وتبشرُ الدنيا وأهلَ زمانِهـا = أنَّ الإخـاءَ رسالةُ العصماءِ
فيها التراحُمُ والتكافلُ والنَّدى = ومآثرُ الأخلاقِ والرحماءِ
اليوم يومُ الفصلِ للأحياءِ = في غمرةِ الشِّدَّاتِ والبأساءِ
والله يقضي لامَـرَدَّ لحكمِه = فَلْيَدْرِ أهلُ الفتنةِ العمياءِ
يستدركون من العلى مافاتهم = ولهـم به شيءٌ من السيماءِ
أَوَيُدرَكُ المجـدُ المنيفُ بـلا يـدٍ = تبني مدارجَـه بلا استرخاءِ !
ويشيدُ بالإسلامِ أركانا لـه = إذْ باتَ منهدمًـا على الغبراءِ
هيهاتَ يزهو المجدُ في قِممٍ لـه = إلا بوُثقَى منهجِ الحنفاءِ
فابـدأْ كما بـدأ الأوائلُ بالتُّقى = وبنبـذِ ما للنفسِ من أهـواءِ
واشْحنْ فؤادَك بالمثاني دائمًـأ= فبها المنى والسُّنَّةِ الغراءِ
والَّلهِ لن تلقَى المكانةَ أُمَّـةٌ = هجرتْ كتابَ اللهِ في الآناءِ
إنْ تنصرِ المولى فناصرُها الذي = قـد أهلكَ الفرعونَ في الدأماءِ
ولئنْ جفتْ هَدْيَ الحبيبِ مُحَمَّـدٍ = فمـآلُهـا لمذلَّــةٍ وشقاءِ
وعدوُّهـا مازالَ يعلمُ أنها = بالدِّينِ لو عادتْ وبالفضلاءِ
وبعـزَّةِ الإسلامِ جحفلُهـا أتى = لرأيتَ صبحَ الفتحِ في الأرجاءِ
أنا لـم أزلْ واللهِ منتظرًا لهـا = يومًا تزيلُ معاقلَ السفهـاءِ
وتعيدُ رايـةَ مجدِهـا خفَّاقةً = رغـمَ اعتدادِ الفرسِ والغوغاءِ
والرومِ أهلِ البغيِ من زمن مضى = وبقيةِ الشُّذَّاذِ والأعــداءِ
وهي السعادةُ للشعوبِ ولم تكنْ = إلا لدفعِ الظلمِ والغلواءِ
أما الأبالسةُ العتاةُ بعالَمٍ = ساموهُ رغـمَ الخيرِ بالإيذاءِ
يتآمرون على العبادِ بخسةٍ = معجونةٍ بالمكرِ والخيلاءِ
وبكلِّ ما يعرو القلوبَ من الأذى = كالبغيِ والعدوانِ واللأواءِ
وبكلِّ عسفٍ من حديثٍ مُزْبدٍ = بالشَّرِ ــ في الإعلامِ ــ والبأساءِ
وترى السفاهةَ والتَّجني عنوةً = من غيرِ ما للناسِ من إيواءِ
هذا بيانُ المرجفين حقيقةً = من غيرِ ما ريبٍ ولا استعلاءِ
فالشَّرُّ والأشرارُ في حَرْقِ الهدى = قد أضرماها باليدِ العسراءِ
لكنَّ كيدَ المجرمين يردُّه = سِرُّ جرى للعروةِ الزهـراءِ
تبقى الشريعةُ في ضميرِ وجودِنا = والكفرُ والإلحادُ قيدُ هبــاءِ
هلكتْ شعوبٌ إذ تعالى كِبرُها = ومضتْ لنارِ جهنم الحمراءِ
أرأيتَ فرعونَ الذي نالَ الجـزا = وبمصر باتَ مكبلَ الأعضاءِ
أين التجبرُ والتَّعالي ؟ أغربا = والمجرمُ الأفاكُ للإفناءِ
ويُساقُ يومَ الحشرِ معْ غوغائه = للنارِ ياللهولِ في البلواءِ
آهٍ هي الدنيا يمرُّ زمانُها = مثل السرابِ فبئسَ للإغـواءِ
عبدوا زخارفَها وبهرجَ ظلِّها = إذْ فوجِئوا بالنكبةِ الخرساءِ !
الموتُ والقبرُ الذي لم يسألوا = عمَّـا به من فتنةٍ وبــلاءِ
والموتُ والسكراتُ والهولُ الذي = ماكان في خلدٍ ولا إيماءِ
قد فوجئوا واللهُ أنذرَ خلقَه = بمصير أهلِ الكفرِ والسفهاءِ
وغـدًا أيا أهلَ الضلالةِ نلتقي = وستعلمون مكانةَ السعداءِ
وترون ما للكفر في دار البقـا = ومآلَ أهلِ الشرعةِ الأكفاءِ