**
**
**
**
فرجاً قريبا إخوتي فتصبروا إمهال ربِّك ليس بالإهمال
**
يَا مَن رأيتَ مشاهدَ الزلزالِ=و شهِدتَ قُدرةَ ربِّنا المُتَعَالي
تلك الحياةُ و كيف صارت فجأةً=كُتَلاً من الأنقاض تحت رمالِ
و البعض من فرط الذهول يظنّه=يومَ القيامةِ جاء بالأهوال
و البعض قام بِفَزْعَةٍ من نومه=أهي الحقيقةُ أم ظنونُ خيال
يتدافعون إلى النجاة بصرخةٍ=نادَوْا على أهلٍ لهم و عيال
تركوا هناك متاعَهم .. أموالَهم=و تخفَّفوا من سائر الأحمال
و الأمُّ ظنَّت في الوسادة طفلَها=تجري بها من فرط الاستعجال
و الكلّ يدعو " ربنا الطف بنا "=بلسان حالٍ أو لسان مقال
و البعض كان بغفلةٍ فيقول يا=ربّي فأنظرني لأصلِحَ حالي
والبعضُ قد حُبِسُوا بجَوْف مغارةٍ=تحت البناء بظلمة الأطلال
لا ماءَ أو بعضَ الطّعام يقوتُهم=لا أُنْسَ بالتلفاز و الجوّال
فتذكَروا غاراً يُسَدُّ بصخرةٍ=فُتِحَت بفضل سوابق الأعمال
و تذكَّروا في الحوت يونُسَ قد دعا=من بين ظُلُماتٍ و موجٍ عالِ
و تذكّروا فضل الصّلاة على النّبي=و الذكر و التسبيح دون كلال
فتضرعوا :" بك نستغيث إلهَنا "=صَدَقوا فما من دونه من والِ
و ترى النداء "تشهَّدوا"كي تضمنوا=حُسنَ الختام بأفضل الأعمال
من مات تحت الهدم نرجُو أنَّه=في جنّةٍ فيها المقام العالي
و رجال إنقاذٍ تُواصل ليلَها=بنهارِها في البحث كالأبطال
و يُكبِّرون إذا تكلّل سعيُهم=بنجاة نفسٍ من ركام رمال
و إذا نظرتَ لمن نجا فلقد نجا=للبرد و الأمطار و الأوحال
و الكلّ يحذر خائفاً فلربما=عادت هناك توابعُ الزلزال
و الكوخُ صار هو المُنَى أو خيمةٌ=تأوي النساءَ و شاردَ الأطفال
و يتيمة ٌ جاء الطبيبُ يزورُها=مدّت له يدها بغير سؤال
" بِدِّي حَدَا يِمسِكْ بإيدي " .. إنها=من غير عمٍّ هاهنا أو خال
و الأمّ تحت الهدم تذهب و الأخُ=من بعد أُنسٍ عامرٍ و دَلال
و الشيخ يطلب للصلاة وَضوءَه=تحت الصخور يمرُّ عبرَ حبال
و مصونةٌ تأبَى خروجا بعدما=قد مهَّدوا سُبُلاً و فتحَ مجال
قالت لهم أين الحجاب فأسرَعوا=بالبحث عن بعض الغطاءِ و شال
أو تلك تبكي يا تُرى كم فاتني=فرضٌ من الصلوات بضعَ ليالي
تلك المشاعر في القلوب كأنها=تحت الركام جواهرُ و لآلي
فاقصد بمشيك يا فتى و احرص على=فرض الصلاة و أدِّها في الحال
و اختر رفاقك صالحين تواضعا=لا تمشينَّ بمشية المختال
و دعي التبرج يا فتاةُ تمسَّكي=بحجابك في الحلّ و التّرحال
رحمات ربّكَ لا تغيب و إنما=بين البلاء عطاؤُه المُتتالي
فَتَحَاتُ جوفِ مغارة قد أمطرت=تروي العِطاش بمائها السلسال
و الطفل تَعْجَبُ كيف يخرج سالما=من تحت رملٍ سابغٍ و تلال
عيناه تبرق بالبراءة باسما=أو ساهما في رقّة و جمال
و الأم تمضي و الجنين ببطنها=ينجو و يخرج من ركام رمال
الله ربُّ العرش وحده عالمٌ=بالغيب و الأرزاق و الآجال
و ترى الصبيَّ يقول بعد نجاته=هذي إرادة ربنا المتعالي
قد قدَّر الله الوفاة لأسرتي=فلعلهم في جَنةٍ و ظلال
قد قدر الله و ما شاء فعلْ=و هو الرحيم عليه كلُّ تكالي
يُعطي لنا درس العقيدة و الرضا=و الصبرِ يضرب أروع الأمثال
تلك الزلازل أظهرت في أمة=المُختار خير تكاتفٍ و وصالً
هبَّت جموع المسلمين بهمةٍ=و بنجدةٍ لمناطق الزلزال
و قد اطمأنوا للولاة بتركيا=لأمانةٍ في الحفظ و الإيصال
كلٌّ يشارك حَسبَ طاقته و ما=بخلوا بجهدٍ عندهم أو مال
عُمَّالُ تنظيفٍ بمكةَ قد رَأَوْا=تُرْكاً أعدُّوا أهبةَ التِّرحال
جَمَعُوا لهم جهدَ المُقِلِّ مباركاً=قالوا لأحبابٍ لنا و أهالي
هذا قليلٌ من كثيرٍ كلُّها=قَصَصٌ من الآياتِ في الزلزال
لكن بعض شعوبنا حكامُها=طغيانُهم أنكى من الزلزال
يا إخوةً مِن خلف سورٍ حوصروا=بالقيد من ظلمٍ و من أغلال
في مشهد الزلزال أعظم آيةٍ=في لحظةٍ لتبدُّلِ الأحوال
لكن بعض الظالمين تبجحوا=و تبلدوا في خسة الأنذال
قد غرَّهم من يركنون إليهمو=مِن عصبة الصهيون و الجُهَّال
فعسى قريبا أن يُفَرَّجَ كربُنا=و يحين وقتُ تحقُّقِ الآمال
تلك الزلازل علَّمتنا أن نرى=الدنيا كدار تسارعٍ و زوال
طوبى لمن ردَّ المظالم مسرعا=ليبيتَ في أمنٍ و راحة بال
طوبى لمن أدَّى الصلاة لوقتها=سمع الأذان ملبياً في الحال
طوبي لمن دوما تصون حياءَها=و تستَّرت عن أعينٍ لرجال
زانت جمالا بالحياء فإنه=هو حسنُ زينتها و سرُّ جمال
طوبى لمن أدَّى الزكاة و زادها=و يبثُّ للمحتاج خيرَ نوال
طوبى لمن أخلاقه شهدت له=مِن جاره أو أهله و عيال
طوبى لمن أخذ العظاتِ و عبرةً=بتفكُّرٍ بمشاهد الزلزال
طوبى لمن ينوي يُزكِّي نفسه=بجميل فعلٍ أو كريمِ خصال
" كن مُستعِداً " نهجُنا و شعارُنا=متزودين بصالح الأعمال
يا ربَّنا إنا عبيدُك نجِّنا=إذ ما لنا من دونك من وال
رمضان أقبل أقبلوا و استبشروا=من ربِّكم بسوابغ الأفضال