قد قال (مرسي ) والعدوُّ قد اعتدى = يكفي (فغزَّةُ ) عزوتي وإخائي (1)
هوامش :
(1) عزوتي : عِزْوَة اسم معناه أهل الرجل ، وخاصته ممَّن يؤازرونه ، وينصرونه في الشدائد والملمات .
(2)المقسط : اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه العادل في حكمه، الجاعل لكل من عباده نصيبًا من خيره، الذي ينتصف للمظلوم من الظالم .
(3)الدعوة الشَّمَّاء : الدعوة العالية المرتفعة .
يامالكَ المُلْكِ اسْتَجِبْ لدعائي = وارفعْ ثقيلَ الهمِّ واللأواءِ
وأغثْ فؤادًا لاذَ في حصنِ الذي = يُرجى لكلِّ مصيبةٍ و بلاءِ
لكَ لا لغيرِك نرفعُ الشكوى وهل = من سامعٍ إلاَّكَ صوتَ رجائي !
وتضَرُّعي وتفجُّعي لمصابِنا = فالأُمَّةُ امْتُهِنَتْ من الأعداءِ
مَنْ ذا يجيبُ المؤمنَ المضطرَّ في = هذا المدى المسجورِ في الغبراءِ
ولأُمَّتي منه النصيبُ فجرحُها = دامٍ و وقدُ النَّارِ في الأحشاءِ
قتلى بنيها بالملايين ارتقوا = شهداءَ من ظلمٍ ومن بغضاءِ
بعراقنا والشَّام ذاقا مرَّها = وبمصرِ ياربي من السُّفهاءِ
وهناك في اليمن السعيدِ سعادةٌ = برضاكِ عنهم بعد كلِّ بلاءِ
والقوم في السودانِ هاهم ذُبِّحوا = بيدِ الوحوشِ وزمرةِ الغوغاءِ
وهنا دماءُ قد جرتْ فيَّاضةٌ = للآمنين الصِّيدِ في الأرجاءِ
أمَّا السجونُ فصفَّدتْ علماءَنا = والأمرُ للجَّلادِ والأهواءِ
بالقتلِ والتَّعذيبِ في ديجورِها = وإهانة وفضاضةِ السُّجناءِ
لم ندرِ مَن وارى هنا أحقادَه = فالثوبُ غطَّى صاحبَ الأسواءِ!
هل يعربيٌّ عاشَ مرتدًا بلا = دينٍ ولا رجلٍ قرينِ حياءِ !
أم أنَّ محتدَه تماهى جاهدًا = مع غيبةِ التَّأصيل في الخلطاءِ !
والبغيُ من صفةِ اللئامِ استنسروا = في غفلة الفرسانِ والشُّرفاءِ
والبطشُ من كفِّ الخؤون تجارةٌ = راجتْ بسوقِ عداوةِ الحنفاءِ
أصحابُ سُنَّةِ أحمد الهادي إلى = سبلِ الهدى والدعوةِ العصماءِ
باتوا أسارى في يدَيْ أهلِ الهوى = مَن لُقِّبُوا في العصرِ بالزُّعماءِ!
تبًّا لهم ما أبرموا أمرًا به = عزٌّ لأُمَّتِنا لدى الأعداءِ
فلأُمَّة المليارِ ذلُّ قيادةٍ = عمياء في ذي الحقبةِ العمياءِ
ومصابُها قد فتَّ في عضدي فلن = نرضى بغيرِ الزحفِ للهيجاءِ
فالذُّلُّ خيَّمَ والصَّهاينةُ انثنوا = عن تيه غطرسةٍ وعن خيلاءِ
هذا هو الإسلامُ لم يرضَ الونى = للأمَّةِ اختيرتْ لكلِّ علاءِ
بئستْ ليالي المجرمين استُهدفتْ = فيها صروحُ الشِّرعةِ الغرَّاءِ
عاثوا فسادًا فالملاهي دأبُهم = والفسقُ مِلَّتُهم بغيرِ غطاءِ
ولقد نسوا أن المهيمنَ لم يزلْ = للبغي بالمرصادِ في الآناءِ
هيهات ينجو ظالمٌ متغطرسٌ = خِبٌّ خبيثُ الطَّبعِ والآراءِ
من بطشِ جبَّارِ السماوات العلى = حاشاهُ أن ينسى يدَ الضعفاءِ!
وكأنَّ أنباءَ الذين تمرَّغوا = بترابِ أهلِ عقوبةِ القدماءِ
فرعون والقارون والهامان مَن = نالوا جزاءَ البغيِ والإيذاءِ
وكذلك النمرود أهلكه العمى = عن رؤية الآياتِ للعقلاءِ
ولقد طوتْ أقدارُ ربِّك مَن جنوا = شوكَ العنادِ لبارئ الأشياءِ
وبعصرنا هذا جرى فيمَن طغى = قدرُ انتقامِ اللهِ للفضلاءِ
هذا عذابُ المقسط القهارِ في = أيامهم وبها لهم سعيرُ شقاءِ(2)
لم يبقَ مُلكٌ للطغاةِ وإن هُمُ = لم يأبهوا بالدَّعوةِ الشَّمَّاءِ (3)
ياربَّ قد طال الأذى من ظلمهم = فالناسُ في كُرَبٍ وفي إعياءِ
أمَّا الطغاةُ المرجفون فأمعنوا = آذانُهم كالآلة الصَّمَّاءِ
قد سُدَّتِ الأبوابُ ياربي ولم = يعرفْ سواك الناسُ في الغبراءِ
ياحيُّ ياقيُّومٌ أدركْ أمَّتي = فلقد طمى ماكان من بلواءِ
فالقتلُ فيها والسجونُ مليئةٌ = بالصَّالحين ونخبةِ العلماءِ
فمَن الذي يحمي الضعافَ وأهلَهم = ويردُّ بأسَ تَعَنُّتِ الرؤساءِ
إنَّا لنبرأُ من فعائلهم ومن = إنجازِ زيفِ النهضةِ الخرساءِ!
ياربِّ أثلجْ بانتصارِ شعوبنا = نصرًا يزيلُ مرارةَ الإدجاءِ
إنَّا عبادُك ليس نعبدُ غيرَ مَن = قد أنزلَ القرآنَ للحنفاءِ
ومَن اصطفى خيرَ البريةِ هاديا = ومبشِّرًا بالسُّنَّةِ الغرَّاءِ