عادت الجاهلية الاولى
بعضُ الطبائعِ كالبنزين قابلةٌ = للإشتعال بأدنى القدْح واللّهَبِ
ألوم نفسي على بعض الحروف فقدْ = تؤذي الأحبةَ عند البُهْمِ بالرِّيبِ
أنا شغوفٌ وذو قلبٍ يميل إلى = ما في الطّبيعة من حُسنٍ ومن أدبِ
لا أقصدُ الضرَّ أو أنوي الأذى أبداً = إنِّي بريء ٌمن التّكدير والشَّغَبِ
ذنبي الكبيرُ دعاباتٌ أبوح بها = وتلك عادة أهل الشِّعر في العربِ
لكنَّ في النّاس أمراضا وأمزجةً = حمقاء توقع في الأوهام والغضبِ
من كان يدري بأقدارٍ مخبَّأة ٍ= من كان يحسب للأرزاء والكُربِ
قد فوجئ القلبُ بالبلوى تمزِّقه ُ= فما تحمَّل رُزءَ الواقعِ الخَرِبِ
لقد تَشَظَّى فُتاةً من مَواجعهِ = وصار ينزفُ مثل السَّيلِ في شَخَبِ
أوّاهُ أوّاهُ من دهرٍ نعيش بهِ = جمِّ المواجعِ والأرزاء والعطَبِ
فالدين أضحى طقوسًا لا أصول لها = تُفضي إلى الظُّلم والآفاتِ والنِّكَبِ
يُبيحُ في الوهمِ أرواحاً مُقدَّسة ً= قد صار منبعَ ما في الأرض من وَصَبِ
والعادةُ انتصبتْ في وعينا صنمًا = كم عابدٍ بدعاوى العِرْضِ للنُّصُبِ
إنِّي لأمقتُ ألبابا تميلُ إلى = قتل البراءة باسم العِرضِ والحسَبِ
أين الهداية ُ؟ أين النّورُ في مُهجٍ = قست فصارت كمثل الصّخر والحَطَبِ
أين السّماحة فالإسلام دين ندَى = يدعو إلى الحبِّ في أخلاق خير نَبِي
إنّ الجهالة قد سادت وقد حَكَمت ْ= والنُّورَ يُحبسُ في الأذهانِ والكُتبِ
فالوَأْدُ يَهْتصِرُ الأرواحَ في صَلَفٍ = والشِّركُ أشنعُ من بَلْوى أبي لَهَبِ
فالجاهليةُ في الأذهانِ راسخة ٌ= سادتْ طباعُ وحوشِ الغابِ في العَرَبِ
وسوم: العدد 944