هوامش :
(1)ســمل : سمل الحوض أو نحوه : نقَّاهُ ، نَظَّفَهُ .
(2)حمحم : صات صوتا دون العالي ، صهل صهيلا خافتا .
(3) صوَّحت : يبستْ ، تشققتْ .
(4) نكل : نكص على عقبيه ، انصرف عن الحق .
(5) الخول : عطية الله من النعم .
(6) سَفَتْ : سفت الرّيح التّراب: نثَرتْهُ وذرَتْهُ .
(7) انفتل : التوى ، انصرف ، وفي الطب معنى انفتل : هو التواء يصيب المعي فيؤدي إلى انغلاقه .
(8) الدغل : عيب في الأمر يفسده .
لم يزلْ في الأرضِ خيرٌ لـم يزلْ = طالما المسلمُ فيهـا لم يَمَلْ
والعناوينُ التي تقلقُـه = في خفاياها المآسي والعللْ
فضحَتْ زينتَها فطرتُـه = فاضمحلَّتْ ومحيَّاها أفَلْ
لم يزلْ في الدينِ خيرٌ نبعُه = بيديه فاضَ يروي مَن نَهَلْ
فعلى العينِ ضياءٌ مشرقٌ = نَبَوِيٌّ جفنُهـا منه اكتحلْ
نفتدي بالروحِ أسمى دعوةٍ = ونوالي مَن على الشَّرعِ نزلْ
فلهـا تشدو قوافينا وإنْ = قيَّدَ البغيُ أيادينا وغـلْ
سلسلتْها نبضةُ القلبِ الذي = لفيوضاتِ المثاني ما جَهـلْ
كم أتى بالخيرِ في دنياهُــمُ = دينُ ربي وعلى البِـرِّ اشتملْ
وسقاهم من ينابيعِ المنى = وأقامَ الحـقَّ فيهم وعدَلْ
فمعاني الخيرِ فيهِ ثــرَّةٌ = وبه السَّعدُ تباهى و اكتملْ
فانهضوا بالشَّرعِ كي تنتصروا = وامقتُوا الزيفَ المحلَّى بالخطلْ
أنتمُ الأعلَونَ إنْ عشتُم على = منهجِ الرحمنِ في الدينِ الأجلْ
* * *=* * *
آهِ يا أمتنا لاتستسلمي = مجدُكِ المشهودُ أرساهُ الأُوَلْ
رغم كومِ اليأسِ بالبلوى على = صدرِك الواهنِ يجثو مـا رحلْ
ومُــدى الأضغانِ يا أُمَّتنا = تملأُ الأرضَ جراحًـا و وَجَلْ
ألمحُ الفتحَ وفي قبضتِه = قبسُ الصحوةِ للشكوى سَمَلْ (1)
ليس فينا مَن لوى همَّتَه = أو تمطَّى فوقَ أبعادِ الكسلْ
فَلْنَقُمْ للهِ جندًا وَلْيَكُنْ = يا أخي مسلمُنا فيهـا البطلْ
أُّيُّهـا الشَّرُّ الذي حاصرَنا = لن ترى فينا الذي هـانَ وَكَلْ
نحن بالإسلامِ قد أكرمَنا = ربُّنا الأعلى ، فباللهِ الأملْ
هاهو الإسلامُ قد أعجزَهم = رغمَ مايملكُ من بأسٍ هُبَلْ
جولةُ الباطلِ مهما استأسدتْ = أو عَلَتْ : قانونُها الأعمى فشلْ
نحنُ لانخشى على الناسِ إذا = أرجعَ النورُ عليهم مـا أفَلْ
إنَّما نخشى عليهم ظلمةً =سادَ فيها الظُّلمُ والغيُّ اشتعلْ
إنما نخشى عليهم مِلَلاً = شربَ الكفرُ عليها وأكَلْ
وانقلابُ الأمرِ في سحنتِها = وهـواها بالغواياتِ اتصَلْ
حَكَمَ الباغي بهـا عالَمَنَـا = وتمادى قاتلا أنَّـى وَصَلْ
* * *=* * *
أَوَيُحْيِى الناسُ في صمتِ الأسى = ويُوالون الشَّقاءَ المُفْتَعَلْ !
أين في أمتِنا فارسُها ؟ = أين فرسانُ علاهـا ، والأُولْ ؟
ما رأينا واحدًا منهم على = صهوةِ المجدِ تراءى و فَعَلْ !
والسُّيوفُ المرهفاتُ ارتحلتْ = خلفَ مَن ماتَ أبيًّـا أو رحلْ !
أرأيتَ اليومَ منهم فارسًا = ركبَ الخيلَ وللسيفِ صَقَلْ ؟!
أو أتى أُذْنيك من رجعِ الصَّدى = فرسٌ حمحم فيه وصهلْ ! (2)
نسمةٌ تحيي قلوبا صوَّحتْ = من رذاذٍ ــ ماعدمنا ــ أو بللْ (3)
جـدَّ بالدِّينِ إليها ركبُنا = بيقينٍ ليس يفنى وعَمَلْ
ولـوعدِ الله في قرآنِــه = سوف نجني من أذى الشوكِ العسَلْ
ونرى الإسلامَ في دنياهُمُ = قـوةً ضاربةً منذ الأزلْ
ما اليهوديةُ إلا غبشٌ = فوقَ جَفْني مَن عنِ الحقِ نَكَلْ (4)
والنصارى حرَّفوا شرعتَهم = بِيَدَيْ مَن لا إلى الله ابتهلْ
مالقومي استدبروا من أمرهم = ما رأوْهُ حُجَّــةً لايُحتَمَلْ !
وغفتْ أعيُنُهم عن حقِّهم = فتمادى الغاصبُ الوغدُ النَّذلْ
وإذا الذُّلُّ جرى في جسدٍ = لـم تُجِـرْهُ من تردِّيهِ الحيلْ
* * *=* * *
نفـذَ الكفرُ إلى أقلامِنا = فَتَثَنَّتْ بالمخازي والدَّجلْ !
في نشازٍ وامتهانٍ وَعَمى = ونكوصٍ وخـواءٍ مبتَذَلْ
وأتى الزيفُ إلى إعلامِنا = فَتَنَزَّى بفسادٍ وامتثلْ
وطمى التغريبُ موجًا هائجا = لـم يـدعْ من مسلكٍ إلا دخَلْ
وإذا العالَـمُ يلوي هـامَه = لُكَعٌ أو ذو شذوذٍ أو خبلْ
أَوَيَمْضي للنهاياتِ بــه = فلقد صادرَ مـا الخيرُ حَمَلْ
ولقد أطعمَ من أجسادِنا = أيَّ شِدقٍ ، وَلَكَمْ منَّـا قَتَلْ
ويـحَ قومي ماعراهـم فارتضوا = بثيابِ الذُّلِّ من سوقِ الحُللْ !
فمتى يصحون من سكرتهم ؟ = ليروا موقعَهم أخزى محلْ !
من عــلٍ قـد سقطوا في غيهبٍ = أتراهم يدفعون العارَ هــلْ ؟!
خابَ مَن أضرمَ في الأرضِ اللظى = وأتى بالشَّرِّ يحثو والخللْ
مشمخرًا قادَه الكِبرُ إلى = كلِّ زيغٍ وضلالٍ و زلَلْ
والحضاراتُ جناهـا طيِّبٌ = مغدقٌ تهوى مُحيَّاهُ المقلْ
فإذا بالسَّمِّ دافتْ دمَهـا = لم تكنْ غيرَ وباءٍ وعللْ
ولدينا ولديهم رُكِلَتْ = والحضاراتُ لشِّرٍّ تُرتَكَلْ
فَلْيَرَوْا مـا في هُـدى شرعتِنا = من إخاءٍ ونعيمٍ لايُمَلْ
* * *=* * *
وانطلقنا نرصدُ الشَّرَّ على = كلِّ وجــهٍ لاحَ بالشَّرِّ و حَلْ
فلنا في كلِّ ثغرٍ فارسٌ = ماتوانى أو تولاهُ الكَلَلْ
رغمَ كلِّ الصُّحُفِ الأخرى التي = تسترُ الشَّرَّ وتغتالُ المُثُلْ
صوتُنا الأعلى ألا تسمعه = هـو بالإسلامِ دوَّى واسْتَهَلْ
ما تثاقلنا على فانيةٍ = إنَّمـا الرأسُ على هــمٍّ ثَقلْ
فانتبذنا خلفَ كثبانِ الدجى = واتَّخذْناها عن الفجرِ بَدَلْ
مالنا نغضضُ عنهُ طرفَنا = ونجافي ما أتانا من خَوَلْ ؟!(5)
أَسَفَتْ جذلَ العلى عولمةٌ = جــدَّ في أسواقِهـا بيعُ المللْ (6)
أم تراختْ هـممٌ دون الهدى = فترى خطوَ علانا ما انتقلْ !
أيُّها الناسُ الذين استسلموا = جرحُكم ياقوم دامٍ ما اندملْ
ومآقيكم وقـد قرَّحهـا = خطرُ الرُّعبِ : سهادًا و وَجَلْ
لـن تنالوا أمنَ دنياكم سوى = بمثاني الفخرِ في حقلِ العملْ
أينَ روحُ المجدِ في أمتِكُمْ = أتوارى ! أم تهاوى ! أم خُذِلْ !
فدعونا كالنِّسا نبــكِ لهـا = أو على دعوتنا فالخطبُ جـلْ
آهِ من حالِك يا أمَّتَنَا = مارأينا حـالَك الشاكي اعتدَلْ
ماوجدْناكِ سوى مقتولةٍ = بِيَدَيْ مَنْ عاثَ كفرًا و خَذَلْ
ولمسناكِ دمًـا في فأسِه = أمَّـةً مقهورةً تشكو الثَّكَلْ
ماعرفناكِ سوى منهوبةٍ = بأيادي مَـنْ تَجَنَّى و ارْتَجَلْ
فمتى تستيقظُ النَّخوةُ في = قلبِك المَيْتِ الذي عنها غَفَلْ ؟
بل متى تستمعُ الدنيا إلى = صرخـةَ التكبيرِ من أعلى جَبَلْ !
ربما أقعدنا بأسُ العـدا = أو تخوَّفْنا عصاهُ و الأجلْ !
فاندرجنا عبثًا في وهمِنا = وتناسينا لِوَهْنٍ مـا فعلْ
إنما اليوم الذي تُؤثرُه = أنفُسُ الأبرارِ بالخيرِ اكتملْ
صحوةٌ تُخرسُ تفسيراتِهم = ببيانٍ لـم يكن بالمرتجلْ
واشرأبَّتْ للسَّنا آماقُنا = وإذِ الليلُ عن الأفقِ ارتحلْ
وإذِ القرآنُ فيه نورُه = يملأ الدنيا وبالآلاءِ هَــلْ
فاشمخي واستبشري أُمَّتَنا = إنه الفتحُ أتى والبِشْرُ طَـلْ
* * *=* * *
وجهُنا حُــرٌّ فلم يسجدْ سوى = للذي أبعدَ خَلْقًا أو وصلْ
والدروبُ البيضُ لـم تبصرْ بها = غيرَ لألاءِ أمانينا المقلْ
ما تراخينا وقد طالَ السُّرى = وستبقى ترقبُ العينُ الأملْ
إذ توخَّيْنَا على مشوارِه = قيمَ الإسلامِ تُرضى بالعملْ
وسنبقى في سنا الفجرِ يــدًا = تصفعُ الظلمَ وما قـد يُحْتَمَلْ
نرفضُ الذُّلَّ ومَن يجلبُه = باحتفاءاتٍ يُغَذِّيها الدجلْ
حقنُا في أرضِنا في عيشِنا = حقُّنا المعلومُ ما بين الدولْ
حقُّنا في شرعةٍ ننشرُها = بين خلقِ اللهِ ما فيهـا دخلْ
لـم نَبِعْ أرضًا ولم نلعبْ على = حبلِ صهيون الذي اليومَ انفتلْ (7)
أو تعللنا بما في يدهم = من حديدٍ قد تلظَّى أو حِيَلْ !
ربُّنا الديَّانُ قد حذَّرنا = من نصارى ويهودٍ ونِحَلْ
وسنبقى مثلما شاءَ الذي = بـرأ الخلْقَ وما شاءَ فَعَلْ
لانرى غيرَ المثاني سببا = لبلوغ النصرِ لا رصفِ الجُمَلْ
وبرغمِ الكربِ يا أُمَّتَنَـا = أنتَ لا تَبْتَئِسِي ممَّـا حَصَلْ
جرحُك الدَّامي : نداءٌ صارخٌ = في ضميرِ الناسِ للأمرِ الجلَلْ
ليس فيه من هُـراءٍ عابثٍ = أو تمطَّى في معانيه الدَّغَلْ (8)
أُمَّـتي فاستبشري : زلزالُه = ليس يُبْقي مَنْ لدنياهُ اشتغلْ