عِشْقُ الجهادِ ، وعزَّةُ الإيمانِ = يرويهما الأبرارُ في المَيْدانِ
هذا زمانُ الجودِ بالروحِ التي = قد أرخصتْها دعوةُ الفرقانِ
لم يبقَ بعدَ اليومِ للدنيا هوىً = في أنفسٍ تاقتْ إلى الرضوانِ
أو يُرتجَ الفتحُ المؤمَّلُ من يد = عافتْ طهورَ وضوئها لهوانِ
ونأتْ عن الدينِ الحنيفِ ، ولطَّختْ = أيَّامَها بالإثمِ والشَّنآنِ
وفؤادُ صاحبِها تلقَفَهُ الذي = أزجاهُ هذا العصرُ من خذلانِ
فيها يبيعُ ويشتري أملاكَ أمَّتِه ... = ... بسوقِ الوهْنِ للذؤبانِ
وبكيدِ أهلِ السوقِ تختنقُ الرؤى = ويموتُ صبحُ الشوقِ في الأجفانِ
هذي الخِلالُ قبيحةٌ لم يرضَها = شعبٌ له من خيرةِ الشجعانِ
فمضى به متمردًا يأبى الخنوعَ ... = ... لصولةِ الفجَّارِ في البلدانِ
فيضمُّه التاريخُ يقرأُ صفحةً = من حبِّه المعهودِ للقرآنِ
مابينَ أسطرِها انتفاضاتُ الجوى = وتوقدُ الأحناءِ بالنيرانِ
مااعشوشبتْ أيامُها إلا إذا = سقتِ الصُّدورَ المزنُ كلَّ أوانِ
وتفجرتْ أحلى الينابيعِ التي = يشتاقُها القاصي ، ويهوى الدَّاني
لن ينبتَ النَّصرُ المؤزَّرُ والثَّرى = ميْتٌ يُلاكُ بوهدةِ الخسرانِ
هذي تعاليمُ النَّبيِّ ، وهديُه = نعمَ القيامُ بسُنَّةِ العدناني ...
من غفلةٍ ممقوتةٍ منبوذةٍ = لعبَ التَّبارُ بلهوِها الحيواني
صاغَ الطغاةُ بكهفِها قانونَهم = فلغى الطموحَ برِدَّةٍ وهوانِ
وأقامَ عسكرَه على آماقِنا = كيلا نرى وهجَ الإباءِ الهاني
وأباحَ للأشرارِ ذبحَ ربيعِنا = حتى يموتَ الشَّذوُ في الأفنانِ
لكنَّما الشَّعبُ العظيمُ صحـا فلم = يركنْ لبأسِ الظالمِ الخوَّانِ
فأتى على القانونِ يحرقُ وجهَه = ويدوسُ كاتبَه بنعلٍ ثانِ
يأبى الإباءُ بأن نذلَّ لمجرمٍ = مستهترٍ بكرامةِ الإنسانِ
فالشَّعبُ قد أحيتْ قُواه عقيدةٌ = في العصر إسلاميَّةُ العنوانِ
قانونُها : الرحمنُ أنزله على = أحناءِ شعبٍ ضاقَ بالخذلانِ
فهفا إلى دربِ الجهادِ مكبِّرًا = يحدوهُ وعدُ اللهِ في التبيانِ
يشتمُّ عِطرَ الخلدِ في جنَّاتِه = ويرى بهاءَ الحورِ والولدانِ
ولقد تخفَّفَ من ثقيلِ زمانِه = إذ تاقَ شوقًا للنعيمِ الهاني
مذ عافَ همهمةَ النفاقِ وأهله = ونأى عن التفريطِ والهذيانِ
ودنت بصيرتُه من الألقِ الذي = أدناه بالتقوى من الرحمنِ
فمضى على النهجِ السَّويِّ مباعدًا = أهلَ الهوى والزيغِ والعصيانِ
ركبَ الصراطَ المستقيمَ فما ونى = لغريزةٍ تدعو إلى البهتانِ
إنْ أنكروا فيه البطولةَ بكرةً = فهي الصريخُ عشيَّةَ الإعلانِ
جاؤوا بها من صدرِ كلِّ مجاهدٍ = ومجالدٍ منظومةَ الأوثانِ
لم يرضَ عزُّ النفسِ زيفَ بهارجٍ = مطبوخةٍ بِمُعَفَّرِ الرَّوَغانِ
أو تحملِ الإنكارَ للقيمِ التي = أزجتْ حقائقَها يدُ البرهانِ
هي أعلنتْها ثورةً تحيي السلامَ ... = ... بعالمٍ يجثو على بركانِ
عانى المصائبَ أهلُه فانجرَّ مرتهنًا ... = ... إلى ماكان بالحسبانِ !
إذ لامفرَّ من الشَّقاءِ لعالَمٍ = قد عافَ فطرتَه إلى النقصانِ
وتراعشتْ كلتا يديه مخافةً = من هولِ شِدقِ البأسِ في البلدانِ
ولربما أدمتْ أضالعَه السياطَ ... = ... وأوغلت باللذعِ في الشريانِ
بئسَ الطغاةُ ، وبئسَ أربابُ الونى = والظلمُ والإيقاعُ بالأعوانِ
وبهذه الأيدي التي لم تغترفْ = أو تعترفْ بالحوضِ والميزانِ
وبقدرةِ الباري إذا ماشاءَ أن = تُطوَى بهم أرضٌ بأيِّ مكانِ
مغموسة تلك الأيادي بالدما = ممدودة للشَّرِّ والشيطانِ
لكنَّه الشعبُ الذي ربَّاهُ في = ساحِ الفدا تنزيلُه الرَّبَّاني
قد نامَ لكنْ أيقظتْهُ نوازلٌ = تحيي أولي الأرماسِ والنسيانِ
هذي كتائبُه ، وذاك إباؤُه = دون الهدى الغالي له حدَّانِ
عزَّت عليهم أن تنامَ جفونُهم = أو تستكينَ لظالمٍ خوَّانِ
فالعالَمُ الغربيُّ بئسَ فسادُه = والعالَم الشرقيُّ بئسَ الجاني
والمرجفون وقد تواطأ رأيُهم = مع نخبةٍ رضيتْ بسوءِ هوانِ
راموا امتطاءَ المجدِ فانهارتْ بهم = أركانُ زورِ تَحَكُّمِ الصبيانِ
وتصنَّعوا الخُطَبَ المهيضَ جناحُها = لم تأتش من قُسٍّ ولا سحبانِ
وعلى خسيسِ الوهمِ كان بناؤُهم = فانهدَ ركنُ الوهمِ في البنيانِ
يا أيُّها السُّفهاءُ مهلا إنَّكم = لم تفهموا المعنى من العُنوانِ
خنتُم أمانةَ أمَّةٍ مختارةٍ = ودرجتُم التاريخَ بالأكفانِ
والمجدُ حيٌّ لن تموتَ أصولُه = واليومَ يُبعثُ عاطرَ الأردانِ
عجمَ الرجالَ فلم يجدْ أسماءَكم = مبثوثةً في دفترِ الفرسانِ
فتجهمتْ قسماتُ وجهِ صباحِه = لحضوركم في المركبِ الشيطاني
إذْ لم تجدْ خيرًا بكم يُرجَى وما = ترجوه أمتُنا مدى الأزمانِ