كبِّـرْ أخي فالمجدُ للرُّوادِ = تُصْغِ القلوبُ لروعةِ الإنشادِ
وادْعُ البريَّةَ يا أخي لشريعةٍ = لم ترضَ بالإفسادِ والإلحادِ
جاءت من الرحمنِ في آياتها = قيمُ السُّمُوِّ وبهجةُ الإرشادِ
كبِّرْ أخي فأذانُنا هذا النِّدا = مازالَ عنوانَ اليقينِ البادي :
بخلودِ دعوتِنا وعزَّة أهلِهــا = رغمِ اعتدادِ الكفرِ بالأضدادِ
وبنجدةِ الباري الكريمِ إذا دعـا = أبناءُ أمتِنا ليومِ جهــادِ
إنَّ الرعونةَ لم تكنْ من طبعِنا = فلسوقِها المذمومِ وجهُ كسادِ
قالوا : الحضارةُ ما أُحَيْلاها وما = أحلى الفنون بليلةِ الميلادِ
وعذوبة الأنغامِ في ليلٍ شدتْ = للحبِّ موسيقا فهـامَ الحادي !
وأُشيعَ مافي الحفلِ من دنسِ الهوى = ومن الفجورِ وكثرةِ الأعدادِ !
ولقد نسوا ما خبَّأتْ من شرِّها = هذي الحضارةُ في يـدِ الأوغادِ !
نُذُرُ الدمارِ وأهلُهـا الأشرارُ في = ظلماتِ غَيٍّ أو فحيحِ رمـادِ
وهو الجنونُ تملَّكتُ خطراتُه = تلك العقولَ بخسَّةٍ وعنـادِ
ونسوا فخارَ نفوسِهم لِعَمَى الحِجى = من سوءِ ماجلبوا من الأحقادِ
والناس في صخبٍ كأنَّ جموعَهم = ستُساقُ قبلَ الحشرِ للميعادِ
تبًّـا لِمَن خانُوا أمانةَ ربِّهم = لمَّـا حَبَاهُـم بالهـدى المتهادي
وتسابقوا لكنْ لكلِّ جريمةٍ = بين الشعوبِ تَفتُّ في الأكبادِ
ولووا مقاصدَهم لكلِّ رذيلةٍ = جافتْ وليسَ لأفضلِ الإرفادِ
ولغيهبِ المجهولِ مازالوا على = جرفٍ لهم ينهارُ فوقَ عبادِ
هاهم على لحن التَّفاهاتِ التي = ألغتْ مزايا الخيرِ والإسعادِ
سئمتْ مسامعُنا لِمـا من غيِّهم = صاغوا هُـراءَ حضارةِ الإفسادِ
ولقد نأوا عن نورِ فطرتهم لذا = تاهوا بظلمةِ ذا التَّبارِ البادي
وَلأنتَ يابنَ الشِّرعةِ الغرَّاءِ في = هذا الزمانِ لَصانعُ الأمجادِ
أنت ابنُ مَن طافوا البريةَ بالهدى = وأتوا روابيها بخيرِ الـزَّادِ
لايُرهبَنَّكَ مالديهم من أذى = يرمونـه بالظلمِ والأحفادِ
أو تفزعَنَّ من السلاحِ تَبَلَّجَتْ = آثارُه بالضَّغطِ فوقَ زنادِ
فمشيئةُ الديَّانِ تطوي مكرَهم = وتردُّ مجرمَهم إلى الأصفادِ
في قبضةِ اللهِ العظيمِ ولم يكنْ = إدبارُهم عن نــورِ حقٍّ آتِ
إلا لموتِ قلوبِهم وبما لهـا = كسبتْ من الأهواءِ سوءُ أيادِ
قـمْ يا أخي قد طالَ ليلُ سُباتِنا = وانهدَّ ركنُ أفاضلِ الأشهادِ
واعلم بأنَّ النومَ في زمنِ اللقا = لَهزيمةٌ ترضي يــدَ الجلاَّدِ
أنتَ المؤملُ للمآثرِ أغُلقتْ = أبوابُهـا ، والشَّرُّ حولَك بــادِ !
أنتَ الذي أوصى النَّبيُّ بفضلِه = بين الورى في آخرِ الآبادِ
تتلو على سمعِ الزمانِ بيانَ مَنْ =أوحى المثاني للنَّبِي العدناني
آياتُه نهجُ الفلاحِ لأمَّـةٍ = أسيافُها مازلْنَ في الأغمادِ
مانامَ والإسلامُ في الدنيا على = جمرِ التآمرِ ، فالعدوُّ ينادي :
لاتسمحوا أبـدًا لدينِ مُحَمَّدٍ = بالعودةِ الأولى لأيِّ بلادِ
فجنودُه أهلُ المروءةِ والفدا = وصفاتُهم في سيرةِ الأجدادِ
فهُمُ الأشاوسُ بايعوا ربَّ السَّما = والعهدُ عهدُ شهادةٍ و جهــادِ
لم يرهبوا أعداءَهم وعتادَهم = و وسائلَ الإرهابِ والإعدادِ
هـم إن أتوا لم يبق منا واحدٌ = من فارسٍ ثَبْتٍ ومن رعَّـادِ
فالقومُ فرسانُ المعامعِ لم يجد = تاريخُنا منهم سوى الآسادِ
أيامُهم بالدِّينِ تشهدُ فضلَهم = وقد ارتدوا من سابغِ الأبرادِ
ساسوا البريةَ بالمتراحُمِ والإخا = والعدلِ في حكمٍ وطيبِ ودادِ
فالظلمُ ولَّى في زمانِ ظهورِهم = وبحبِّهم كلُّ الشعوبِ تنادي
في الحربِ أيَّدهم هناك وربُّهم = ماردَّ سائلَهم بيومِ جلادِ
وبطارفِ الأزمانِ ــ هيمنةٌ لهم = لـم تُنْتَقَصْ رغمَ العدا ــ وتِلادِ
صفعوا الطواغيتَ العتاةَ وأنكروا = ماكان من ظلمٍ لهم و فسادِ
ويحاولُ السفهاءُ طمسَ شريعةٍ = هي في الحقيقةِ ماؤُهم للصَّادي
يفدونها بدمائهم وبكلِّ مـا = مَلَكُوهُ من مالٍ ومن أولادِ
هذي شهادةُ مَن رأى منهم هوىً = لاللفسادِ وطاعةِ الأوغادِ
وأفاضَ عمَّـا قد يجيشُ بصدرِه = من كُـرهِ أنفسِهم لأهلِ الضَّـادِ
ولقد أباح بما الضغائنُ أوقدتْ = نيرانَها باللؤمِ والأنكادِ :
إنَّا تآمرْنا على علمائهم = للقتلِ والإيداعِ في الأصفادِ
لكنْ مُنينا بالتَّبار فحسرةٌ = تغشى ملامحَنا ولفحُ سوادِ
لن يُغلبُوا مهما فعلنا إنَّهم = قـدرُ وربٌّ العرشِ بالمرصادِ
وهنا دعوني أكتبِ الآتي بما = شاهدتُ من قيمٍ وبيضِ أيادِ
إذْ في غـدٍ يرثون دنيانا وقد =وعـدَ النَّبِيُّ كتائبَ الأجنادِ
وسيملأُ الإسلامُ من أنوارِه = هذا المـدى ، والخـزيُ للأوغادِ
ويعيشُ أهلُ الأرضِ في نِعَمٍ وفي = خيرٍ همى باليُمنِ والإسعادِ
مهلا أخي هذي شهادةُ مَن وعى = من زمرةِ الطاغوتِ والحُسَّادِ
وأنا أقولُ لعلَّه قد حثَّه = إيمانُه بحقيقةِ الميعادِ
فالحشرُ بعدَ الموتِ تلك وثيقةٌ = غابتْ عن السفها بوهدةِ وادِ
هذي شهادةُ مَن يعاصرُهم وقد = شاهدْتُ ذاك بأعيني وفؤادي
وَلْيَخْسَأ القومُ الأسافلُ بادروا = بعداوةٍ كانتْ لسوءِ مُــرادِ
وببغيِهم جاؤوا وقلَّةِ وعيِهم = وبوَهْجِ نار الحقدِ في الأكبادِ
آتٍ على العميانِ يومٌ أبلجٌ = ما فيه من غبشٍ ولا استبعادِ
تأبى النفوسُ إذا تبلَّجَ صدقُها = أن تستسيغَ إهانةَ الإخلادِ
فالمُكثُ في وجعِ الذي لايرعوي = للحقِّ سيقَ لمهمه الإبعادِ
لمَّـا يجدْ للنفسِ راحةَ آمنٍ = والنفسُ آذاهـا هوى الإفسادِ
هذا شقيٌّ مجرمٌ وأخوه في = ريبٍ وآخرُ في يــدِ الإلحادِ
أَوَيَنْعمُ الإنسانُ في الدنيا إذا = ضلَّتْ خُطاهُ مدارجَ الأجـوادِ !
آمنتُ باللهِ العظيمِ وإنَّني = متبرئٌ من ربقةِ الأحقادِ
آمنتُ بالإسلامِ دينا للورى = وسِواه لـم يصلحْ مدى الآمادِ
فبه يطيبُ العيشُ في الدنيا لِمَنْ = ضمَّتْهُ من أُمــمٍ ومن أفرادِ
وبه بيومِ الحشرِ منجىً للذي = وافى بتوبتِـه ليومِ تَنادي
وأتاهُ رضوانُ النعيمِ مرحِّبًـا = نعـمَ الدخولُ لجنَّة ومِهادِ
بشرى لجندِ مُحَمَّــدٍ لـم ترتحلْ = نسماتُها رغمَ العنــا الرَّعادِ
نُسِجَتْ لهم حُللُ القبولِ وزُيِّنّتْ = بالصَّالحاتِ قشيبة الأبرادِ
نالوا بصدقِ قلوبِهم وشيًـا زهـا = كالوشيِ إذ يزدانُ في الأعيادِ
مُلِئَتْ صحائفُهُم بطيبِ خصالِهم = للرائحِ اشتاقَ اللقـا والغادي
والنورُ من أُفُقٍ لهم يهفو بما = للنُّورِ من أثـرٍ على الأجـوادِ
فَاطْـوِ الشجونَ ودعْ همومًا أشعلتْ = بالَ التُّقـاةِ لِفِعلةِ الجلاَّدِ
فلقد قضى الديَّانُ في أقدارِه = أنَّ التَّبـارَ لزمرةِ استعبادِ
والنصرُ للإسلامِ هـلَّ هلالُه = بعد انحسارِ مُسَبِّبِ الأنكادِ
ولوى المصابَ يقينُهم فلربِّهم = ما شاءَ من فضلٍ على العُبَّـادِ
أهلِ الصلاةِ وأهلِ ساعاتٍ صَفَتْ = للراكعِ المشتاقِ والسَّجَّـادِ
أهلِ الصيامِ وما أجلَّ مَنِ اتَّقى = ولبارئِ الدنيـا على استعدادِ
ماضـرَّ أهلُ اللهِ إنْ طالَ السُّرَى = وامتدَّ ظلُّ الكربِ في الأبعادِ !
فهُـمُ الذين تجشِّموا أيَّامَهم = بالسَّعيِ لا بالنَّومِ و الإخلادِ
هـم سادةُ الزُّمَرِ التي تأتي إلى = دارِ الخلودِ لجنَّـةِ الميعادِ
ولهم مكانتُهم غـدًا فيها ولم = يُسْتَوْقَفُوا عن موئلِ الإرفادِ
سيضُمُّهُم حـبُّ النَّبيِّ لأنهـم = عاشوا بأشواقٍ له و وِدادِ