ قد = يُرجَى لكم في العالمين وِقاءُ !
والنَّصرُ أبعدُ مايكونُ عن الذي = قادتْهُ للجُلَّى يدٌ شَلاَّءُ