هوامش :
إحدى القصائد التي أُلقيت في بيت أحد الإخوة من أبناء ديرالزور ،
وذلك يوم الثلاثاء في 30/4/1410هـ بعد الأمسية الشعرية التي أُقيمت في
النادي الأدبي في المدينة المنورة
من كُوَّةِ الألمِ السَّاجي قد اتَّقَدَا = أرى الرجاءَ بليلِ النَّازلاتِ بدا
وطوَّفتْ في رؤاها العينُ دامعةً = فبالأحبَّةِ شوقُ القلبِ مازهدَا
وباتَ ينشدُ في ديجورِ محنتِه = كلَّ القصائدِ لاأبقى ولا اتأدَا
سإذْ تلفحُ الوطنَ المكلومَ عاصفةٌ = بها تلظَّى الأسى بالغيِّ وانعقدَا
وبارقُ الأملِ الَّلمَّـاحُ في مقلي =ماغابَ عنها ولا في سوقِه كسدَا
* * *=* * *
قالوا : الفراتُ . ألم تنشأْ بأربُعِه = وتغسل الروحَ في عليائَه أمدَا !
وتشربُ الماءَ صفوًا من تمايُسِه = وحُلوِ رافدِه الخابورِ مابَعُدَا !
كم عانقتْ نفحاتُ الدَّيرِ في حلبٍ = وجهَ المغاني ، وهزَّت بالوفا بردى !
أما سعيتَ على شطِّ الفراتِ ، وفي = ظلالِ أشجارِه عشْتَ الفتى الرَّغِدَا !
ألم تجدْ مُتَعًـا روحيَّةً ، وهدىً = بها المآثرُ تُولِي أهلَها الرَّشدَا !
ومن نسائِمِه كحَّلْتَها هُدُبًـا =نامتْ على حُلُمٍ ماكان مُفتَقَدَا !
وشنَّفَ الأُذْنَ صوتُ الفجرِ مبتهجًا = به الفؤادُ الذي قد فارقَ البلدَا !
فقلتُ : إنِّي لديرالزورِ مرتهنٌ = وحبُّها في ثنايا القلبِ مارقدَا
منها جنى أعذبَ التَّحنانِ أطيبَه = فما ونى في دروبِ الخيرِ أو حَقَدَا
لايحملُ الحقدَ إلا ظالمٌ أشِرٌ = عن رحمةِ اللهِ أو موعودِه طُرِدَا
وفي الشَّآمِ التي انداحتْ فضائلُها =بينَ الورى ، وسُمُوُّ الشَّامِ ماوُئِدَا
طابتْ لأُمَّتِنا عبرَ العصورِ ، وفي = صحائفِ المجدِ طابت بالهُدَى بلدَا
وحبُّ أوطانِنا الإسلامُ حبَّبَه = فلا ننازعُ في هذا الهوى أحدَا
وليس تُنسَى ولن تبلى محامدُها = رغمَ الفراقِ ، ولن يُطوَى الودادُ سُدَى
قد فتَّقَ الوجعَ المسعورَ في كبدي = تثاقُلُ الأملِ المخضلِّ مابَرَدَا !
وجئتُ طيبةَ مشغوفًا بروضتِها = وبالسَّنا غمرَ الأحناءَ والجسدَا
حتى إذا لاحت (الخضراءُ ) في مقلي = بكيتُ شوقًا وأبكيتُ الذي شِهِدَا
وقلتُ هذي ملاذُ الروحِ فابتهجي = يانفسُ وانْسَيْ جراحاتٍ مضتْ نكدَا
أتيتُها وهواها بينَ أوردتي = ولستُ أرخصُه طولَ المدى أبدَا
وإنَّه الحبُّ للهادي وعترتِه = وللصَّحابة لاننسى به أحدَا
سِرّ الحبرِ بقلبي فاضَ قافيةً = تشدو لطيبة مذْ قلبي وعى وشدا
وحبُّ ساكنِها في القلبِ خلَّده = شوقي إليه فلن يخفَى وما هجدَا
قد ارتوى قلمي من غضِّ روضتِه = طيب المدادِ وعذْبُ الشَّدوِ مانفدَا
كلُّ القصائدِ من إيحاءِ ماوهبتْ = يدُ المدينةِ إذْ في الأضلُعِ اتَّقدَا
أُحبُّ هذا الثرى ، أهوى بحرَّتِه = سكانَه الصِّيدَ أنصارَ الهدى الشُّهَدَا
وأفتدي بحياتي سِفرَ دعوتِه = وأدفعُ الشَّرَّ عنه أينما وُجِدَا
هذا المدى عطَّرتْهُ بالشَّذا قَدَمٌ = مشتْ عليه ففاحَ النَّدُّ ما فُقِدَا
وأهلُه خيرةٌ من خيرةٍ ، ولهم = سبقٌ بفضلٍ جرى في سلسلٍ وندَى
ولن يُضاموا فهم جيرانُ مَن شهدتْ = له السماواتُ والأرضون يومَ بدَا
قد اصطفاهُ الذي تُرجَى مواهبُه = وليس يذهبُ مايُعطي الإلهُ سُدَى
لاتعجَبَنَّ إذا سارَ القريضُ إلى = خيرِ الورى شغفًا فالشَّوقُ ما قعدَا
وكلُّ مدحٍ لغيرِ المصطفى عبثٌ = فَهاتِ أطيبَه وانشدْ به غَرِدَا
خيرُ النَّبيِّين مَن هلَّتْ بدعوتِه = سحائبُ الخيرِ ،طابت للأنامِ يـدَا
مُحَمَّدٌ صفوةُ الأبرارِ ، زينتُهُم = وسيِّدُ الخلقِ بالأخلاقِ قد حُمِدَا
حبيبُنا ذو المزايا جلَّ خالقُه = كفَّاه قد جاءَتا للعالمين ندَى
وعاشَ بَـرًّا رحيمًا بين أُمَّتِه =يدعو لها اللهَ في الظلماءِ إذْ سجَدَا
بنورِ شِرعته عشنا مفاخرَنا = ولم نجدْ غيرَها في الكونِ ملتحدَا
والفتحُ في وجهِه شمسٌ فما تركتْ = ليلا تلوَّى بدنياالناسِ أو كمدَا
حديثُ كلِّ دواويني لدعوتِه =فبئسَ كلُّ نشيدٍ للهوى عُقِدَا
ياربِّ فافتحْ لنا أبوابَ توبتِنا = واملأ بمصحفنا أجيالنا مددا
وامننْ علينا بتوحيدٍ به خلصتْ = طهرًا سرائرُنا ، وامحقْ به الزّبدَا
إنَّا لنرقُبُ فتحًـا منك ريِّقُه = يزيلُ عنَّا الونى والكربَ والكمدَا