غَفَلْتُ عَنِ المَصِيْرِ فَضَلَّ سَعْيِيْ=فَيَا وَيْلَاهُ مِنْ سُوْءِ المَصِيْرِ
وَيا وَيْلَ الّذِي ضَحَّى بِأخْرَى=لَعَيْشِ بَهَارِجِ العُمْرِ القَصِيْرِ
وَيَا وَيْلِيْ غُرِرْتُ بِمَا دَعَتْنِي=إِلَيْهِ النَّفْسُ مِنْ وَهْمٍ وَ زُوْرِ
فَقَدْ هَتَفَتْ بِيَ الأهْوَاءُ يَوْمَاً=وَزَيَّنَتِ المَظَاهِرَ بالقُشُوْرِ
وَأَهْدَتْنِيْ جَنَاحَاً مِنْ خَيَالٍ=لِيَحْمِلَنِيْ إِلَى أُفُقِ السُّرُوْرِ
وَقَالَتْ لِلضَّمِيْرِ الآنَ فَارْقُدْ=فَمَا مُتَعٌ تُنَالُ مَعِ الضَّمِيْرِ
وَغَابَتْ خَشْيَةُ الجَبَّارِ عَنِّيْ=فَألقَيْتُ الزِّمَامَ إِلَى الغَرُوْرِ
فَأَظْهَرَ شَوْكَ دَرْبِيَ يَاسَمِيْنَاً=وَمَنَّانِيْ البَقَاءَ عَلَى الدُّهُوْرِ
وَخَلّى بَيْنَ ضَعْفِيَ والخَطَايَا=وَقَالَ مُقَهْقِهَاً: وَإِلَى السَّعِيْرِ
إِذَا مَاتَ الضَّمِيْرُ فَلَا حَيَاةٌ=تُرْجَى مِنْكَ يَا مَيْتَ الضَّمِيْرِ
فَتَبَّاً لِلغَرُوْرِ فَكَمْ حَرِيقٍ =أَثَارَ لَهِيْبَهُ نَفْخَاً بِكِيْرِ
وَحَرَّقَنِي اللّهَيْبُ وَكدْتُ أَفْنَى=فَنَاءَ الجِسْمِ فِيْ جَوْفِ القُبُوْرِ
وَلَٰكِنْ عَادَ رُشدِيْ بَعْدَ لَأيٍ=كَمَا عَادَ الضِّيَاءُ إِلَى الضَّرِيْرِ
وَعَادَتْ خَشْيَةُ الدَيَّانِ تَمْحُوْ=نُدُوْبَ الِإثْمِ فِي القَلْبِ الكَسِيْرِ
وَأَطلَقَتِ النَّدَامَةُ صَوْتَ حَقٍّ=يُنَاقِشُ كُلَّ أَسْرَارِ الضَّمِيْرِ
فَيَا وَيْلَاهُ مَاذَا قَدْ دَهانِيْ=فَلمْ أُنْصِتْ لِتَحْذِيْرِ النَّذِيْرِ
أَطَعْتُ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ عُمْرَاً=فَكَانَتْ تِلْكَ قَاصِمَةَ الظُّهُوْرِ
فَكَمْ مِنْ لَذَّةٍ قَدْ زَيَنَاهَا=فَكَانَتْ كَالسَّرَابِ مَعَ الهَجِيْرِ
فَلَا عَذْبَاً وَجَدْتُ وَلَا ظِلَالَاً=وَلَا زَادَاً يُعِيْنُ عَلَى المَسِيْرِ
وَلَٰٰكِنِّيْ وَجَدْتُ هَشِيْمَ عُمْرِيْ=يُحَرَّقُ بِالنَّدَامَةِ وَالزَّفِيْرِ
وَهَلْ تُجْدِيْ النَّدَامَةُ مِنْ فَتِيْلٍ=إِذَا لَمْ يَغْشَهَا عَفْوُ القَدِيْرِ
فَبَادِرْ قَبْلَ مَوْتِكَ يَا بْنَ فَانٍ=وَفَانِيَةٍ إِلَى بَابِ الغَفُوْرِ
تَذَلَّلْ لِلْعَلِيِّ وَتُبْ إِلِيْهِ=فَمَالَكَ غَيْرَ رَبَّكَ مِنْ مُجِيْرِ
هُوَ اللهُ الغَفُوْرُ إِذَا أَنَبْنَا=إِلَيْهِ تَائِبِيْنَ مِنَ الشُّرُوْرِ
وَلَا تَقْنَطْ مِنَ الغُفْرَانِ حَتَّىْ=وَلَو كَانَتْ ذُنُوْبُكَ كَالبُحُوْرِ
فَأَنْتَ بِبَابِ رَحْمَانٍ رَحِيْمٍ=عَفُوٍّ وَاسعٍ بَرٍّ كَبِيْرِ
فَيَا سَعْدَ الّذِيْ يُلْقِيْ إِلَيْهِ=عَصَا التَّرْحَالِ فِيْ كُلِّ الأُمُوْرِ
وَلَا تَنْسَ الّذِيْ تَهْفُوْ إِلَيْهِ=قُلُوْبُ الخَلْقِ فِيْ اليَوْمِ العَسِيْرِ
وَهَلْ يُنْسَى الشَّفِيْعُ وَقَدْ أَتَانَا =بِهَدْيِ اللهِ وَالخَيْرِ الكَثِيْرِ
فَنُوْرُ مُحَمَّدٍ يَهْدِيْ الحَيَارَىْ=وَيُنْقِذُهُمْ مِنَ التِّيْهِ الخَطِيْرِ
لَقَدْ أَوْحَى إِلَيْهِ اللهُ ذِكْرَاً =فيشفي كُلَّ أَدْوَاءِ الصُّدُوْرِ
فَمَنْ يَأخُذْ بِهِ يَظْفَرْ بِرُشْدٍ=وَأَمْنٍ فِيْ الحَيَاةِ وَفِيْ المَصِيْرِ
وَمَنْ يُعْرِضْ يَعِشْ ضَنْكَاً وَيَشْقَى=وَفِي الأُخْرَىْ لَهُ نَارُ السَّعِيْرِ
بِهَٰذَا الوَحْيِ قَدْ عَزَّتْ جُدُوْدٌ=وَعَاشُوْا فِيْ صُعُوْدٍ كَالنُّسُوْرِ
وَكَمْ مِنْ بَعْدِهِمْ ذُقْنَاْ هَوَانَاً=فَوَدَّعْنَا الصُّعُوْدَ إِلَى حُدُوْرِ
وَيَبْقَى الذُّلُّ مَا بَقِيَ ابْتِعَادٌ=عَنِ القُرْآنِ وَالهَادِي البَشِيْرِ
فَقُلْ لِي أَيُّهَا السَّارِيْ بِلَيْلٍ=إِلَامَ السَّيْرُ فِيْ قَفْرٍ وَبُوْرِ
فَيَمِّمْ نَحْوَ رَوْضَةِ مُصْطَفَانَا=فَفِيْها خَيْرُ زَادٍ لِلمَسِيْرِ
فَصَاحِبُها الَّذِي كَمَلَتْ لَدَيْهِ=سَجَايَا الخَلقِ مِنْ كَرَمٍ وَخِيْرِ
رَسُوْلُ اللهِ رَحْمَةُ مَنْ بَرَانَا=بِدُنْيَانَا وَفِيْ يَوْمِ النُّشُوْرِ
تَشَفَّعْ بِالحَبِيْبِ تَجِدْ شَفِيْعَاً=عَظِيْمَ القَدْرِ مُنْقَطِعَ النَّظِيْرِ
وَمِفْتَاحُ الشَّفَاعَةِ أَنْ تُنَقِّيْ=نَوَازِعَ فِيْ السُّلُوْكِ وَفِي الضَّمِيْرِ
فَتُصْلِحَ فِيْ المَظَاهِرِ وَالنَّوَايَا=وَتَحْيَا مَنْهَجَ الحَقِّ المُنِيْرِ
فَتَظْفَرَ بِالشَّفَاعَةِ مِنْ رَؤُوْفٍ =بِأُمَّتِهِ, وَغُفْرَانِ القَدَيْرِ