في زحمةِ الزمنِ المكابرِ همُّه= يأسٌ يحطّ على الجفونِ مدامعا
أملٌ يضيعُ بلحظةٍ مُتكسّرًا = و أمامَ أعيُننا يموتُ مدافعا
الصمتُ خيَّمَ في النفوسِ كأنَّه = وحشٌ مخالبُهُ بقلبِكَ زارعا
والناسُ مِنْ هولِ الخطوبِ بحَيرَةٍ = أبصارُنا هَرَمَتْ فصِرنَ خواشِعا
الوقتُ يَضحكُ و المكانُ نحيبُهُ = كعواصفٍ صمّتْ عليكَ مسامعا
و الدربُ تشعِلُه رُؤاك لعلّنا = نُلقي على دنيا الظلامِ مطالعا
لكنّني بين الضياعِ إرادةٌ = بدمي الحرائقُ لا ترومُ هواجعا
أيقنتُ أنَّ حياتَنا لا تنتهي = و بأنَّ هولاكو أتانا جائعا
و بأنَّ أسيادَ الظلامِ تمردّوا = ملكوا المَذلّةَ و الهوانَ تنازُعا
بينَ الضلوعِ مجامرٌ أحرقتُها = أطفأتُ نيرانَ الضياعِ تواضعا
و أبي يُحدّثُ عن مصيرِ حياتِنا = لمّا رأى يأسَ القلوبِ فواجعا
أنّي عهدتُك صابرًا بعزيمةٍ = كعزيمةِ الطوفانِ يهدمُ مانعا
دنياكَ يا ولدي بها الخطوبُ صغيرةٌ= تأتيكَ أزمنةٌ تُشيبُ مراضعا
في الشرقِ يحرقُ دينُنا و شبابُنا = و حياتُكم تهبُ الجحيمَ مصارعا
و بنو الاصيفرِ سادةٌ ببلادِنا = و المسلمونَ يقطّعونَ مقاطعا
للفقرِ سُلطةُ ظالمٍ متسلِّطٍ = و العدلُ يُقتلُ في المحافلِ يافِعا
و الاهُكُمْ دنيا و مالٌ تافِهٌ = و عقيدةٌ تُغري الحليمَ مطامعا
الكذبُ فيكُمْ شِرعةٌ و تعامُلٌ= و الصدقُ أبعدُ ما يكونُ طبائعا
امّا الأمانةُ ضُيِّعتْ واستُبدلتْ = بخؤونِ عهدٍ للدناءةِ طائعا
و الكاسياتُ بعُريهِنَّ تمايلوا = حتى الفواضلُ قد تُركنَ بلاقعا
لا تبتئسْ ممّا يسوؤكَ وانتظر = بتزاحمِ الأهوالِ فيكَ جوامِعا
و ترى رعاع الشاةِ في بُنيانِهم = يتطاولونَ كأنَّهمْ طاروا معا
و الصالحونَ دعاؤهُمْ مِنْ غُمّةٍ = كسرابِ صحراءٍ يُظنُّ منابعا
الناسُ سكرى في خُمورِ هواهُمو = هجروا صلاحًا واستحلّوا الشانعا
يتقاتلونَ على حقيرِ معيشةٍ = تخذوا السكوتَ مع الرضوخِ شوارعا
ستصيرُ ياولدي النفوسُ شحيحةٌ= الخيرُ فيها لا يُعدُّ منافعا
فتَحَلَّ بالصبرِ الجميلِ و كُنْ بهِ = صبرًا لِمُعتزِلٍ يئنُّ مواجعا
بالصّبرِ يُنخرُ كلُّ همٍّ جامحٍ = أقدارُنا وطنٌ يضُمُّ ودائعا