فَلْتَكْتَحِلْ بوعودِ اللهِ أعينُنا
لنا بدينِ الهدى مجدٌ ومنزلةٌ = ودينُنا لم يزلْ للحقِّ عنوانا
ولم نَـرَ الخيرَ إلا في منازلِه = يرفُّ بالبِـرِّ في دنياهُ هتَّانا
وما لنا من شكاوى أو مكابدةٍ = فالعيشُ في ظلِّه يرعاهُ مولانا
ويقبلُ الناسُ والإسلامُ مقصدُهم = يضمُهم بكتابِ اللهِ إخوانا
لولا الطواغيتُ في الدنيا لما قطعوا = حبلَ التواصلِ إيمانا وإيقانا
هي الشعوبُ براها اللهُ : فطرتُها = صدقُ التعارفِ والإكراهُ ما كانا
والناسُ فطرتُهم ماماتَ منهجُها = فطيبُهم فيه يُزجي الودَّ مزدانا
لكنَّ حكَّامَهم أغرى نفوسَهُمُ = زيفُ الكراسي فعاشوا العمرَ عميانا
لم يرقبوا فيهُمُ إلاًّ ولا ذممًا = ولم يروا لكرامِ الناسِ شكرانا
وهاهمُ اليومَ قد عاثتْ مفاسدُهم = في الأرضِ شرًّا وبالأحقادِ إمعانا
واليوم يشكو من الآلامِ كوكبُنا = فحكمُهم ملأ البلدانَ نكرانا
كم من بلادٍ شكى أبناؤُها وجعًا = من حاكميها وسيفُ القهرِ مالانا
هـمُ الجناةُ وقد طالتْ أذيَّتُهم = على الشعوبِ فكانوا بئسَ غِربانا
وجوهُهم قترٌ والظلمُ جلَّلَها = أمَّـا السَّوادُ فوجهُ الشَّرِّ قد بانا
لحـاهُمُ اللهُ في دنيا وآخرةٍ = يلفونها يومَ حشرِ الناسِ نيرانا
ذاك المصيرُ جزاءُ الكفرِ أدركهم = فليس من توبةٍ فالغيُّ قـد رانا (1)
وجاءهم بالهدى والخير من قِدَمٍ = نبيُّنا المصطفى نورًات وبرهانا
ما أجمل الدِّينَ والأيامُ ظلَّلَها = قرآنُه فَما رأى الإنسانُ حرمانا
في ظلِّ دعوتِنا يفترُّ مبسمُها = فباتَ مَن قد وعى التبيانَ جذلانا
بيانُها العَذْبُ والترتيلُ أظهرَه = فسامعٌ آيـَهُ مازال جذلانا
وأمةُ الخيرِ تجني من مآثرِه = سعادةَ العمرِ إيثارًا وإحسانا
ربوعُها الخضرُ والأفنانُ مورقةٌ = وماؤُها العذبُ يروي الفيضُ ظمآنا
ونفحة من دروبِ الفتحِ تحملُها = بشرى لأهلِ الهدى في طيبِ نجوانا
ياحبَّذا الربواتُ الزُّهرُ غافيةً = وحبَّذا نسماتُ الفجرِ تلقانا
وحبذا القِممُ الشَّمَّاءُ شامخةً = وحبذا المجدُ يحيي زهوَ ذكرانا
وهذه الأرضُ للأمجادِ شاهدة = أما رأيتَ بسِفرِ المجدِ ركبانا
فإنهم سادةُ الدنيا بما وهبوا = لأهلِها معْ سلالِ الخيرِ ريحانا
من المدينةِ هـلَّ النُّورُ مؤتلقًا = فلم يدعْ لظلامِ الكفرِ أوثانا
واليوم نحيا وفي أحنائنا وهـجٌ = من الحنين الذي في السَّعيِ زكَّانا
فأمرعتْ بالهدى أشواقُنا وزهتْ = كأنما باتَ هذا الصَّدرُ بستانا
سبحان ربي وللأحداثِ وطأتُها = لكنَّه اللهُ ربي ليس ينسانا
ففي الكتابِ بشاراتٌ تحفزُنا = وموعدُ السُّنَّةِ الغراءِ قد حـانـا
وإن تطاولَ طغيانٌ فعاقبةٌ = فيها التبابُ لمَن بالحقدِ آذانا
فَلْتَكْتَحِلْ بوعودِ اللهِ أعينُنا = فأمرُه نافذٌ قـد جـلَّ مـولانا
سبحان ربي إذا ناداهُ ذو شجنٍ = لبَّـاهُ حقًّا وكان اللهُ معوانا
فالحمدُ للهِ لاتُحصَى له نِعَمٌ = وفضلُه لم يزلْ للناسِ ريَّانا
وللطغاةِ طغاةِ الأرضِ عاقبةٌ = ويومَها لايرى عبسًا وذبيانا
والمرجفون الذين القصرُ يجمعُهم = وبالنفاقِ بنوا للبغيِ بنيانا
لن تنفعَ الظالمَ المأفونَ جعجعةٌ = ولا النياشينُ أخوتْ حينما هانا (2)
ياغارة الله قد طالتْ رزيَّتُنا = وغوثك اليومَ في الشِّدِّات واسانا
هوامش :
- رانَ : في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم انه قال : ( إنَّ العبدَ إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه . فإن تاب منها صقل قلبه ، وإن زاد زادتْ ، فذلك قول الله ( كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون ) .
- جعجعة : في المثل الدارج : أسمع جعجعة ولا أرى طحنا ، وهو لكثير الكلام مع المنافقين الذين حوله ولكن درجته النهائية صفرٌ ...
وسوم: العدد 1029