نهتمُّ في الدنيا بكلِّ غُثاءِ = وبزيفِ زورِ الفتنةِ العمياءِ
نصغي لناعقةٍ وليس بنافعٍ = ماجاءَ من سفهٍ من اللؤماءِ
أنباؤُهم لم تُجْدِ أمَّتَنا ولم = تقتَتْ بها إلا بسوءِ وعاءِ
قد أشغلونا بالتفاهاتِ التي = تأتي بوخزِ المكرِ في الأحشاءِ
يخفلى علينا ما يُرادُ فمجمعٌ = للشَّرِّ قد جعلوهُ للإيذاءِ
ويخططون بكيدِهم لدمارِنا = ولهدمِ صرحِ إبائنا بدهاءِ
ولقد تداعوا كالوحوشِ ألم تروا = أشداقَهم شربتْ سخينَ دماءِ
تشكو الليالي ذاهلاتٍ والأسى = يغشى محيَّا الليلةِ القمراءِ
إنَّ العداوةَ كلها لشعوبِنا =فبكلِّ بيتٍ مجمعٌ لعزاءِ
وبكلِّ بيتٍ من أذاهم أدمعٌ = تجري بحرقتِها لطولِ بكاءِ
هدموا المساجدَ ليس يرعوا حرمةً = للدِّين للعُبَّادِ للعلماءِ
وحديثُ ذاك الشيخِ أدمى مهجةً = عمَّا جرى من غيِّهم لنساءِ
الماجداتُ الآمناتُ وهُنَّ قد = رُوِّعْنَ من وحشيةِ السفهاءِ
إذ حاسَ أنجاسُ الوحوشِ بغلظةٍ = دورًا لهُنَّ بغيبةِ النجباءِ
هي هكذا الأيامُ أم بِتْنَا على = ماكان من فعلٍ لدى الجبناءِ
أين الرجالُ وعصرنا هذا غدا = بالمجرمين يموجُ والدهماءِ
ولنحن أضحينا به في سُبَّةٍ = وإلى الضعيفِ يُشارُ باستهزاءِ
ياويحنا مَن ذا يصدِّقُ أننا = أحفادُ مَن سادوا الورى بإخاءِ
وبرحمةٍ ومودةٍ وتعايشٍ = وقيادةٍ محمودةٍ و وفاءِ
وشريعةٍ تحيا الشعوبُ بفيئها = في نعمةٍ لم تنصرمْ و رخاءِ
وعقيدةٍ للهِ ربَّانيَّةٍ =لم يَجْفُها أبدا هوى الفضلاءِ
أصغى لها وعيُ العقولِ وقد سما = أصحابُها في موكبِ الأكفاءِ
فابصقْ على قولِ السفيهِ ودعْهُ في = غلوائه فالشَّرُّ في الغلواءِ
هذا من أمثالِه كُثْرٌ وقد = عاشوا بلا شرفٍ و لا استحياءِ
هم كالبهائمِ بل أضل ولم تجد = فيهم أخا قيمٍ من العقلاءِ
هم أُقحموا فالثرثراتُ نصيبُهم = من حانةِ التخنيثِ والإغواءِ
دعهم فللديَّانِ حكمتُه فهم = أهلُ ازدراءٍ منتنٍ و مِراءِ
لابدَّ من يومِ انتقامٍ مالهم = عنه مناصٌ في مدى الغبراءِ
من غضبةِ الجبَّارِ ربِّ العرشِ إذْ = كفروا بما في السُّنَّةِ الغرَّاءِ
خاضوا برجسِ الموبقاتِ و دنَّسوا = بالإثمِ روحانيَّةَ الآناءِ
للهِ يسجد في السماءِ ملائكٌ = وعى رحابِ الأرضِ جاءَ خيرُ نداءِ :
اللهُ أكبرُ لا إلهَ سوى الذي = برأ الوجودَ بحكمةٍ و رُواءِ
ظنُّوا بِصَدِّهمُ عن النورِ انجلى = كي يسعدوا في الشهوةِ العمياءِ
لن تنفعَ الأهواءُ نفسًا غرَّها = ما زيَّنَتْهُ بوهمِها الأهواءُ
لذَّاتُ ساعاتٍ وتُطوَى مثلما = تُطوى ليالي العمرِ في الآناءِ
والباقياتُ الصَّالحاتُ لهنَّ ما = في جنَّةِ المأوى من النعماءِ
أصحابُها الصُّبُرُ الكرامُ استعصموا = باللهِ جلَّ ، بدينِه الوضَّاءِ
هي جملةُ الآدابِ ترقى بالفتى = وتفوحً بين الخلْقِ كالأشذاءِ
تُلفى بها القيمُ الأثيرةُ منهجًا = لِسُمُوِّ نفسِ المرءِ في الأحياءِ
فاهنأ بهنَّ أخا اليقينِ فإنها = تاجُ الفلاحِ لأمَّةِ الحنفاءِ
ودعِ الرعاعَ على بهارجِ ما أتى = في عصرنا المشحونِ بالبلواءِ