يا حاملًا كتب الأحباب من حلب = تراك تعرف ما هيجت من طرب
وما أثرت من الأشواق في دنِف = تریاقه ومضة من تلكم الكتب
عرج أساقيك كأس الشوق مترعة = صيغت من اللاعج المكنون واللهب
لو كنت أعرف ما في البعد من حُرق = لم أهجر الحي رغم الهم والنوب
ولا تركت رؤومًا في مدامعها = أومت إليَّ.. فلا تبعد وتغترب
قامت تودعني والخوف يسكنها = والدمع يخنق منها صوت منتحب
يا رب فلذة كِبْدي لن تضيعَها = وهل يُرَدُّ دعاءُ الأم في الكرب
يا أمُّ ما إن هجرت الحي هجر قِلی = ولا أبيع حنان الأم بالذهب
لكنها عزمات رحت أشفعها = بهمة طاولتها دارة الشهب
إذا نبَتْ بيَ أرض كنت أعشقها = فلا أقيم على هون ولا وصب
(فإن رجعت فربُّ الناس يرجعني) = وإن هلكت فلا تأسَيْ وتنتحبي
قولي: احتسبتك في الرحمن صابرة = ولا مزيد على صبر لمحتسب
* * *=* * *
أنا المعنَّى أجيبي اليوم يا حلبي = هذا فتاك قتيل الشوق والنصب
هذا فتاك عداك الأمس في حلل = يميس فيها كليث الغاب في القصب
فجرعته يد الأيام علقمها = وصار من خطبها في سوء منقلب
إذا انجلت غمرة جاءت مثيلتها = حتى غرقتُ وفي بحر من الرهب
وشلَّني اليأس والهم المقيم معًا = وقد أضعت.. ولولا صحبة النُّجب
من فتية كسحاب المزن فيضِ ندًى = ورفقةٍ كسيوف الهند في الحَلَب
هذا البراءُ شفاء الهمِّ يدفعه = وحيدرُ الخير لا يطوي على كذب
والهاشمي نبيل في مودته =ما شئت من أدب أو شئت من حسب
* * *=* * *
يا فارج الكرب طال الليل منسدلاً = فائذن بترحاله يا فارج الكرب
ضاقت بنا الأرض لا أهل ولا وطن = وبرَّح الشوق نحو الأهل في حلب
تضاعف الهم عن بلوى ومرزأة = وأُفْرِغ الصبر من خطب ومن نوب
وليس إلاك كشافٌ لمحنتنا = وليس دونك من حول ولا سبب
وأعجز القول إلا دعوةً سربَتْ = نحو السماء بلا رد ولا حجب