كالكلبِ يَعوي على مَن مرَّ مِنْ كَثَب=لكنه دُونَ نَوعِ الكَلْبِ في الرُّتَبِ
فَالكلبُ يحرسُنَا من كلِّ عاديةٍ=وَيُنْذِرُ القَومَ مِن شَرٍّ ومَنْ نُوَبِ
والكلبُ وافٍ وإن ضاقَ الجَنابُ بِهِ=لا يَرْتَضِي مِن مَضيقِ الحيِّ بالرَّحبِ
يَفْدِي رُبوعَ الحِمى بِالرُّوحِ مُنْدَفِعاً=إِلى العِرَاكِ بِلا خَوْفٍ ولا رَهَبِ
فَيُنْشِبُ العُصْلَ مِنْ أَظفاره كمِدىً=والنَّابُ مَغْروسَةٌ في اللحمِ والعَصَبِ
* * *=* * *
تِلْكَ الكلابُ تُؤدّي حَقَّ جيرَتِهَا=أَمَّا الخَؤُون فَمِنْهُ الفِعْلُ لمَ ْيَطِبِ
فَلَيْتَهُ مِنْ كِلابِ الحَيِّ مُقْتَبِسٌ=فِعْلَ المَحامِدِ!! لكنْ لَيْسَ مِنْ سَبَبِ
تَراهُ في سَفَهٍ يُعْلِي عَقِيرتَهُ=كَأَنَّمَا مَسَّهُ لَذْعٌ مِنْ اللَّهَبِ
يظلُّ لَيْلَتَهُ يَعْوي بِلا مَلَلٍ=مُفَزَّعاً مِنْ نُجومِ اللَّيْلِ والشُّهُبِ
فَمَا العُواءُ إذا لم يَحْمِ جيرتَهُ؟!=وَمَا العُواءُ بِلا عَقْرٍ لمغتصِبِ
وَكَيْفَ يَحْمِي الحِمَى مَنْ خَانَ ذِمَّتَهُ=وراحَ يَهْتِكُ ثَوْبَ الطُّهْرِ وَالأَدَبِ
لم يَكْفِهِ أَنَّهُ عَرّى خليقتَهُ=حَتّى بَدَتْ كَسُمومِ الصِّلِّ والرُّقُبِ
بَلْ راحَ يَنْزِعُ ثَوْبَ الآدَمِيِّ فلا=تَلْقاهُ إلا كخنزيرٍ أَخَسَّ غَبي
أُفٍ لَهُ!! بَاعَ أَهْليهِ وَموطِنَهُ=بِتَافِهٍ مِنْ أُمورِ العَيْشِ والرُّغُبِ
لم يَتّقِ اللهَ في أبناءِ أُمّتِهِ=حَتّى غَدا العَيْنَ للشُّذاذِ والعُصَبِ
يا وَيْلَهُ!! عَبَدَ الدُّنيا وَشَهْوَتَها!!=كَأَنَّهُ خالدٌ فيها على الحِقَبِ
وبَاعَ آخرةً لا رَيْبَ آتيةٌ=فيها الحسابُ بِلا زَيْفٍ ولا رِيَبِ
يَا وَيْلَهُ!! بَاعَ أُخْراهُ بِفانِيَةٍ!!=وَغَرَّهُ خُلّبٌ قَدْ لاحَ في السُّحُبِ
إن يُمْهِلِ اللهُ مَنْ يَطْغَى فَإِنَّ لَهُ=يَوْماً يشيبُ لَهُ الوِلدانُ مِنْ كُرَبِ