هيهاتَ ترضى أمَّتي المرذولا = أو تُستَذلَّ وأنْ تراه مقيلا
واليومَ يؤلمُها تَفرُّقُ جمعِها = وإباؤُها لمَّا يزل مغلولا
وجعٌ يُفتتُ قلبَها ممَّا جرى = وتعيشُه ويح المصابِ فصولا
وأسىً له وقْعُ السِّهامِ ولم يزل = في صدرِها لا يقبلُ التأويلا
وترى لأبناءٍ لها هوسًا بما = زادَ التَّوجُّعَ بكرةً و أصيلا
وهي التي منها الأئمَّةُ خلَّدُوا = تاريخَها بالمكرمات جميلا
الراشدون وقد أناروا دربَها = بالبيِّناتِ ومهدوهُ عُدولا
ولهم رحابُ الأرضِ قالتْ : مرحبا = وغدا لهم رحْبُ الفجاجِ ظليلا
فاذكرْ أبابكرٍ وجدَِّدْ ذكرَه = فقد اصطفتْهُ يدُ النَّبِيِّ خليلا
سارا وما فزِعا لهولِ نوازلٍ = كانت على حقدِ الطغاةِ دليلا
واذكر أخا بيضِ المآثرِ إنَّه = عُمَرُ الذي قاد الفتوحَ نبيلا
في عهده الدنيا تباشرَ أهلُها = بالعدلِ مكَّنَ للعبادِ قبولا
ولصاحبِ القرآنِ عثمان الذي = بِنَداهُ هلَّ ولم مجهولا
قد عاش ذو النورينِ بالقيمِ التي = أغنتْ قلوبًا بالهدى و عقولا
وعَلِيُّ بابُ مدينةِ العلمِ ارتأى = في فتحِ خيبر ساعدًا مفتولا
قد عاش والتوحيدُ يملأُ قلبَه = لم يرضَ عن قرآنه تبديلا
رضي الإلهُ عن الأئمَّةِ إنَّهم = ساروا على نهجِ النَّبيِّ عُدولا
فدعِ الرعاعَ فقد عرتْهم غفلةٌ = عمياءُ ألقتهم بها ترميلا
الحاقدون على الأئمةِ إنَّهم = سفهاءُ ما وجدوا لهم تعليلا
ضَلُّوا الطريقَ ففي يَدَيْ أوهامهم = صاغوا الخرافةَ والهراءَ عويلا
ناصحتُهم لكنَّهم صدُّوا فلم = تَجِدِ النصيحةُ للعقولِ سبيلا
ورأيتُهم في غفلةٍ ، لشِراكُها = أوهى الشباكِ ولم يزل مغلولا
غرَّتْهُمُ زورًا عمائمُ أدلجتْ = فالخُمسُ أغراها وبات جزيلا
والحقد : نارُ الحقدِ في أحشائهم = ثارتْ لهيبًا محرقًا و وبيلا
ولعلها الفئةُ التي لاتستحي = ولقد رأى فيها الضَّلالُ ميولا
ولقد أصيبت بالتفاهةِ وانثنتْ = عن كنهِ وجهِ الحقِّ ميلا ميلا
وبمثلها امتلأتْ شوارعُهم وفي = أسواقهم باتَ الفسادُ بديلا
سبعون حزبا بل تزيدُ وفرقةً = ولخيرِهم مابدَّلوا تبديلا
ولقد رضوا ألا يكونوا مثلما = وجدوا لهم بيدِ الدعاةِ أصولا
هي أمَّةٌ رعتِ الفضائلَ فانثنى = عنها الذي جهلَ السُّمُّوَّ سبيلا
إذ بات يدركُ أنها جاءت بما = بُعِثَ الرسولُ ليحملَ التنزيلا
وسِواه من كلِّ المذاهبِ فاسدٌ = أبدًا ولم يكُنِ الفسادُ مُنيلا
إنَّا لَنأبى الزيغَ في أحزابِهم = والكلُّ كان عن الونى مسؤولا
ضعفتْ بما يستوردون بلادُنا = وهي الغنيَّةُ نعمةً و عقولا
ماذا أقولُ وهدَّموا الركنَ الذي = صاغتْهُ بالدين الحنيفِ أصيلا
سيزولُ في الأجلِ القريبِ هُراؤُهم = إذ باتَ ركنُ ثباتِنا مأهولا
لن يهدمَ السفهاءُ مهما أمعنوا = فالركنُ لن يُعنَى بهم ويزولا