هوامش :
يُجذمُ : يسرع (1)
برا : المراد بَرَأَ : أي خلق (2)
(3)حسيسها : صوت لهبها
(4)مُجمجَم : غبي ، لايفهم
(5)الخِضرم : الكثير الوافر
(6) إشارة إلى قصيدة : ( بين نسيج البردتين ) وقد نُشرت في هذا الموقع المبارك
(7) الصَّلدم : الفرس الشديدة
(8)فعانيهم : أسيرهم
(9)المِخذم : السيف القاطع
(10) القشعم : النسر
(11)ينهم : يزجر بصلافة
الحبُّ لايخفى هواهٌ ويُكتَمُ = ولسانُ أهلِ الشَّوقِ لا يتلَعْثَمُ
فلمَن هفتْ لجنابِه أرواحُنا = يحلو النشيدُ فشأنُه لايُبْهَمُ
قد سارتِ الركبانُ والقلبُ انْكَوَى = بيدِ النَّوَى يايؤسَه إذْ يُحرَمُ
فازَ الذينَ أتوا مرابعَ أُنسِه = وَبِحَيِّهِ نزلَ الكرامُ وخيَّموا
واستقبلتْهُم في الديارِ نسائمٌ = تحيي القلوبَ وطيبُها لايُصرَمُ
فهي الليالي مقمراتُ والسَّنا = ملأ الدروبَ فيارجالُ تنعَّمُوا
فاحتْ بروضته الطيوبُ فأسعدَتْ = مهجًا بحبِّ نبيِّها تترنمُ
هي روضةُ المحبوبِ لم يَشْقَ الذي = ألقى خُطاه بها وألْوَى يُجْذِمُ (1)
شُغِفَتْ قلوبٌ عِشْقُها لِمُحَمَّدٍ = والعشقُ للهادي المكرَّمِ يَعظُمُ
فهو النَّبيُّ المصطفى والمجتَبَى = وهو الشَّفيعُ إذا العبادُ تزاحموا
فَنَبِيُّنَا فخرٌ لنا لاينقضي = وله المثاني والحديثُ الأقومُ
والمعجزاتُ ترُدُّ كلَّ مكابرٍ = أمَّا العُصاةُ فجُلُّهُم يتوهمُ
طوبى لِمَنْ لبَّى نداءَ نبيِّه = وبربِّه في عيشِه يستعصِمُ
والبشرياتُ لأُمَّةٍ لَمَّا تَجِدْ = غيرَ الحبيبِ لمجدِها يتقدمُ
بفمِ الزمانِ وإنْ تجاهلَ أهلُه = جاءَ النِّداءُ لدينِه فَلْيَعْلَمُوا
هو رحمةُ اللهِ الكريمِ لِمَنْ بَرَا = ونجاتُهم يومَ اللقا إن أسلموا (2)
هامَ الفؤادُ بذلك المغنى وهل = في حبِّ ساكنِه يُلامُ المُغرَمُ !
قلبٌ رماهُ الشَّوقُ بالسَّهمِ الذي = سكنَ الفؤادَ وقد رُمِي يتنعمُ
يطوي مواجعَه وقد طالَ النَّوى = ومن الفراقِ أخو الهوى يتألَمُ
ويكابدُ الحسراتِ ضجَّ حسيسُها = والصدرُ من وَهَجِ التَّلَهُبِ يكتمُ (3)
لم يُصغِ يومًا للذين تبادلوا = أمرًا يُثارُ وعنهُ لَمَّا يَعلًموا
هي صفحةُ الإيمانِ قد مُلِئَتْ هُدًى = وسِواهُ لايُرْضَى ولا هو يُصرَمُ
فحقيقةٌ زهراءُ تملأُ صدرَه = ولعلَّ شانِئَهَا الأثيمَ مُجَمْجَمُ (4)
أمَّا المحبَّةُ فالسَّعادةُ جُلُّها = ولعلَّ عُمْرًا في يديها يُخْتَمُ
سيفوزُ مُشتاقٌ لبدرٍ قد بدا = يلقاهُ بالوجهِ البسيمِ فَيَنْعُمُ
هو ذلك القمرُ المنيرُ بكونِنا = وهو الحَريُّ بخيرِه والمَغْنَمُ
وهو الذي سمَّاه ربُّ العرشِ في = قرآنِه وبه النُّبُوَّةُ تُختَمُ
وهو الحريصُ على العبادِ وكم مشى = لهدايةٍ لَهُمُ ومنهم أحجموا
بالمؤمنين هو الرحيمُ كما أتتْ = في الآيِ تُتْلَى والرؤوفُ بِهِمْ هُمُ
صلَّى عليه اللهُ ما اشتاقتْ له = نفسٌ ونافسَها إليهِ متَيَّمُ
أفدي لياليَّ الحِسانَ وقد بدا = فيها برؤيا لو تطولُ وتُنْعِمُ
وألفْتُها تلك الليالي عذْبةً = وبها النعيمُ الأحمديُّ الخِضرمُ (5)
ولقد شَهِدْتُ جمالَها وجلالَها = ولسانُ حالي يومَها يتكلمُ
(بين النسيج ) وبُردتي لمَّا تزلْ = تزهو بنفحاتِ الربيعِ وتبسمُ (6)
ولها الذِّمامُ أصونُه مادمتُ في = دنيا تروقُ لأهلِها أو تظلِمُ
لما تراءى نورُها رفَّتْ لها = روحي وخفَّت بالمتيَِّم صَّلدمُ (7)
ولها الحكاياتُ التي تروي هوىً = في وجهه الأيامُ لا تتجهمُ
هو حبُّ خيرِ الخلقِ مصباحُ الدُّجَى = مَن رامَ دفعَ الشَّرِّ يومًا عنهُمُ
هو بهجةُ الدنيا وزهوُ فخارِها = ولمؤمني الثَّقلينِ عهدٌ مُبرمُ
هفتِ القلوبُ تَجِدُّ في سعيٍ إلى = خيرِ البريَّةِ خطوُها لايحجمُ
فله المَعينُ العذْبُ يسقي ظامئًا = شَهْدًا فَعَانيهُمْ به لايُرغَمُ (8)
فيهبُّ لايخشى العدوَّ وقد بغى = فَنَجَادُه فيه الصَّقيلُ المِخْذَمُ (9)
وحباهُ نورُ المصطفى بعدَ العمى = وأنابَ فالبشرى له تتبسَّمُ
فعن الدنايا عافها يومَ اتَّقى = فَسَمَا برفعتِها الغيورُ القشعمُ (10)
هي دعوةُ الإسلامِ ينصرُها الفتى = بل يفتديها في الوغى لايندمُ
وانحازَ بعدَ ضلالِه لشريعةٍ = ولنصرِها يوم التَّلاقي يُسهمُ
هي شدوُه المحبوبُ في غدواتِه = وبفضلِها وسًمُوِّها يتكلمُ
أمَّا الحبيبُ وليس يُطوَى حبًّه = وبحبِّه قلبٌ به يترنَّمُ
أيامُه البيضُ الحِسانُ تلألأتْ = بسمائها أنوارُه والأنجمُ
أَلِفَ المغاني يومَ وافى طيبةً = حقًّا وفازَ بقربِه لايَزعُمُ
وله انبرى قلبٌ يُقَبِّلُ تربةً = طابتْ به وبفوحِها يتنعمُ
وعليه مولانا يصلِّي دائمًا = فله المكانةُ والمقامُ الأعظمُ
وبسورةِ الأحزابِ أنزلها وقد= علمَ الصلاةَ عليه مَن لا يعلمُ
خسئَ الذي يُؤذي النَّبِيَّ من العِدا = ويُرَدُّ مَن سخروا به والُّلوَّمُ
ما للسلوِّ مكانةٌ عن حبِّه = فاصدَعْ به فَمُحِبِّه لايندمُ
قرآنُ ربِّكِ قد أتاهُ مُنَجَّمًا = فيه الهُدَى وبه الحقائقُ تُعلَمُ
والسُّنَّةُ الغرَّاءُ سِفرُ نُبُوَّةٍ = يجني مآثرَ قطفِها مَن أسلموا
أغنَتْ مداركَهم رسالتُه فَمَنْ = رغبَ الصٌّدودَ هو الغبيُّ الأعجمُ
هي رحمةٌ للناسِ لو فَقِهَ الذي = أعمتْهُ جفوتُه فقلبٌ مظلمُ
فازَ الذي اتَّبعَ النَّبيَّ مُحَمَّدًا = وسِواهُ في وادي الضَّلالةِ يلطمُ
قلها لأعداءِ الشريعةِ إنَّهم = من يومِ غضبةِ ربَِّهم لن يَسلَموا
كم مجرم كم ظالم مستهترٍ = كم فاسدِ كم مفسدٍ لم يفهموا
الخزيُ في الدنيا وفي الأخرى لهم = نارٌ لشِّدَتِها سيُنْسَى الموسمُ
إذ فيه زينةُ غيِّهم وعُتُوِّهم = أمَّا التَّبارُ لمَن يضلُّ فَمُؤلِمُ
الوعدُ آتٍ ياطغاةَ فما لكم = من منقذٍ يوم القضا يتقدمُ
فابكوا إذا شئتُم غدًا وتوسلوا = هيهات بعد جحودِكم أن تُرحموا
أمَّا هُداةُ الركبِ مابين الورى = فمُصابرٌ أو صابرٌ ومُعَلِّمُ
عاشوا وما زالوا لدينِ نبيّهم = جندًا وخابَ مَن استبدَّ ويَنْهَمُ (11)
هو وحيُ ربِّ العرشِ في عليائه = وهو الصراطُ المستقيمُ الأقومُ
وبه النَّبيُّون الأفاضلُ بشَّروا = موسى وعيسى والخليلُ الأكرمُ
مَن قالَ إنَّ الدينَ لم يصلح فقد = ولَّى فذاك من الرجالِ مُذَمَّمُ
هو كافرٌ بحقيقةٍ تبًّا له = وهو الشَّقيُّ وإن درى والمجرمُ
غرَّتْ طغاةُ الأرضِ غطرسةُ الهوى = ومن الدروسِ اليومَ لم يتعلموا !
هاهم بديجور المتاهةِ أغلقوا = بابَ انبلاجِ نهارِهم وتَجَهَمُوا
لا والذي برأ الخلائقَ إنَّهم = للموبقاتِ وللضياعِ استسلموا
في العيش كم مكثوا وقد مرَّتْ سُدًى = وكساعةٍ هذي السنونَ عليهمُ
صفعَتْهُمُ الأقدارُ ما أبقتْ لهم = إلا الندامةَ ليتهم لم يعلموا
وجدوا بها خيباتِ زهوِ فجورِهم = فمآلُ مَن شاقوا النَّبيَّ جهنَّمُ
الذِّكرُ للمختارِ عالٍ في السما = والأرضِ رغمَ مَنِ اعتدوا وتهجموا
فحبيبُنا فخرٌ لأمتنا التي = في ظلِّ شرعتِه الأثيرةِ تغنمُ