الهجرة النبوية ... ذخائر وبشريات
20آب2020
شريف قاسم
أولى بنا أن نشحذ البثَّارا= لنعيدَ مجدَ الأمةِ المحبارا
هي هاهنا ما الهجرةُ اندرستْ فقد = أوحى نشيدُ فصولِها التذكارا
تسقي مغانينا ليزهرَ وجهُها = وتطهرَ الأحناءَ والأفكارا
ماضي مآثرِها بها ذو عزَّةِ = بذلَ النفوسَ ، وقدَّمَ الأزوارا
فالمجدُ فيه حضارةٌ ما شابها =حقدٌ طغى في غيرِها وامتارا
ردَّ الغزاةَ أذلَّةً لمَّا مشوا = لقتالِه واستنفروا الفجَّارا
والكفرُ أغرى أهلَه فاستنسروا=فتواعدوا ، واستطلعوا الأخبارا
طلبوا النَّبيَّ فهل دروا أنَّ الذي=آذوْهُ جاءَ لخيرِهم مختارا
وتآمروا تبًّا لهم لقتالِه=والليلُ أسدلَ ثوبَه أستارا
حكموا عليه بأنْ تُراقَ دماؤُه=وعلى الشريعةِ حكمُهم قد جارا
فعيونُهم ترنوا ، ونارُ سيوفِهم=وقَّادةٌ ، ورحى التَّآمرِ دارا
رجلٌ أتاهم بالهدايةِ راحمًا=وأتوْهُ والأحقادُ تنفثُ نارا
لكنَّ مكرَ اللهِ أبطلَ مكرَهم=دونَ الرسولِ وحيَّرَ الأفكارا
سِرْ بالعقيدةِ يامحمَّدُ منذرًا=يُعْمَرْ بهجرتِكَ المدى إعمارا
واصنعْ لهم سلمتْ يداكَ مآثرًا=طلعَ النهارُ بنهجِها محبارا
واحملْ بصبرِكَ دعوةً لبني الورى=رفَّتْ على أمصارِهم أنوارا
فالليلُ ... ليلُ الظالمين مخيِّمٌ=يغشى النفوسَ ، ويغمرُ الأقطارا
لاتخشَ عاصفةَ الضلالِ ، فهدْيُنا=لم يُبْقِ في فلواتِهم أشرارا
ستُذلُّ بالخزيِ المهينِ نفوسُهم=ويذيقُهم في العالمين خسارا
وأذى الطغاةِ يردُّه إيمانُنا=ليزولَ خسرانًا بهم وتبارا
والغادرُ الباغي يُجنِّدُ حزبَه=وعدا بهم مستكبرًا مسعارا
فبكلِّ دارٍ في حِمى أُمِّ القُرى=نصبَ الجناةُ لكيدِهم أوكارا
وغدا سرابًا في عيونِ أذلَّةٍ=عبدوا الهوى ، واستعذبوا الأوزارا
راموا بقتلِ المصطفى قتلَ الهدى=واللهُ كانَ لبغيِهم قهَّارا
مازادت الأرزاءُ صحبَ محمَّدٍ=إلا الثَّباتَ الحُلوَ والإصرارا
فأقامَ بالتوحيدِ صرحَ حضارةٍ=ملأتْ بلادَ المسلمين فخارا
واجتثَّ ما أرسى الفسادُ ، ولم يزلْ =يرسي القواعدَ بالحنيفِ منارا
أكرمْ بركبِ الهجرةِ الكبرى مضى=رمزَ الجهادِ ، يبدِّدُ الأخطارا
ركبٌ تبوَّأَ فجرَه رغمَ الدُّجى=والفتحُ كانَ لسعيِه معيارا
ركبٌ إلى الإصلاحِ وجهُ رُقيِّه=جدَّ المسيرَ إلى العلى مختارا
ركبٌ أزالَ حنادسَ الآفاتِ إذْ=بذلَ الرخاءَ العَذبَ أنَّى سارا
ركبٌ إذا نزلَ العدوُّ إلى الوغى=لبَّى الفداءَ ، وجاهدَ الكفَّارا
ركبٌ سما بجميلِ أخلاقِ الهدى=وبدينِه فتحَ المدى وأنارا
ركبٌ مشى فإذا المسيرةُ جنَّةٌ=وإذِ الربوعُ تمايستْ أزهارا
ركبٌ أتى والأرضُ موئلٌ حقبةٍ=سوداء يغشاها الفسادُ غِمارا
ركبٌ من الأبرارِ جندُ محمَّدٍ=دكُّوا الحصونَ ، وهدَّموا الأسوارا
قد كان رائدُهم إذا عاينْتَهم=حبَّ الذي برأَ الورى غفَّارا
والهجرةُ الأولى مبادئُ رفعةٍ=قد فوَّحتْ بين الممالكِ غارا
بدروبِها احتدمَ الظلامُ ضلالةً=فهفتْ محاسنُ فجرِها أنوارا
وجنودُها : بَرٌّ رحيمٌ مؤمنٌ=وإذا استُفِزَّ وجدتَه زآّرا !!
***= ***
من غارِ ثورٍ للمدينةِ قصَّةٌ=كتبَ النبيُّ فصولَها أسطارا
وأقامَ بالإسلامِ أكرمَ دولةٍ=وأقرَّ آياتِ العلى إقرارا
واستلَّ عضْبًا للفسادِ فحدُّه=بترَ الفسادَ من الورى فتواراى
والكفرُ حربٌ لم يزلْ يرمي الهدى=بيدِ العُتُوِّ ، ولم يزلْ غدَّارا
سفكَ الغزاةُ دماءَنا بديارِنا=لمَّأ هجرْنا نهجَنا المِحبارا
ويعودُ حقدُ الكفرِ يفتكُ باغيًا=لم يرعَ إلاًّ سيفُه وذِمارا
فانْظرْهُ ذا بأسٍ شديدٍ كاذبًا=حين ادَّعى أخذَ السَّلامِ شعارا
والقتلُ نالَ صغارَنا وكبارَنا=وقد استحرَّ بقومِنا استحرارا
تستوقفُ الأهوالُ أصحابَ النُّهى=ويعودُ منها المنصفون حيارى !!
لنحيبِ ثاكلةٍ ، وأنَّةِ حُرَّةٍ=تُدمي القلوبَ فجيعةً وأُوارا !!
ونظلُّ نشكو والدماءُ تدفَّقتْ=وطوى العُتُوُّ الزَّهوَ والأعمارا !!
نشكو إلى الجزَّارِ شكوى واهنٍ=والوهنُ فينا مكَّنَ الجزَّارا !!
ولهيئةٍ روَّادُها مَنْ نفَّذوا=ومَن استهانوا واستباحوا الدَّارا !!
صاغوا عناوين التَّسلُّطِ عُنوةً=مستهترين بأُمَّتي استهتارا
تتعدَّدُ الأرزاءُ في بلدانِنا=منهم ... عُتُوًّا حلَّ واستكبارا
هم ينحرون إباءَنا ، ولطالما=نمنا ، وأدبرَ مجدُنا إدبارا
ويحَ القرابين التي ولَّتْ سدىً=ماخلَّفتْ للقومِ إلاَّ العارا
سالتْ دماءُ المسلمين ولم تجد=في العالمين لشأنِها أنصارا
صورٌ وأطيافٌ يُرى في رعبِها=جنكيزُ شمَّرَ عائدًا كرَّارا
وتلوحُ لي بغدادُ بعدَ مجازرٍ=قبرًا به ألفى الصَّريخُ جِوارا
وأرى الصَّليبيين كرُّوا خلفَه=مستنفرين لحربِنا استنفارا
فدمٌ ببيتِ المقدسِ الغالي جرى=بيدِ اليهودِ ، وأشعلوها نارا
وجماجمُ الشهداءِ والأسرى ومَنْ=طُعِنُواَ كبارا بالمُدَى وصِغارا
والذبحُ بين المسلمين حكايةٌ=باتتْ تثيرُ الحزنَ والأكدارا
فصريخُ كابول الجريحةِ لم يزلْ=بين الفواجعِ هائمًا مسعارا
والمجرمون بها تثاقلَ ليلُهم=والشعبُ غير الشرعِ لن يختارا
هبُّوا على اسمِ اللهِ إنَّ جهادَهم=صاغَ البطولةَ عزَّةً و فخارا
وعلى فجاجِ الهندِ في كشميرِنا=ذبحٌ و حرقٌ أنشبَ الأظفارا
أَمنَ اليهودِ ، أم الهنودِ أم الطغاةِ ...=... يرى أخونا المسلمُ الأخطارا!
نشكو إليكَ أيارحيمُ ، وإنَّما=أنتَ المغيثُ ، فجندل الكفَّارا
محنٌ تثورُ وخطبُها لاينجلي=والمكتوون تثاقلوا إدبارا
نزفتْ قلوبٌ !! واستكانتْ أنفسٌ=وكأنَّما نورُ الفداءِ توارى !!
لايستدرُّ الدمعُ رحمةَ كافرٍ=غمرَ الربا بالهولِ والأغوارا
والكفرُ لم يعرفْ معانيَ رحمةٍ=مسَّتْ فؤادَ جريحِها إذْ خارا
فانظرْ إلى قدرِ الإلهِ بحكمةٍ=واستنبئ التاريخَ والآثارا
وتأمَّل الأخبارَ ترعفُ بالأسى=لاتقبلُ التَّسويفَ والأعذارا
تجدِ المروءةَ أذهبتْها جفوةٌ=إذْ قيَّدتْها المعضلاتُ جهارا
الله يجزي مَنْ يزيغُ عن الهدى=همًّا يطولُ ، و وحشةً و تبارا !!
ياقومُ : قوموا من طويلِ رقادِكم=مارَ النِّداءُ ، ولم يكنْ موَّارا
واستهزأتْ أُممٌ بنا لهوانِنا=واستهتروا بوجودِنا استهتارا
ياقومُ : عارٌ أن تناموا غفلةً=أوما ترونَ العارَ غطَّى العارا !!
كم جاءَ يسألُنا الإباءُ فلم نجبْ !!=وأجابَ صمتٌ في وجوهِ حيارى !!
يامن جثوتُم للسفاسفِ والهوى=ولهوتُمُ بفنونِها إصرارا
وبظلمِكم للدِّينِ أسدلتُم على=قيمِ الهدى في العالمين ستارا
فاللهُ أركسكم ببغيِ نفوسِكم=فرأيتُمُ الصرحَ الحديثَ دمارا
عشتُم كما عاشَ الفرنجةُ متعةً=في اللهوِ واستعذبتُمُ المزمَارا
وإذِ العدوُّ يبدِّدُ الآمالَ في=آماقِكم ، ويهدِّدُ الأقطارا
لم يُبقِ صرحًا من مآثرِكم ولم=يرحمْ بعرضِ بلادِكم ديَّارا
قد لايرى الأعمى الصباحَ وقد بدا=في محجريه ضياؤُه زخَّارا
ولطالما لايسمعُ الرجلُ الأصمُّ ...=... نداءَ مَن دوَّى عليه مِرارا
لكنَّه فيضُ الفجائعِ قد جرى=وطمى على أرجائنا وأغارا
***= ***
تبقى يدُ الإسلامِ تهدمُ جَورَهم=و تردُّ عن بلدانِنا الأخطارا
لاتخشَ زمجرةَ الخطوبِ ، وقمْ لها=جَلْدًا ، وقاتلْ زحفَها الغدَّارا
طغيانُ مَنْ ظلموا العبادَ سينطوي=فشبابُنا دون الفدا يتبارى
رضي العقيدةَ منهجًا لحياتِه=ولها انتقى ممَّا أتى واختارا
جيلٌ مشى خلفَ النبيِّ مؤيِّدًا=في الدربِ ، واتَّخذَ الهدى مضمارا
ربَّاهُ قرآنُ الإلهِ على التُّقى=وأزالَ من أحنائِه الأوضارا
ماهابَ قعقعةَ السيوفِ ، ولم يخفْ=غَمْرَ المنايا إذْ مضى كرَّارا
في بيدِ مكَّةَ عذَّبُوا فتيانَه=وعلى لظى رمضائِها قد سارا
آذوهُ بالضَّربِ المبرِّحِ إنَّما=ماكانَ يرضَى الشركَ والأوزارا
للهِ كم لاقوا ، وكم صبروا ، وكم=ردُّوا المكارهَ جملةً أنصارا
ذهبَ الأُباةُ بحبِّ شرعتِهم وقد=هجروا لنصرتِها هوىً و ديارا
ولِنسوةِ الإسلامِ فضلٌ لم يزلْ=فجهادُهُنَّ الكفرَ كان شعارا
ما كُنَّ يرضيْنَ السُّفورَ كما نرى=ويجلْنَ والأسواقُ تزفرُ عارا !!
بل عِِشْنَّ يُرضعْنَ الوليدَ طهارةً=كانت لهنَّ مع العفافِ دثارا
ماغرَّهُنَّ العيشُ في زيناتِه=إذْ ليس يجني المسرفون ثمارا
رصَّعْنَ آدابَ النُّبوَّةِ حليةً=ونبذْنَ دونَ جلالِها الأوتارا
فاذكرْ سُميَّةَ في الجهادِ إذِ الأذى=أودى بها فغدتْ لهنَّ منارا
ثارتْ على أوثانِهم واستعصمتْ=بالعروةِ الوُثقى ، فلن تتمارى
واللهُ أكرمها بنورِ شهادةٍ=أعمى الطغاةَ ، وبدَّدَ الأشرارا
وهفتْ إلى الجنَّاتِ وعدَ محمَّدٍ =ترجو الكريمَ البارئَ الغفَّارا
واستبشرتْ مع زوجِها بكرامةٍ=طابتْ مقامًا عندها و جِوارا
واذكر نسيبةَ والبطولةَ والفدا=واستشهدِ الغزواتِ والأنصارا
فبصبرهم وجهادِهم نالوا الرضا=واختارَهم ربُّ الورى أخيارا
وثلاثَ عشرةَ حجَّةً ذاقوا بها=كأسَ المكارهِ علقمًا و مرارا
والباطلُ المأفونُ يبطشُ عابثًا=ويضيقُ ذرعًا بالهدى ختَّارا
وانقضَّ مسعورَ السُّيوفِ بليلةٍ=دهماءَ يبغي االمنذرَ المختارا
وإذِ النبيُّ المصطفى وخليلُه=نحوَ المدينةِ بالعنايةِ سارا
واستنفرَ الطاغوتُ يرسلُ جندَه =والسَّيفُ يلهثُ ظامئًا بتَّارا
ومشى سُراقةُ مُدلجًا يحدوهُ ما=يحدو الفوارسَ عزَّةً و فخارا
مَنَّوْهُ بالنُّوقِ السِّمانِ إذا أتى=بمُهَاجِرَيْنِ مقيَّدينِ أسارى
يبغي أبا الزهراءِ ، يرجو قتلَه=فجرى على متنِ الأذى كرَّارا
وإذا به دونَ الغنيمةِ واجمٌ=والمالُ يشعلُ في النفوسِ أُوارا !!
وبدا الصراعُ ، ولم يزلْ ، ولدينِنا=يحيا الرجالُ أعزَّةً أحرارا
والبغيُ مغرورٌ بقوَّةِ جندِه=والبغيُ باتَ لمَنْ أتاهُ عِثارا
فحمى الإلهُ نبيَّه من مكرِهم=والَّلهُ كانَ لمكرِهم قهَّارا
فاهتزَّ فارسُهم أسيرَ يدِ الهدى=بل كادَ في بطنِ الثَّرى يتوارى
الَّلهُ أكبرُ ياسراقةُ إنَّه=نورُ النُّبوةِ فاحذر الأخطارا
فاستعذبَ التَّوحيدَ مشدودًا بما=ألفى من الآياتِ حيثُ أغارا
وهناك بشَّره النبيّ ُ بشارةً=بسوارِ كسرى إذْ سراقةُ سارا
وأسرَّها في نفسِه متعجبًا=في أمرِه ، ويقلبُ الأفكارا
تبقى الخواطرُ حُلوةً إن صاغها=ألقُ العقيدةِ للفتى أسفارا
هذا الطريدُ سيعمرُ الدنيا غدًا=ويزلزلُ الكفارَ والفجَّارا
وينيرُ أحناءَ القلوبِ بآيه=ويقيمُ للقِيمِ الحِسانِ منارا
وتدوسُ تيجانَ الطغاةِ جيوشُه=ويعيدُ للحقلِ الكئيبِ الغارا
ويشيدُ بالإسلامِ أكرمَ أُمَّةٍ=فالمرجفون بما رأوهُ حيارى
ومجاهدون تبوَّؤوا أُفُقَ العلى=وحَبَوْهُ من هديِ لهم أنوارا
طلبوا الشهادةَ مخلصين لربِّهم=ومضوا لدين محمَّدٍ أنصارا
صانوا الحقوقَ لكلِّ أبناءِ الورى=و طووا كروبًا أورثتْ أكدارا
وبدا انحسارُ الليلِ عن وجهِ المدى=وتفجَّرَ الصبحُ الوليدُ نهارا
***= ***
مازالت الأحداقُ تغشاها الرُّؤى=ترنو لكلِّ مجاهدٍ إكبارا
يرجو لأمتِه العلى بكتابِها= لتدورَ حولَ الحقِّ أنَّى دارا
بخلَ الزمانُ بمثلِه إذْ لم تلدْ=بنتُ الفخارِ كوجهِه مغوارا
هو وحده جابَ الدروبَ ، ورشَّها=بعدَ اليبابِ كرامةً وفخارا
هو مسلمٌ نفضَ الخواءَ إباؤُه=ونأى يمزِّقُ بالفدا أطمارا
وانسابَ في الأرضِ الرحيبةِ وَدْقُه=يسقي فجاجَ ربوعِها مدرارا
ماكان ذا كِبرٍ ، ولم ينسجْ على=منوالِ مَنْ ساموا الشعوبَ دمارا
هو رحمةُ الربِّ الودودِ لعالَمٍ=لم يرضَ ذا عبثٍ به كفَّارا
ومشت مواكبُه بعدلِ عقيدةٍ=ماكان يومًا ظالما غدَّارا
وأزالَ حكمَ الظالمين بشرعةٍ=سمحاءَ عاشَ لشأنِها نصَّارا
ويجولُ يومَ الرَّوعِ جولةَ ضيغمٍ=فهو المُبايعُ ربَّه القهارا
وإذا الرزايا أقبلتْ ألقى لها=قلبًا صبورًا مؤمنًا كرَّارا
يرمي عُتُوَّ المجرمين بهمَّةٍ=والساحُ تعرفُ أهلَها الأحرارا
***= ***
ياغارةَ الغرباءِ في زمنِ الأسى=شدِّي ، فقد أضحى الطريقُ عثارا
والناسُ هانوا ، مَنْ يردٌّ هوانَهم=ويزيلُ عن دنياهُمُ الأوضارا
والكفرُ عاثَ ، ففي البلادِ تبارُه=مَنْ ذا يعيدُ حقولَها أزهارا
فدمٌ يُراقُ ، وأُمَّةٌ منكوبةٌ=وأسى يفورُ بأهلِها أطوارا
اللهُ أكبرُ ما لقومي أذعنوا=وأذانُهم لمَّا يزلْ هَدَّارا !!
وكأنني والحربُ تضرمُ نارَها=وكتائبُ التوحيدِ تنفضُ عارا
والموتُ يحلو في ظلالِ شريعةٍ=فنبيُّها يستنهضُ الأنصارا
إنَّ المنيَّةَ ويحها مكتوبةٌ=ويدُ الوغى ما قصَّرتْ أعمارا
والحربُ لم تعرفْ بها يومَ التقى ...=... الجمعانِ ويلك مسلمًا خوَّارا
فابنُ الوليدِ ، وللبطولةِ وجهُها=لم ينسَ عكرمةً بها وضرارا
نصرٌ يلوحُ على بريقِ سيوفِهم=والنقعُ هاجَ ، وحيَّرَ النُّظَّارا !!
هي للشبابِ المؤمنين معالمٌ=لاتقبلُ التسويفَ والأعذارا
فانهضْ أخا الإسلامِ هذي صهوةٌ=هيهاتَ يعرفُ أهلُها الإدبارا
واستقبل الهيجاءَ ثار غبارُها=ولربما تحلو الدروبُ غبارا
أَوَلَسْتَ للإسلامِ جئتَ مُلبِّيًا=صوتًا غدا لأُولي الأذى إنذارا ؟!
وعقدْتَ بالتوحيدِ عندَ محمَّدٍ=عهدًا يُصانُ ولم تكنْ مهذارا
يافارسَ الدِّينِ القويمِ أَلَم تجدْ=بيدِ الليالي للعلى تذكارا !!
قُمْ ردَّ كيدَ المعتدين أذلَّةً=واكسرْ لهم لُعنُوا به مزمارا
فالغزوُ للأوغادِ ظلمٌ صارخٌ=وبناؤُه أضحى بهم منهارا
عُدْ بالطهارةِ والتُّقى لاتحتفلْ=بالزيفِ باتَ دفوقُه جرَّارا
فالأرضُ ظامئةٌ لنبعِ شريعةٍ=تسقي بنيها المجدَ والأوطارا
والناسُ في محنٍ تذوبُ قلوبُهم=كمدًا ، وتبكي الأعيُنُ استعبارا
ويكادُ يُصرعُ للخطوبِ حليمُهم=ويرى الكفاحَ لذي الكفاحِ خسارا !!
لكنْ وقد هاجَ الحنينُ بأُمَّةٍ=لكريمِ عهدٍ غالبَ التَّيَّارا
فإذا بها من آيِ أحمدَ نورُها=ليستْ هوىً للنفسِ أو أشعارا !!
فتواثبَ الشَّعبُ الأبيُّ إلى الفدا=يستلُّ سيفًا للوغى بتَّارا
فالركبُ عندئذٍ : مزايا أقبلتْ=بهُدى الرسولِ تناجزُ الأشرارا
ويجولُ في غربِ الوجودِ وشرقِه=ذا رحمةٍ يطوي المدى سوَّارا
ويسودُ فالقرآنُ منهجُ سعيِه=شعَّتْ مطالعُ فتحِه أنوارا
والركبُ لم يخشَ الطغاةَ ولا الأذى=أو يقبل النهجَ القبيحَ شعارا
يتهافتُ الظُّلمُ البغيضُ وينجلي=وجهُ النهارِ مُنَضَّرًا محبارا
ولسوفَ تأتي في محيَّاهُ العلى=فوَّاحةً تُؤتي المدى استبشارا
ما أبقت السَّفهَ الرخيصَ بسوقِهم=أو أبقت المُختلَّ والسمسارا
والعادياتُ كأنها قد أقبلتْ=أقدامُها في الأرضِ تقدحُ نارا
وسوم: العدد 890