***
***
***
* أقيم احتفال كبير عام ( 1399هـ ) في إحدى المناسبات التعليمية ، وأُلقيت فيه هذه القصيدة من ضمن فقرات الحفل . وهي موجودة في ديوان ( صدى ... وذكرى ) الذي طبعته ( دار عمار ) ، والذي قدَّم له فضيلة الدكتور الشيخ / محمد عادل الهاشمي ــ يرحمه الله ـــ
حُلُمٌ يثورُ ولستُ بالوسنانِ = فتهزُّني الذكرى على أجفاني
طيفٌ من الوعدِ الكريمِ أهلَّ لي = ماكان من فخرٍ ومن رضوانِ
وكأنني والفجرُ يسكبُ نورَه = في عـالَمٍ رغـم المكارهِ هانِ
وأرى بـه نفسي تهبُّ كريمةً = بين الشِّعابِ الخضرِ من أكفانِ
وأرى شبابَ المسلمين تضمُّهُم = أيدي النهـارِ المشرق المزدانِ
وتقودهم بين الفجاجِ كتائبًا = روحُ الإباءِ وعزمةُ الإيمانِ
قالوا النوازلُ دلهمتْ في أفقِنا = والريحُ تعصفُ بالهدى الرَّباني
والكفرُ أطبقَ ليس يوقفُ مــدَّه = ديـنٌ مضى من سالفِ الأزمانِ !!
أوما ترى الإسلامَ يُذبحُ عنوةً = (من غيرِ مـا نبا ولا إعـلانِ )
ويكبلُ الأبرارَ قيدٌ حاقدٌ = والسوط يلهبُ ساحةَ الأبدانِ
ويُقَتَّلُون بزيفِ ألفِ قضيةٍ = وتُلَفُّ في صمتٍ بكلِّ مكانِ
قلتُ : النَّوازلُ دلهمتْ وَلْيَحْتَرِقْ = ليلُ الخطوبِ بمهجةِ النيرانِ
ما الخطبُ إلا لابتلاءٍ لم يزل = بمشيئةٍ من سُنَّةِ الديَّانِ
وهي النَّذيرُ الحقُ تعصفُ ريحُها = في العالَم المسجورِ بالطغيانِ
وإذا أتى نصرُ الإلهِ فإنَّـه = لابدَّ قبلَ النصرِ من غليانِ
فاليوم تسري في القلوبِ بطولةٌ = ليُعيدَ فجرَ الفتحِ صوتُ أذانِ
فلقد كفى أجيالَنا تغضي على = قهرٍ مريرٍ قاتلٍ وهـوانِ
ويــدُ الغزاةِ تمزِّقُ الآمالَ . = . بالحقدِ الدفينِ ومُديةِ الكفرانِ
ومضى الرعاديدُ الأذلةُ مـا انثنوا = عن سيرِ باطلِهم ورا الذؤبانِ
ما حرَّرَ الأقصى السجينَ معربدٌ = أو قامَ للجُلَّى أخـو خسرانِ
والقدسُ خضَّبَ أرضَها جُرحُ العلا = فغدتْ حديثا راق للركبانِ
والمؤمنون بربهم وبدينهم = وجهادِ حــقٍّ دونها وتفانِ
ظمئتْ صدورُهُمُ فهل من صرخةٍ = تشفي غليلَ المسلمِ الحرَّانِ
وتجاوبتْ لله أفئدةٌ على = خفقِ اللواءِ الطاهرِ المزدانِ
هذي كتائبنا أتتْ من أمَّــةٍ = تأبى هـوان الآثمِ الخـوَّانِ
وتدافعتْ للموتِ لا لخضوعه = وعلا مع التكبيرِ كلُّ لسانِ
بالحق بالإسلامِ يأتي فجرُنا = وبـه الخلاصُ بهمَّةِ الفرسانِ
وتعودُ للأقصى على وهجِ القنا = راياتُنا ميَّاسةَ الخفقانِ
( بدر الجنوبِ ) وهذه ألحانُنا = في مهرجان العلمِ والعرفانِ
باقاتُ شوقٍ نمنمتْ فوَّاحَها = روحُ الإخاءِ ونفحةُ الإيمانِ
وتحيةٌ يُزجَى إليك عبيرُها = ماطابَ للإخوانِ من إخوانِ
جئنا نحيِّي كلَّ قلبٍ مخلصٍ = متسلحٍ بطهارةِ الوجدانِ
في واحة خضراءَ بين شوامخ = تُنمَى مرابعُهـا إلى نجران
كانت قِفارًا لااخضرار يزينُها = لاعلمَ بين شبابِهـا الظمآنِ
فربَتْ بها الوديانُ بعدَ يبابهـا = وتماوجتْ بالزرعِ والألوانِ
والعلمُ أجملُ حُلَّةٍ إنْ توَّجتْ = صدرَ الشعابِ تردُّهـا لِجِنانِ
جئنا نغذُّ السيرَ يحدونا الرجا = ويهزنا الأملُ الوريفُ الهاني
تهفو قوافينا كأنسامِ الصَّبا = ريَّـانةً بالحبِّ والتحنانِ
لترفَّ في البيداءِ عابقة الشَّذا = بجنى النخيلِ الباسقِ الريَّانِ
أيام لم تعرف سجلاتُ العلى = إلا كتابَ مفاخرِ الشجعانِ
يملي عليها من أحاديث الهدى = فيروقُ طيبُ الذكرِ للآذانِ
هذي طيوفٌ أرَّقتْ أجفانَنا = حُلُمُ المنة ســاهٍ على الأجفانِ
ترنو إليه عزيمةٌ وثَّابةٌ =في السَّعيِ إسلاميةُ الخفقانِ
يا أيُّها الماضي : حنانك إننا = نشتاقُ وجهَ قشيبِك الريَّانِ
ونراك تخفقُ بالسيوفِ بعصرِنا = وصهيل خيلِ السادة الفرسانِ
نلقاك نحن اليوم ننتظرُ النِّـدا = ولعله أضحى قريبا دانِ
فتلهبي بدمائنا وتوهجي = بصدورِنا كالبأسِ كالنيرانِ
نادي القلوبَ من الظلامِ فإنَّهـا = ملَّتْ حياةَ الوهْنِ والإذعانِ
هذي البراعم في ثنايا روحها = مستقبلٌ نضرٌ عزيزٌ هــانِ
ما لاحَ لي طقلٌ يخطُ بَنانُه = سطرًا تعلمه على الملوانِ
إلا رأيتُ ربيعَ أمتِنا زهــا = وتدلَّتِ الأثمارُ في الأغصانِ
وهو الشبابُ إذا تسلح بالهدى = زنما على الإيمانِ والإحسانِ
وتشبعتْ فيه الحنايا بالتُّقى = ورأى جلالَ اللهِ في الأكوانِ
سيقودُ أمتَه غدًا شطرَ المنى = ويقيلُ عثرتَها من الميدانِ
فاستبشري يا أرضُ بالخيرِ الذي = يغشى الفيافي عاطر الأردانِ
وتهللي شوقا وتيهي فرحةً = بالعلمِ يفرشُ كلَّ أُفْقٍ رانِ
فالعلمُ مفتاحُ الحضارةِ ، والتُّقى = بابُ الهناءِ وعزةُ الإنسانِ
والعلم ينسجُ للشعوبِ تقدُّمًـا = إنْ سارَ بين حدائقِ القرآنِ
في البيتِ في الحقل الجميل بكل ما = عمرتْ يــدُ الإنسانِ في الأزمانِ
هذي الشعابُ اخضوضرتْ عدواتُها = وتنفستْ بالروح والريحانِ
وتماوجت أزهارُها بيدِ الرضـا = فـوَّاحة في أجملِ الوديانِ
وسرى الهدى بالعلمُ في أرجائها = تحيي مآثرُه جليلَ معانِ
فعساهُمُ بهمـا يعيدون الفخارَ . = . بهمَّةٍ وتفاؤلٍ وتفانِ
أكبرتُ آمالَ الشعوبِ يشدُّها = صدقُ الشبابِ وعزمه الريَّانِ
واللهِ إنْ هبَّتْ لهـا أرواحُنا = يومَ النفيرِ تموجُ كالبركانِ
للعصرِ عصرِ المسلمين وإنَّه = آتٍ برغـمِ ضراوةِ الطغيانِ
يابدرُ . ياصحراءُ . يادنيا جَفَتْ = إلا مباهجَ منهجِ الفرقانِ
هي لهفةٌ تجري بطياتِ السَّنا = في مهجة الغلسِ البغيض الجاني
فوري هُدًى ، وتألقي قبسًا فقد = طالَ الهجوعُ ولــجَّ بالشُّبَّانِ
واسقي القلوبَ من الشريعةِ وانظمي = بالعـزِّ صدرَ شبابِك الفينانِ
حبَّاتُ رملِك ياصحارى لم تزل = فـوَّاحةً أبدا على الأكوانِ
سارت عليها أمَّـةٌ مختارةٌ = فَرَبَا لديها باسقُ الأفنانِ
وسعتْ تنيرُ العالمين بهديِهـا = وتقودُ دعوتُهـا بني الإنسانِ
كانت صحارى والظلامُ يسومُها = بالجهلِ والبغضاءِ والشنآنِ
فأتى رسولُ اللهِ يحملُ نـورَه = جبريلُ بالآياتِ والتِّبيانِ
يهدي به الناسَ الذين تعبَّدوا = للمالِ والشهواتِ والأوثانِ
فاستعذبَ الأبرارُ صوتَ مُحَمَّــدٍ = وتواثبوا للعــزِّ بعدَ هـوانِ
وسعى الشبابُ شبابُ ذيَّاك الهدى = بكتائب الأنصارِ والشجعانِ
ماقادها بغيٌ ولا ظلمٌ ولم = يشهد عليهـا الدهرُ بالعدوانِ
قـد أنقذتْ أممًــا تولاهـا العمى = ورمى بها الطاغوتُ للخسرانِ
وحمتْ شعوبَ الأرضِ في أيامهـا = من قهرِ طاغيةٍ وغـدرِ جبانِ
فإذا الصحارى دفقةٌ قدسية = كالنورِ سلسله هدى الرحمنِ
وإذا القبائلُ في الحزيرةِ قـوَّةٌ = من خيرة الأفذاذِ والفرسانِ
دكَّتْ حصونا كالجبال وزلزلت = للفرس تيجانا وللرومانِ
وتحررت تلك الشعوبُ وأقبلت = تهفو لدين اللهِ في إيقانِ
كانت سرايا أمــةٍ بنَّـاءَةٍ = لـم تألُ جهدًا للنهوضِ الباني
واليوم ! يايومَ انبعاثٍ مُرتَجَى = أشرقْ بصبحٍ فائحٍ هتَّـانِ