( في الذكرى السنويَّة على مجزرة " كفر قاسم " )
الحقُّ يُؤخذُ لا يَضِيعُ هَبَاءَ=والفجرُ يَسطعُ يطرُدُ الظلمَاءَ
هذي بلادي فجرُنا ومآلنا=وَجَنانُ شعبي لم يزلْ مِعطاءَ
وترابُ أرضي من نجيعي مُخْصِبٌ=تبقى الرُّبوعُ ندِيَّة ً خضراءَ
زيتوننا صَانَ العُهودَ ولم يزلْ=رمزَ الإباءِ تشَبُّثا وبقاءَ
ما للمنازلِ والمَلاعبِ قد غدَتْ=من أهلنا قفرًا هُنا وخَلاءَ
واللاجئوُنَ على المَواجعِ والطوَى= تخذ ُوا الخيامَ منازلا وَغِطاءَ
وَمَضَتْ سُنونٌ بعدَ عامِ شَتاتِنا=نُسْقىَ اللَّظى ...أنَّى َنرُومُ عَزَاءَ
يا كفرَ قاسم أنتِ عُنوانُ الفدَا=ودمُ البراءةِ لم يزلْ وَضَّاءَ
أهلوُكِ صرحٌ للمكارم ِ والعُلا=وبنُوكِ كانوا النخبة َ النُّجَباءَ
ما زالَ "شِدْمِي" قرشهُ مُتغطرسٌ=كم مثل " شِدْمِي" لا يباعُ حذاءَ
يغتالُ وردَ الطُّهرِ دونَ رَوَادِعٍ=وَيثيرُ في هذي الدُّنى البَغضَاءَ
فالقاتلونَ شهيَّةٌ همجيَّة ٌ=بدم ِ البراءةِ خَضَّبُوا الغبرَاءَ
ومنَ الجَماجم ِ يصنعونَ عُروشَهُمْ= وتوَهَّمُوا قد أصبحُوا عُظماءَ
يا " كفرَ قاسم" فانظري لصمودِنا= وهتافنا مَلأ الدُّنى أصْدَاءَ
تيهي على الدُّنيا فخارًا واعلمي=ما ضاعَ هَدْرًا ما بَذلتِ سَخَاءَ
يا روضةً تهبُ الأزاهرَ والنَّدَى=سَيظلُّ فيضُكِ ديمة ً مِعطاءَ
فيك ِالحَجيجُ وأنتِ قبلة ُ شعبنا= كنتَ المنارةَ ..كم رفعتِ لِوَاءَ
خمسونَ لحنا ًفي ثراكِ مُضَرَّجٌ= والوردُ أضحَى عَوْسَجًا ودِماءَ
خمسونَ بدرًا كم ْ أضاؤُوا أفقنا= خاضُوا الفِدَا.. َنهَلوُا الرَّدَى شرفاءَ
خمسونَ لحنا ً غُيِّبَتْ تحت الثَّرى= فبكىَ الأحبَّة ُ أدمعًا خرساءَ
كم من نساءٍ أو شُيوخ ٍ عُزَّلٍ= وبراعم عاشُوا هنا سُعدَاءَ
عادُوا منَ العملِ الدَّؤوبِ وَكدْحِهِمْ= فاستقبلوا الطُّغيانَ والدُّخلاءَ
قد أمطرُوهُمْ نارَ حقدٍ أرْعَن ٍ=فرَصاصُ جُندِ الغدْرِ جاءَ خَفاءَ
حَصَدُوا الأحبَّة َكالسَّنابلِ في الحقو=ل ِ...نجيعُهُمْ صَبَغَ الرُّبى حنَّاءَ
حَصَدُوا البراءة َ والطفولة ويحهُمْ=جعلوا النُّجُودَ مآتمًا وبكاءَ
هذي دماؤُهُمُ لمسكٌ أذفرٌ=وتضوَّعَتْ مِلْءَ الزَّمانِ شَذاءَ
وقبورُهُمْ تروى بفيض دموعِنا=قبلَ الغمَائمِ أنْ تبلَّ ثراءَ
أضحَتْ مزارًا كالحجيج ِ لأهلِنا=نحنوُ عليها ... نُزهِقُ الحَوْبَاءَ
يا "كفرَ قاسم" والكفاحُ طريقنا=خُضتِ الكرامة َ سُؤدُدًا وردَاءَ
كنتِ الطليعة َ... بل ضحيَّة َغدرهِمْ=وصُمودُكِ العَلنيُّ كانَ عَناءَ
وتوَهَّمَ المُحتلُّ سوفَ يُخيفنا=برَصاصِهِ ونُهاجرُ الأحياءَ
نبقي لهُ الأرضَ الطَّهُورَ وخصبها=خلفَ الحُدودِ سننتهي غربَاءَ
لكنَّنا مُتشبِّثونَ بأرضِنا ...=من كفرِ قاسم هَدْيُنا قد جاءَ
هذي البلادُ بلادُنا ونعيمُنا=هيهاتَ نتركُ جنَّة ً غنَّاءَ
وتآمرَ الطغيانُ ضدَّ عُروبتي=مِصرُ الكنانةِ تكشفُ الأنباءَ
ولأجل ِ تأميمِ القناةِ تكالبُوا=مُستعمرونَ أتوا هُنا جبناءَ
عُدوانهُم في مصرَ كانَ مُبَرْمَجًا= فالغاصِبونَ تحالفوا شركاءَ
في "بور سعيد "هَبَّ شعبٌ صامدٌ= بركانُ مصر زلزلَ الحُلفاءَ
عادَ الغزاة ُ بخزيهِم وبعارهمْ=أطماعُهُمْ أضحَتْ هناكَ خوَاءَ
" وجمالُ " قائِدُنا يظلُّ مُخلَّدًا=والغارُ كلَّلَ هامَة ً شمَّاءَ
يا كفرَ قاسم أنتِ عنوانُ الِفدَا=منكِ انتظرنا غلَّة ً حَمراءَ
أخفوا الجريمة َكي تظلَّ دماؤُنا=هَدْرًا ترَاقُ ، وننحني ضعفاءَ
لكنَّ شعبي رغمَ كلِّ تآمر ٍ=كسَرَ القيودَ وطاولَ الجوزاءَ
قد هبَّ من وسط ِالرَّمادِ كماردٍ=بشُموخِهِ قد طاولَ العَنقاءَ
وأطلَّ من ليلِ المنافي فجرُهُ=ومنَ الخيامِ لكم أطالَ نِدَاءَ
تيهي افتخارًا يا فلسطينَ المُنى=وتألَّقي فوقَ الوجودِ سَناءَ
أنا مُنشدُ الأحرار صوتُ كفاحِهمْ= وأرى التَّحرُّرَ مطمَعًا وهَناءَ
ودمُ العروبة ِ فيَّ يصرخُ هادرًا= أنْ لا نساوم ... فانبذ ُوا العُمَلاءَ
نحنُ العروبة ُ فجرُها ونشيدُها= خُضنا التحرُّرَ وثبة ً وفداءَ
وبنا النِّضالُ يهزُّ كلَّ مسامع ٍ..=فقنا الشُّعوبَ بسَالة ً ومَضاءَ
وبنا طريقُ الحقِّ أضحى مشرقاً=بمسيرنا لم نحفلِ الكأدَاءَ
شعبي الذي بهرَالدُّنى بصمودِهِ=صَنعَ المُحَالَ وبَدَّلَ الأجواءَ
شعبي الذي هَزَّ العوالمَ عزمُهُ=لن يستكينَ سيسحقُ الأعداءَ
قالوا : السَّلامُ مآلنا وملاذ ُنا=وبهِ نُحَقِّقُ مُبْتغًى ورَجَاءَ
لكنَّ سِلمًا جاءَ دونَ كرامةٍ=وبهِ المهانة ُ لن يكونَ غناءَ
ما زالَ شعبي في المنافي لاجئا=يشكو المذلَّة َ غربة ً وشقاءَ
لا كانَ سلمًا فيهِ يبقى نصفهُ=شطرًا يئنُّ مشرَّدًا مشرَّدًا مُسْتاءَ
فالشَّطرُ باق ٍ في العذابِ مُخيِّمٌ=والعالمُ الوسنانُ زادَ عُوَاءَ
وعَدوهُ .. يرجعُ كم كلام ٍكاذبٍ=شابَ الزَّمانُ ومزَّقَ الإصغاءَ
سيعودُ حتمًا رغمَ كيدِ وعيدِهمْ=ويبدِّدُ الأهوالَ والأنواءَ
وَيُحَقِّقُ الحلمَ الجميلَ بهمَّةٍ=والفجرُ يبسمُ ينشرُ الأضواءَ
سيعودُ للأرض ِالتي حضنتْ رُفا=تَ جُدودِهِ وسيجمعُ الأشلاءَ
سَيعودِ للحقل ِ الوديع ِ... لسهلهِ =ولنبعِهِ ... للسفح ِ زادَ عَناءَ
ويُشَيِّدُ الصَّرحَ المُهَدَّمَ عنوة ً=يختالُ في أرض ِ الجدودِ روَاءَ
طالَ البعادُ عنِ الأحبَّةِ والحِمَى=وعلى الحلولِ لكم نطيلُ ثوَاءَ
المجدُ للشَّعبِ الذي خاضَ الوغى=لا يرهبُ الطغيانَ والأعداءَ
لا يصنعُ التاريخَ غيرُ رجالهِ=لم يحفلوا الأهوالَ والأعباءَ
فهويَّتي الأرضُ التي هيَ أمُّنا=وهويَّتي شعبٌ يموجُ عطاءَ
وهويَّتي تبقى فلسطين الفدا=بترابها كم تحضنُ الشُّهداءَ
يا أمَّتي فيكِ المَآثرُ والعُلا=خُضتِ الخطوبَ معَاركا شَعوَاءَ
وَتُعانقينَ المجدَ من أطرافهِ=وَتُتسَدِّدِينَ الطعنة َ النجلاءَ
نحنُ السَّلامُ شعارُهُ ونشيدُهُ=نحنُ الحمائمُ ... لا نرومُ عداءَ
ولكمْ مَدَدْنَا للسَّلامِ لهم يَدًا=قطعوا الأيادي شَوَّهُوا الأسماءَ
ثمَّ استباحوا كلَّ ما يحلوا لهم=والأرضُ صارتْ أختها الخنساءَ
فانقضَّ في ليلِ المنافي شعبنا=خاضَ الحتوفَ وجلجلَ الأرجاءَ
بَهرَ العوالمَ عزمهُ ونضالهُ=فرضَ الإرادة َ... حقَّقَ الأشياءَ
وأقامَ دولتهُ برُغم ِ مكائدٍ ...=جزءًا يضمُّ بعيدهُ الأجزاءَ
رفعَ البنودَ" بغزَّة " وبكلِّ شبر ٍ=قد تحرَّرَ ... أضرمَ الرَّمضاءَ
والقدسُ موعدنا غدًا ، وبنودُنا=فيها هناكَ تعانقُ الأنحَاءَ
يا كفرَ قاسم أنتِ عنوانُ الفدا=حق ٌّ علينا أن نصوغ َ رثاءَ
شهداؤُكِ الأبرارُ فجرٌ ساطعٌ=يبقونَ في وجدانِنا أحيَاءَ
جُرْحُ الفلسطينيِّ يبقى نازفا=والغربُ يصمتُ خسَّة ً ودَهاءَ
والعالمُ العربيُّ يبقى ساكنا=أنَّى يُقاوم أو يصدّ بَلاءَ
كم من مآس ٍ أرَّقتْ أيَّامَنا=خُضنا الخُطوبَ عَصِيبةً عشواءَ
كلُّ المجازر لم تكلّ نضالنا=نمشي على دربِ اللَّظى عظماءَ
يا كفرَ قاسم والكفاحُ هويَّة ٌ=ونرى الكرامة َ سُؤدُدًا وردَاءَ
كنتِ الطليعة َ بعدَ عامِ تشرُّدٍ=عَلَّمتِ فينا الكهلَ والأبناءَ
إنَّ النضالَ طريقهُ لقويمة ٌ=ودماءُ شعبي لن تضيعَ هَبَاءَ
يا قلعة َ الأحرارِ دومي قبلة ً=للعربِ تسمُو روعة ً وبهاءَ
يا قلعة َ الشُّهداءِ ألفُ تحيَّةٍ=أرْسَيْتِ للجيلِ الجديدِ بناءَ