فالمؤمنُ الفطنُ الحريصُ على الرضا = من ربِّه لـم يَعْنُ للبطلانِ
وبظلِّ روضِ الذِّكرِ ساعاتِ الدجى = ودعاءِ أهلِ الشوقِ والعرفانِ
المستعانُ الَّلهُ ذو الإحسانِ = وهـو المجيرُ البَـرُّ للهفانِ
وهوالذي يُرجَى لكلِّ مُلِمَّـةٍ = قـد أثقلتْ ظهرَ المصابِ العـاني
فإذا ادلهَمَّ الكربُ في آفاقِنا = والعصفُ قد وافى إلى الأذقانِ
واستنسرَ الطاغوتُ فوق ربوعِنا = وأناخَ بالبلوى على البلدانِ
ورأى ركونَ الناسِ في أوكارهم = بين الهمومِ بخيمةِ الأحـزانِ
فأشاع بالويلاتِ من إرهابه = واقتادَ أهـلَ شريعةِ الرحمنِ
إذْ ذاكَ نادى مَنْ تعلَّقَ بالذي = بـرأَ الوجودَ ، فَشِيْدَ بالأركانِ
فله التصرُّفُ بالوجودِ ومَن به = ولـه القضاءُ بدورة الحدثانِ
فَثِقَنْ بربِّكَ والْتَجِئْ لجنايِه = واسْألْهُ كشفَ الضُّرِّ والأشجانِ
وَتَوَكَلَنْ رغـم النوازلِ كلِّها = ثقـةً ــ بلا ريبٍ ــ على الديَّانِ
فالفتحُ والتوفيقُ من ربِّ الورى = فَأْتِ الكريمَ فلستَ بالخسرانِ
وبقوةِ الإيمانِ تلقى موئلا = ينجيكَ من وجلٍ ومن شنآنِ
وبثوبِ تقواك الذي مـا لاثه = ذنبٌ يشينُ طهارةَ الوجدانِ
ماعاثَ أهلُ الكفرِ في أيامنا = إلا لسوءِ الذنبِ والبهتانِ
وبهذه الأسواءِ في أخلاقِنا = والركضُ خلفَ عصابةِ الشيطانِ
وبهجرِنا ويل الذين استدبروا = ماجاءَ من سُنَنٍ ومن قرآنِ
ولنا من الرحمن بابٌ مشرعٌ = للتائبين بسائر الأحيانِ
فَادْعُ الذي يُنجي إذا اشتدَّ الأذى = واصبرْ ورُدَّ هواجسِ الخذلانِ
تاللهِ لايُخزي المهيمنُ أنفُسًا = جاءَتْه بالتوباتِ لا العصيانِ
واللهُ أرحمُ من أبٍ يحنو على = أبنائه ، واللهُ ذو شكرانِ
فاسرجْ يقينَك بالتوكلِ وارتحلْ = عن بيئةِ الأهواءِ والنقصانِ
وعِشِ التَّقيَّ وقُـمْ إلى محرابِ مَن = ألفوا لذيذَ الذكـرِ والرضوانِ
وعلى الإلهِ تَوَكَلَنْ إياك أنْ = ترضى بزيفِ سماجةَ الأخدانِ
فاثبتْ أمامَ عواصفِ البلوى وكن = لشدائدِ الأيامِ كالصَّوَّانِ
أَوَلَسْتَ من قومٍ تنادوا للهدى = واسترخصوا مهجًـا لهذا الشَّــانِ
سيماءُ واحدهم بنورِ جبينِه = في الوصفِ وصفِ العابدِ الرباني
يختارُ ربي الصَّالحين لفضلِه = فَتَرَاهُمُ في غبطةٍ و أمانِ
لمَن الفلاحُ من القديرِ إذا أتى = إن لم يكنْ لكتائبِ الإيمــانِ
في ظلِّ أروقةِ الهدايةِ شأنُهم = شأنُ الطيوفِ تلوحُ للأجفانِ
وترفُّ بشرى للهُداةِ بليلهم = مهما ادلهمَ الليلُ بالأحزانِ
لاينثني هذا الذي مـاردَّه = عن دينِه الإعصارُ في الأضغانِ
أولـم يكابدْ شرَّهـا لكنَّـه = يأبى الهوانَ ولم يعشْ كجبانِ
تدعوهُ أمتُه التي قد حوصرتْ =لِسَنامِ دينِ الله في الميدانِ
فلها العنايةُ لم تزل من ربِّها = ولهـا الخلاصُ من الفسادِ الجاني
ولها العواقبُ :فجرُها هلَّتْ به = أنوارُ ما للنصرِ من فرسانِ
ستعودُ رحمتُها إلى دنيا الورى = ويعودُ طيبُ العيشِ للإنسانِ
طالتْ معاناةٌ لها وتطاولت = أعناقُ أهلِ الحقدِ والروغانِ
وتبعثرَتْ أوراقُ عـزَّتِها فلم = يُجــدِ الوقوفُ بملعبِ الحرمانِ
مليارُ قلبٍ بل يزيدُ ولم يزلْ = يخشاهُ جمعُ عبادةِ الأوثانِ
فإذا بـه انتفضتْ دروبُ جهادِه = واهتـزَّ بالتكبيرِ كلُّ مكانِ
لعلمتَ أنَّ اللهَ جـلَّ جلالُه = أودى بقوةِ ذلك العدوانِ
والنصرُ من عندِ الإلهِ وليس من = حممٍ قذائفُها من الطيرانِ
الله أكبرُ يا أخي من كلِّ مـا = في كفِّ أهلِ البغيِ من سلطانِ
يستدركون من العلى مافاتهم = ولهم به شيءٌ من السلوانِ
لايُدركُ المجدُ المنيفُ بلا يـدٍ = تبني مدارجَـه بغيرِ تـوانِ
ويشدُّ بالإسلامِ أركانا له = إذْ باتَ منهدما بلا أركانِ
هيهات يجلو المجدَ في قِممٍ له = إلا بوثقَى المنهجِ الرباني
فابدأْ كما بدأ الأوائلُ بالتُّقى = وبِنَبْذِ ما للنفسِ من إذعانِ
واشحنْ فؤادَك بالمثاني بكرةً = وعشيَّةً فالخيرُ في القرآنِ
واللهِ لن تلقى المكانةَ أمَّـةٌ = هجرَتْ كتابَ اللهِ في البلدانِ
إنْ تنصرِ المولى فناصرُها الذي = قد أهلكَ الفرعونَ معْ هـامـانِ
وَلَئِنْ جَفَتْ هَدْيَ الحبيبِ مُحَمَّــدٍ =فمـآلُها لمذلَّــةٍ و هـوانِ
وعدوُّها مازالَ يعلمُ أنَّها = بالدِّينِ لو عادتْ وبالإيمـانِ
وبعزةِ الإسلامِ : جحفلُهـأ أتى = لرأيتَ ما لم قــد ترى العينانِ
أنــا لـم أزلْ واللهِ منتظرًا لهـا = يومًـا تدكُ معاقلَ الطغيانِ
وتعيدُ رايةَ مجدِهـا خفَّـاقةً = رغـم اعتدادِ الفرسِ والرومانِ
وتبشرُ الدنيا وأهلَ زمانِها = أنَّ الإخـاءَ رسالةُ الفرقانِ
فيها التراحمُ والتكافلُ والوفـا = ومآثرُ الأخلاقِ للركبانِ