من محاريبِ الهُدى والدَّعوةِ = من بيوتِ اللهِ ذاتِ الرِّفعةِ
من قلوبٍ لم تزلْ وجهتُها = شطرَ بيتِ اللهِ ، شطرَ الكعبةِ
عامراتٍ بالتُّقى ماخًذِلتْ = آمناتٍ في ثيابِ الفطرةِ
ومن الآهاتِ أغناها الأسى = في حنايا كلِّ أُمٍّ حُرَّةِ
ونفوسٍ آمنتْ باللهِ لم = تحنِ من هاماتِها في المحنةِ
ومن الشَّعبِ الذي ذاقَ العنا = وتلوَّى ألمـًا في العسرةِ
من سجونِ الظالمين استعرتْ = ومن الكبتِ ، ومُـرِّ اللوعةِ
من شبابٍ ثائرٍ أفزعهم = مارأوا من طغمةٍ مفسِدةِ
في نظامٍ عابثٍ ممتهنٍ = بئسَ سوءُ الحكمِ في الأنظمةِ
من ثكالى سامهُنَّ الظُّلمُ إذْ = مزَّقَ السِّترَ بنابِ الخِسَّةِ
كم شكتْ أمٌّ ، وكم عانتْ ، وكم = ذاقت الهونَ ذواتُ العفَّةِ
من خياناتٍ وقد وثَّقَها = ماجرى ــ إذ أجرموا ــ في غَزَّةِ
من يَدَيْ أحكامِهم جائرةً = لم يراعوا ــ ويلهم ــ من ذِمَّةِ
والسجون امتلأتْ من شعبِهم = لالذنبٍ قد جنتْ أو هفوةِ !!!
عذَّبوا الناسَ بأنواعِ الأذى = في الزنازينِ وفي الأقبيةِ
ظلموا ، واستعبدوا ، واستلأموا = هكذا الإرهابُ في الثَّوريةِ
هكذا أو هكذا قد لُعِنُوا = كلَّ فجرٍ ــ هلَّ ــ أو أُمسيةِ
ضيَّعَتْ نَزْواتُهُم أمَّتَنا = بينَ ميدانِ الشَّقا والدَّعةِ !!!
والأساليبُ التي تفضحُهُم = من نفاقٍ راعفٍ بالخدعةِ
أمعنوا في الظُّلمِ ، بل واستهتروا = بحياةِ الناسِ طولَ المدَّةِ
أكلوا مالَ أُناسٍ عنوةً = وأباحوا دمَهم في ذلَّةِ
ثمَّ واروا كلَّ خيرٍ دافقٍ = من لَدُنْ ربي ، وظلَّ النعمةِ
وهو الشَّعبُ الذي لمَّـا يَذُقْ = عندَهم غيرَ سِنِيِّ الجفوةِ
طالَ هذا الخطبُ منهم فَعَلَى = جانبيهِ لم نجدْ من فر حةِ
طالَ ليلُ الكربِ ياربِّي فَجُدْ = بانفراجٍ لثقيلِ الغُمَّـةِ
وخلاصٍ من يَدَيْ قضبانِهم = واندحارٍ لكلابِ السلطةِ
نكباتٌ مُـرَّةٌ ماتركتْ = شذوَ فخرٍ من مزايانا التي ...
سرقوا أتعابَنا ، واستمتعوا = بحرامٍ مفعمٍ بالخسَّةِ
باشتراكيةِ جوعٍ ، ومُدَىً = ذبحتْ ماكانَ من حريَّةِ
حاربوا الإقطاعَ حيثُ اقتطعوا = مالديه دونَ أدنى فِطنةِ
وحشوا بالمالِ جيبًا فارغًا = فانظرَنْ في البنكِ للأرصدةِ
ليس تُحصَى اليومَ ملياراتُهم = جمعوها ــ ويلهم ــ عن خبرةِ !!!
ذهبتْ أيامُ لصٍّ لم يجدْ = غيرَ قرشين بطيِّ الصُّرَّةِ
لعجوزٍ ــ آهِ ــ أو أرملةٍ = خشيتْ أيامَ سوء الطلعةِ
وأتتْ أيامُ لصٍّ حوله = جندُه الفرسانُ أهلً القبضةِ !!!
وقفوا يحمونه من قبضةٍ = حُرَّةٍ عاتيةٍ شعبيَّةِ
وتغاضوا عن مآسي شعبِهم = وتناسوا ماجنى من نكبةِ
قادهم ليس إلى أعدائِنا = بل لقتلِ الأمةِ الآمنةِ
أيُّها الظالمُ جاءتك التي = لم تدعْ للظلمِ من قائمةِ
ثورة للحقِّ يَغلي دمُها = وبأوجاعِ كرامِ الأمةِ
تحرقُ الزَّيفَ الموشَّى بالهوى = وبهذا البوقِ ، بوقِ الضَّجةِ
عاشَ ؟ يحيا ؟ نفتديه بالدما = كلُّها ولَّتْ بتلك الحبكةِ !!!
وهي السَّكرةُ راحتْ ، وانجلى = فجرُنا البسَّامُ عَذْبَ المشيةِ
إنَّه الشَّعبُ الأبيُّ انطلقتْ = مالديهِ من معاني العزَّةِ
تتحدَّى ظلمَهم ثورتُه = وتعيدُ اليومَ أجلى الثِّقةِ
عادَ ماضيه كريمَ المُجتَنى = في مغانينا وثيقَ النخوةِ
هاتفا أنَّ الزَّمانَ انطلقتْ = في الورى دورتُه بالرحمةِ ...
رحمةِ اللهِ بأبناءِ الورى = بصحيحِ القولِ لا بالفريةِ
لا بوهمٍ للنياشين وقد = علَّقوها في صدورِ الشُّبهةِ
كذبوا ــ واللهِ ــ في أفعالِهم = واستخفُّوا بسُمُوِّ الصِّفةِ
كيف يرقى للمعالي مجرمٌ = بمخازيهِ وثيقُ الصِّلةِ
إذْ تربَّى عابثا ممتَهَنًا = كالحَ الوجهِ ، قبيحَ الصورةِ
نامَ عنه الشَّعبُ ، أو ألهاهُ في = ضنكِ العيشِ ، وهـمِّ اللقمةِ
واشترى الأنذالَ بالمالِ لكي = يربحَ الباغي سباقَ الجولةِ
وأخافَ الناسَ بالسوطِ الذي = ليس يجديهِ بيومِ الغضبةِ
موعد نادى إلى ميقاته = رغمَ كلِّ البأسِ يومُ الجُمْعَةِ
ثارَ شعبي ، ثارَ فيه مجدُه = ثارَ فيه شوقُه للجنَّةِ
مرحبا بالموتِ يُحيي أمَّةً = لم يمتْ فيها الفدا للعزَّةِ
هزَّه صوتُ النبيِّ المصطفى = في أحاديث امتدادِ الغزوةِ
فتنادى للميادين التي = ليس ترضَى بالونى والذِّلَّةِ
بشبابٍ مؤمنٍ ذي ثقةٍ =ماحنا هاماتُه من رهبةِ
وجموعٍ حشدتْ إيمانَها = بثباتٍ رغمَ أنفِ الطُّغمةِ
كبَّرتْ فاهتزَّت الدنيا ، وكم = أيقظَ التكبيرُ أهلَ الغيرةِ
لايخافُ الظُّلمَ إلا جاهلٌ = بقضاءِ اللهِ ، أو في غفلةِ
إنَّ للظالمِ يوما ما نأى = عنه مهما طالَ عهدُ الهجعةِ
لانرى أمنًا بوجهٍ مغبرٍ = ما له في خيرِنا من نيَّةِ
بل توخَّاها لنا مجدبةً = في صحارى عيشةٍ مضنيةِ
أيُّها الناسُ : بلاغٌ من لَدُنْ = ربِّنا الأعلى بذي البيِّنةِ
قد أرادَ اللهُ للإسلامِ أن = يحكمَ الدنيا بهَدْيِ الشِّرعةِ
واصطفى من خَلقِه أمَّتَنا = لتقودَ الخلقَ للحريَّةِ
وأرادوها ــ لحاهم ربُّنا ــ = زورَ كرسيٍّ أتى باللعنةِ
جعلوا أمتَنا ذيلا لِمَنْ = كفروا باللهِ ، أهلِ الذلةِ
وبأحزاب ضلال جمعوا = شرَّهم في حكمِنا بالقسوةِ
ورمونا بالأذى بل دمَّروا = ما لهذا الشعبِ من أمنيةِ
وطوى الشعبَ على أوجاعِه = صبرُه تحتَ رمادِ المحنةِ
بورك الصَّبرُ الذي فجَّرَها = فتشظَّتْ ثورةً في ثورةِ
وتخلَّت أمتي عن خوفِها = ولمَ الخوفُ أمامَ الفِديةِ !!!
من جحيمِ الحكمِ في دوَّامةٍ = لم تدعْ صوتًا على حنجرةِ
ربَّنا أتممْ علينا نعمةً = منك جاءت بعدَ طولِ الهجعةِ
وهبِ الشَّعبَ إلهي قوةً =تدفعُ الظلمَ إلى لا رجعةِ
حيثُ لايرضى له بعدئذٍ = أيَّ طاغٍ مجرمٍ ذي خسَّةِ
واجمعِ الصفَّ على ماترتقي = حوله أمَّتُنا للقِمَّـــةِ
ربَّنا أتممْ علينا نعمةً = منك جاءت بعدَ طولِ الغمةِ
وَهَبِ الشَّعبَ إلهي قوَّةً = تدفعُ الظلمَ إلى لا رجعةِ
حيثُ لايرضى له بعدئذٍ = أيَّ باغٍ فاسدٍ ذي خسَّةِ
فالحقوق انتُهكتْ ، واستُبدِلتْ = بنظامٍ ماله من حظوةِ
والرؤى ماتتْ على ما خطَّطوا = بيَدَيْ أهوائِهم من رغبةِ
طالَ هذا الليلُ ياربي فهل = من نهارٍ مشرقٍ بالرحمةِ ؟؟؟